| |
أضواء مستقبل العراق (4) جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
التأييد المتواصل والمتسع لوثيقة مكة المكرمة التي وقّعها العلماء المسلمون السنّة والشيعة، يجعل من الوثيقة أكثر من (فتوى شرعية) ملزمة للمسلمين من أبناء سنّة وشيعة، لأنّها تضمنت أحكاماً معتمدة على نصوص قرآنية وأحاديث نبوية لا اجتهاد ولا اختلاف عليها، بل يردفها التأييد الدولي ويعطيها بُعداً سياسياً يلزم العراقيين المشتغلين بالشأن السياسي العام سواء الفريق الحاكم أو المنخرطين بالعملية السياسية الدائرة في العراق. وهكذا فإن استمرار العمليات الإرهابية وعميات القتل في المدن العراقية تُعدّ مخالفة شرعية وتجاوزاً سياسياً للأطراف العراقية المنخرطة في العملية السياسية، ويزداد إثم وتمرد الأحزاب المشكلة للحكومة العراقية الحالية.. فالاتهامات الموجهة للذين يمارسون القتل وينفذون العمليات الإرهابية تنحصر في التنظيمات العسكرية التابعة للأحزاب المشكلة للحكومة، فالمليشيات التي تنفذ عناصرها الأعمال الإرهابية والمستمرة حتى بعد توقيع اتفاقية مكة، تتبع ثلاثة أحزاب رئيسية: حزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يرأسه عبدالعزيز الحكيم، وحزب أو التيار الصدري الذي يتبعه جيش المهدي المسؤول عن أكثر عمليات القتل الليلي لأهل السنة، وأصبحوا لا يترددون في القيام بعمليات القتل في النهار بزعم الرد على عمليات التفجير والعمليات الانتحارية التي تنفذها منظمات أعضاؤها من أهل السنّة، وهذا ما حصل بعد عملية المحمودية وديالى، أما التنظيم العسكري الثالث فهم أتباع الحزب الإسلامي - السنّة - الذي اتهم أعضاؤه بأنهم مسؤولون عن عملية المحمودية الأخيرة، وهو ما نفاه الحزب، متهماً الحكومة بالتغطية على المليشيات التي قتلت ألف مسلم سنّي في المحمودية بدءاً باغتيال قائد الفوج العسكري الذي يحمي المدينة ثم قائمقام القضاء السفيان، وإن القوات الأمريكية تسهّل عمل المليشيات، مؤكدين بأنّ الأمريكيين يوجهون رسالة للعراقيين بأنّ من يقاوم الأمريكيين يسلط عليهم من أبناء جلدتهم من العراقيين لتصفيتهم، وأنّ عمليات القتل التي تستهدف أهل السنّة في المحمودية وديالى، يقابلها قتل موجه للشيعة بالسيارات المفخخة والانتحاريين الذين يجدون تسهيلات تسهّل عملهم حتى تستمر عمليات القتل المتبادل.. وكل هذا يعلمه قادة الأحزاب المشاركة في الحكومة العراقية الحالية التي لا تجد قدرة على مواجهة الأحزاب الرئيسية المشكلة للحكومة وقادتها الذين ينفذون أجندة خاصة بهم ولا يهمهم ما تتضمنه وثيقة مكة المكرمة ولا المخالفات الشرعية ولا التجاوزات الإنسانية التي يرتكبها أنصار هذه الأحزاب المكونة للمليشيات الطائفية.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|