| |
هذرلوجيا شيطان الجنازة سليمان الفليح
|
|
لن أسامح هذا الميت!! وأشار إلى جنازة معينة من ضمن الجنائز التي اصطفت أمام المصلين في المسجد قبيل الشروع في الصلاة عليها تمهيداً لنقلها إلى المقبرة!! فضجّ المسلمون بالحوقلة والبسملة والاستغفار أما هو فقد انتحى جانباً وهو يهمهم بلغة غير مفهومة. ولكي نفهم تلك الهمهمة وأسبابها بل وأسباب ما أقدم عليه من فعل (صاعق) دعونا نستعرض أولاً بعض الأفعال الشائنة والمواقف التي تستعصي على الفهم والتي يستغل أصحابها أصعب الظروف لاقتراف ما لا يقبله العقل والضمير والوجدان والأخلاق والأعراف. فتصوروا مثلاً رجلاً يرابط في الحرم وهو يرتدي ملابس الإحرام لسرقة محافظ المعتمرين الذين قد لا يجد بعضهم (أجرة) العودة إلى أوطانهم حينما تطير منهم تلك الحافظة بيد (قذرة) لا تعرف الحرام من الحلال ولا تفرق بين الفقير والغني أو الغريب أو القريب. وهذه نماذج عديمة الإيمان والذمة والدين كثيراً ما تمارس هذا الدور الانتهازي البشع في أطهر بقعة في الكون وفي بيت الله الحرام ولعل آخر هذه النماذج الرديئة (لص الحرم) الذي ألقى رجال الأمن الأشاوس القبض عليه مؤخراً في بدء العشر الأواخر من رمضان ليلقى العقاب الذي نأمل أن يكون بقدر جرائمه البشعة في أطهر وأقدس مكان في الكون. * * * ولعل النموذج الأسوأ في الانتهازية هو ذلك اللص الذي يرابط في المقابر ليقفز كلما أتت جنازة ليسهم مع المشيعين بحجة البحث عن الأجر والثواب ثم يندس بين المشيعين الذين يحملون الجنازة لينشل محافظهم من جيوبهم أثناء انشغال أيديهم بحمل الجثمان وانشغال عقولهم بالحزن والتفكر والعبرة. أما الأسوأ من هذا وذاك فهو صاحبنا الذي أشرنا إليه في بدء المقال والذي صرخ أمام المصلين على الموتى بأنه لن يسامح ذاك الميت. وحينما دعاه المصلون إلى المسامحة والإباحة قال لهم إن صاحب هذا الجثمان قد نصب علي بمبلغ 15 ألف ريال (وقد رجوته كثيراً أن يعطيني حقي إلى يوم أمس وقد ذكرته بالموت والآخرة ولكنه قال لي بالأمس: لا تسامحني إذا مت قبلك وها هو أيها المسلمون جنازة أمامكم اليوم. لذلك لن أسامحه) وشبالطبع توجه بعض الخيرين إلى الرجل الذي أصر على موقفه فجمع أحد الصالحين من الجمهور المبلغ المطلوب وسدده عن الرجل المتوفى وهنا قال المطالب: حسناً ها إنني أسامحه ولكنني حلفت ألا أصلي على جنازته، فتركه القوم وشأنه. وصلوا على الموتى فحمل كل ذوي جنازة الجنازة التي تخصهم وساروا إلى المقبرة بينما بقيت الجنازة المعنيّة وحدها في المسجد بانتظار من يأتي إليها ولكن حينما لم يأت أحد إليها قام أحد عمال النظافة في المسجد وكشف عن وجه الجنازة فإذا بها عبارة عن (وسادة من قطن) ملفوفة بعباءة لا أكثر. وهنا تذكر العامل حكاية الرجل الذي لم يسامح الجنازة (القطنية) وأيقن أنه مجرد نصاب محترف فكّر فيما لا يفكر فيه حتى الشيطان.
|
|
|
| |
|