| |
هذا الموظف... قنبلة موقوتة!! د.صالح بن سليمان الرشيد (*)
|
|
في الحياة أسوأ شعور ممكن أن يحسه الإنسان هو الشعور بالظلم، وكذلك في الحياة الوظيفية فإن أسوأ شعور ممكن أن ينتاب موظفاً في العمل هو شعوره بالظلم، والموظف الذي يشعر بالظلم ستجده في الغالب يؤدي عمله بفتور واضح، علاقته بالآخرين يشوبها التوتر وعدم الانسجام، يثير مشكلات مبررة وغير مبررة، والأكثر من ذلك أن هذا الموظف من الممكن أن يتحول إلى إنسان عدواني لا يتردد في إلحاق الأذى بمن ظلموه وإذا لم يستطع فرغ شحنة الغضب المكبوتة في صدره جراء شعوره بالظلم نحو تخريب ممتلكات المؤسسة أو الإساءة إلى عملائها. بالفعل الموظف المظلوم هو قنبلة موقوتة في أية مؤسسة؛ وما أكثر القنابل الموقوتة في مؤسساتنا العربية. للأسف الشديد فإن الشكوى من الظلم تسود كثيراً من مؤسساتنا في العالم العربي سواء كانت خاصة أو رسمية، ولا أبالغ إذا قلت إنه في كل مؤسسة عربية تقريباً هناك على الأقل موظف يشعر بعدم العدل وهناك مدير يمارس الظلم بأكثر من شكل وأسلوب. الظلم الذي يمكن أن يقع داخل المؤسسة قد يكون في عدم العدل بين ما يقدّمه الموظف من إنجازات وبين ما يحصل عليه من مكافآت، أو في شعور الموظف بالتفرقة في طريقة التعامل وأسلوب التوجيه بينه وبين الآخرين أو من خلال حجب المعلومات والمعرفة عن البعض وتقديمها للبعض الآخر. الإدارة قد تمارس الظلم في طريقة اختيار الموظفين بحيث يتم الاختيار على أساس غير عادل أو في طريقة التعيين بحيث يعيّن الموظف الجديد على مستوى أقل ممن هو مثله في المؤسسة. أما أكثر أنواع الظلم ممارسة وألماً فهو ما يحصل في كثير من المؤسسات عند تقدير الترقيات والعلاوات وتحديد الأولوية لمن، وكذلك عند القيام بعملية تقييم أداء الموظفين أو توزيع المهام والواجبات عليهم، حيث تغيب فضيلة العدل ويكون معيار التفضيل والسخاء قائماً على معيار من تعرف في المؤسسة وليس ماذا تعرف ومن قدمك هنا وليس ماذا قدمت هنا. قد يصدر الظلم من الإدارة عن قصد، والمثال على ذلك الإدارة التي تطبق مبدأ العنصرية في العمل، فتحابي موظفاً على حساب موظف نتيجة لعوامل مرتبطة بالأصل أو الجنس أو اللون.. إلخ. وقد ينتج الظلم عن عدم دراية بأصول وأساسيات الإدارة. فالمدير الذي يرتكب هذا الخطأ لا يرى أنه يظلم، فهو يرى طبقاً لرؤية معينة يقتنع بها أنه يعطي من يستحق الذي يستحقه، ولكن نتيجة لعدم وجود معايير موضوعية في قياس الأداء نجد أن فئة من المديرين تفرّق بين الموظفين في الحقوق والواجبات، هناك موظفون يقومون بعملهم كما ينبغي ويحصلون على أقل مما يستحقونه، وهناك موظفون لا يؤدون بنفس الطريقة ويحصلون على نفس الحقوق، وهناك موظفون محملون بواجبات إضافية لا يأخذون مقابل عليها.. إلخ. المؤسسة التي يسودها الظلم سوف يشيع فيها الإهمال والتساهل وسوف ينخفض ولاء الموظفين لها ويفقدون الثقة بإدارتها وسوف تعاني من تدهور الخدمة المقدمة للعميل ومن تدني الشعور بالرضا لدى الموظفين وكثرة غيابهم وارتفاع معدل تركهم للعمل. عزيزي المدير في أية شركة أو مؤسسة، تذكر دائماً الآية القرآنية التي تقول: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً}، وتذكّر أيضاً الحديث الشريف الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (إن الظلم ظلمات يوم القيامة)، فالدين الإسلامي يحث دائماً على العدالة وعدم إضاعة الحقوق. الأمر الثاني يجب أن يكون لديك دائماً معايير واضحة ومحددة وقابلة للقياس تستطيع من خلالها أن تقيّم أداء الموظفين، وقبل ذلك يجب أن تكون مدركاً تماماً للتوصيف الوظيفي الخاص بمرؤوسيك حتى تتمكن من معرفة واجبات كل شخص وحقوقه، إذا قدَّم لك موظف شكوى من ظلم وقع عليه يجب أن تعطي الشكوى جلَّ اهتمامك، يجب أن تبحث هل الموظف محق في شكواه أم لا؟ إذا كان محقاً أرجع له حقه فوراً وبدون تردد، وإذا كان ليس له حق أوضح له الأمور بالأدلة والبراهين. عزيزي المدير إذا كانت العدالة هي أساس الحكم، فمن الطبيعي أن تكون العدالة هي أساس الإدارة.
(*)أستاذ إدارة الأعمال والتسويق المشارك SSALRASHEED@HOTMAIL.COM
|
|
|
| |
|