| |
البوارح د. دلال بنت مخلد الحربي
|
|
المسلسلات التاريخية كما هو الحال في كل يوم يُستغلُّ رمضان هذا الشهر الكريم لعرض مسلسلات يُفترض أنها مستمدة من التاريخ الإسلامي، وأن الهدف منها تقديم صور مشرقة من تاريخ الأسلاف تؤثر في سلوكيات الجيل المعاصر وتنبّهه إلى ما قام به أولئك الأسلاف من دور إيجابي في رفع كلمة الله ونشر الإسلام وتكوين حضارة إنسانية عمّ خيرها البشرية جمعاء. ولكن الملاحظ أن هذه المسلسلات أصبحت مصدر إزعاج لكثير من متابعي التاريخ ولمن يدرك ما حمله في جانب منه من تشويه وتخريب لأسباب طائفية وشعوبية وعن جهل في بعض الأحيان؛ فهي تغلّب الجانب السلبي، وتستخرج الأحداث المختلف عليها، وتهوّل في تصوير بعض الأخطاء؛ مما يخرج العمل عن مساره التاريخي إلى مسارٍ هو قريب من القصة الخيالية. وفي مثل هذا العمل تناقض وتجاوز؛ إذ يُفترض أن يكون الحديث عن التاريخ موثَّقاً؛ تُجمع فيه الروايات وتُغربل وتُنخل ويُستبعد الضعيف منها الذي لا يستند إلى مرويات موثَّقة، ويبقى الصحيح. وليس في هذا الأمر صعوبة، فهذا منهج تاريخي معروف في الشرق والغرب، وليس الهدف منه تجميل الماضي وتحسينه، بل إيصال الحقيقة كما هي. إن الأمل أن تنتبه المحطات الفضائية إلى ما تسبّبه المسلسلات التاريخية من إشكال بين المشاهدين وما تؤثر من خلاله في سلوكيات النشء من أبناء العرب والمسلمين، ومن ثم فإن عليها أن تتريَّث في عرض هذه المسلسلات وتعمل على تحكيمها من خلال مؤرّخين ثقات، وهذا يعني أن المسلسل يجب أن يُعرض أو تُعرض فكرته قبل أن يُعرض بوقت كافٍ، ولا يقصد من هذا الاقتراح أن يأتي مسلسلاً مثالياً خالياً من النقد، ولكن لاستبعاد الافتراءات والروايات الضعيفة من هذه المسلسلات التي تمسّ شخصيات إسلامية مبجّلة، وهي جديرة بالتبجيل والاحترام، وليس من الحرية الطعن فيها بشكل من الأشكال أو مسخها وتشويهها. ولنقارن بين الأفلام الغربية الكبيرة، وعندها سندرك أن المسلسل التاريخي لا يُقدَّم للهو والتسلية وإشباع رغبة المشاهد، ولكنه يُقدَّم لترسيخ مسار التاريخ وتعميق الفهم بالشخصيات المؤثرة في تاريخ الإنسانية.
|
|
|
| |
|