حينما تصدر الوثيقة من أطهر بقاع الدنيا (مكة المكرمة)، وحينما تظهر عليها آثار مضيئة من أنور الكعبة المشرَّفة، وحينما تجتمع عليها أطراف مهمة تمثل معظم الشعب العراقي الذي يعاني ونعاني معه من آثار الحرب المدمرة، وحينما تحظى هذه الوثيقة بأشرف الأوقات وأعظمها (العشر الأواخر) من شهر رمضان المبارك، فإنَّ كل هذه المعطيات تجعل هذه الوثيقة ذات قيمة خاصة، وأثر خاص، وأهداف خاصة لا يناسبها إلا صدق النية من الأطراف المعنية للتطبيق على أرض الواقع في بلاد عزيزة علينا جميعاً أصبحت مسرحاً لتطهير عرقي جماعي، لا يقل قتلاه عن خمسين قتيلاً يومياً.
إن البقاع الطاهرة التي انطلقت منها هذه الوثيقة (المباركة إن شاء الله)، هي البقاع التي انطلقت منها الدعوة العالمية الجليلة إلى حقن الدماء وحماية الأنفس والأموال والأعراض، تلك الدعوة التي أطلقها أفضل الخلق محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.
وهي البقاع التي انطلق منها حلف الفضول قبل الإسلام، ذلك الحلف الذي عقد في دار (عبدالله بن جُدعان) وتضمن بنوداً واضحة لحقن الدماء، ونصرة المظلوم، ومواجهة الظالم وحماية أموال الناس وأعراضهم.
ومعنى ذلك أن (وثيقة مكة المكرمة) التي تم التوقيع عليها من علماء المسلمين السنة والشيعة في العراق، وأقروا ببنودها، تكتسب أهمية خاصة نرجو أن يكون لها أثرها الواضح في واقع الحياة في عراقنا الجريح.
إنها وثيقة تعنينا جميعاً لأنها تضمنت بنوداً عشرة ورد فيها النص الصريح على تحريم الدم المسلم وعلى الوقف الفوري لأعمال العنف التي يذهب ضحيتها العشرات من أبناء المسلمين في العراق يومياً. ويتم ذلك برعاية منظمة المؤتمر الإسلامي، ومجمع الفقه العالمي. والبنود العشرة التي تضمها هذه الوثيقة التاريخية المهمة بنود مهمة جداً لبلد مسلم عاث فيه المحتل فساداً، وزرع قنابل عنقودية من الفتن والخلافات في أرجائه، كانت نتيجتها مظاهر الهدم والدمار والقتل والترويع التي نراها كل يوم.
وثيقة مكة المكرمة تنص على ما يلي:
1- تأكيد حرمة أموال المسلمين ودمائهم وأعراضهم.
2- تأكيد ضرورة المحافظة على دور العبادة للمسلمين وغيرهم.
3- التمسك بالوحدة الوطنية الإسلامية.
4- توحيد صفوف السنة والشيعة من أجل استقلال العراق ووحدة ترابه.
5- البعد عن اطلاق الأوصاف المشينة على السنة والشيعة.
6- إيقاف الجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية كما يجري الآن لأن ذلك من الإفساد في الأرض.
7- الوحدة والتلاحم والتعاون على البر والتقوى.
8- التأكيد على أن المسلمين من السنة والشيعة عون للمظلوم ويد على الظالم.
9- التأكيد على مسؤولية الحكومة العراقية في القيام بواجبها في بسط الأمن وتوفير سبل الحياة الكريمة للجميع.
10- تأييد جميع الجهود والمبادرات الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في العراق عملاً بقوله تعالى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} و{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}.
وثيقة مهمة، وبنود مهمة، في مرحلة خطيرة جداً على العراق، وعلى المنطقة الإسلامية بكاملها.
اللهم حقق لنا ما نهفو إليه جميعاً من حقن دماء المسلمين في العراق، دعوة أطلقها خادم الحرمين -وفقه الله- ونحن نرددها ونقول جميعاً .. آمين.
إشارة: