| |
د. النجيمي يرد على ابن بخيت: لا تكِلْ بمكيالين فتأخذ من (الديمقراطية الغربية) ما تريد وترفضها عندما تصطدم بأفكارك وأطروحاتك
|
|
قرأت في صحيفة الجزيرة يوم الاثنين10رمضان 1427هـ مقالاً للأخ عبدالله بن بخيت بعنوان (تعليقا على بيان الدكتور النجيمي). بداية أقول: إن وصف مقالي بالبيان الشامل من قبل الأخ عبدالله فيه نوع من المبالغة (وكل إنسان ينظر للآخر بعين طبعه). ولا أدري كيف اكتشف الأستاذ عبدالله في ردي على الأخ قينان أن ذلك كان وسيلة وذريعة لإصدار بيان ولكنني أعتقد أن السبب لا علاقة له بكل تخرصات وظنون الأستاذ عبدالله. ثم بدأ الكاتب ينزل العبارات كما يشاء فهو يقول: (لا يبدو أن الدكتور أسوة بكثير من المنشغلين بالدفاع عن الصحوة يسوءهم إدانة محاكم التفتيش وعصور الظلام الأوروبية). لا أفهم لماذا تفسر أية إشارة إلى تلك العصور كإشارة إليهم وأن ينظر إلى أي تقدير للعلماء الغربيين الذين قوضوا الظلام مثل جاليليو على أنه إدانة لعلمائهم. الحقيقة لا أحد يعلم لماذا رهنوا مستقبلهم بأقصى درجات الوراء الإنساني. أقول: لا يسوءنا إدانة محاكم التفتيش وعصور الظلام الأوروبية ولكن يسوءنا أن تصفوا القائمين بأمر الدين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بمحاكم التفتيش، أما كون العلماء الغربيين في مجال العلوم الطبيعية والطب قد أسهموا في خدمة الإنسان فهذا أمر محمود ونحن نشيد به ونؤيده ونستفيد منه وأنت تعلم أن كثيرا ممن تصفهم بالصحويين منهم عدد كبير أطباء ومهندسون وفنيون وكثير من المنتسبين إلى الكليات العلمية من المتدينين والملتزمين لكن الذي يسوءنا أن يتقدم العفن الغربي في مجالات الفكر والثقافة ويروج له بعض الكتاب وكأن التقدم لا يكون إلا بإلغاء الهيئات وتقليص المواد الشرعية فهذا ما لا نوافق عليه ولا نقره. ثم إن في قولك (هو إدانة لعلمائهم) إشارة واضحة إلى أن علماء الدين هم علماؤنا لا علماؤكم فكأنكم من كوكب آخر، ثم أوردت عبارة (رهنوا مستقبلهم بأقصى درجات الوراء الإنساني) وهذا يؤكده ما قلته وأقوله الآن وغدا وبعد غد: إن بعض الكتاب عندنا لهم خلفيات ثقافية متأثرة بالقوميين العرب والبعثيين والاشتراكيين والناصريين لكن لما اندحرت هذه الأفكار وتغلب عليها المتدينون أو من تسميهم بالصحويين لم يجد هؤلاء الكتاب بداً من (التأمرك) أو بمعنى أدق أن يصفوا أنفسهم بالليبراليين والتنويريين وهذه عبارات وردت في تقرير مؤسسة (راند) فهي تصف التيار الليبرالي بالتنويري وتصف الإسلاميين أو الاتجاه الإسلامي بأنهم رجعيون وتقليديون وجامدون. أما قولك: (كنت أتمنى لو أن الدكتور وظف تعليمه الأكاديمي الذي أوصله إلى شهادة الدكتوراه في كتابة وتنسيق هذا المقال، حتى يسهل فهمه واستيعابه، لكنني مضطر إلى أن أخوض في فوضاه أنتزع ما يخصني من هذا البازار الفكري). أقول: (لست مهتماً بنقدك لسببين أحدهما: أنك لا تُعرف بالعلم والبلاغة وحسن الأسلوب حتى أستفيد منك، أما قولك: إن الدراسة التي أجراها قسم التوجيه المعنوي بالحرس الوطني لا تهمك، لكن القضية هي الزج بإحدى أهم وأخطر المؤسسات الوطنية في قضية ثقافية وأن مهمة القوات المسلحة في أي بلد في العالم يبقى دائما على الحياد وليس لها أي دور سوى حماية الوطن والدفاع عن مكتسباته الوطنية سواء كانت مكتسبات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية). أقول: إذا كانت هذه الدراسة لا تهمك - كما تزعم - فلماذا تعرضت لها ووصفتها؟! ثم إنك تتناقض فقد قلت: (إن من مهام القوات المسلحة الدفاع عن المكتسبات الثقافية) وأظنك تقصد الثقافية بمعناها الواسع ومنها الدين والأعراف التي لا تتعارض مع الدين. أو ليس من مهام القوات المسلحة في أي بلد في العالم أن تحافظ على مكتسبات الشعب الدينية وتشارك فيها وإلا فقل إن مهمة القوات المسلحة هي الحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي فقط؟! ما هذا التناقض؟! من مهام القوات المسلحة المحافظة على المكتسبات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية ف4قط. هذا فهم قاصر! ثم إنك قلت: (إن الصحويين يسيطرون على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراكز الدعوة). لعلك تعلم أن رئيس الهيئات يعين بأمر ملكي وأن وكيله يعين بقرار من مجلس الوزراء وأن وزارة الشؤون الإسلامية تشرف على المراكز الدعوية وتديرها والوزير معين بأمر ملكي ووكلاؤه بقرارات من مجلس الوزراء لا بأوامر صحوية - كما تزعم - علماً أن تفسيرك للصحويين فضفاض وهُلامي فكل من خالفكم صحوي وهو إخواني ورجعي ورهن مستقبله بأقصى درجات الوراء الإنساني. أما كلامك عن (عبارة الاستقواء بالحاكم) فأقول: إنك كالذي يقول: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} وكالذي يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ}. فقد اجتزأت من عبارتي ما يوافق هواك ولو أنك أضفت عبارتي وهي (وأنى يكون هذا في بلدنا) لاتضح المقصود والمراد ولما احتجت إلى الكلام عن الأنظمة الثورية العسكرية البغيضة. إن ما يريده البعض من إلغاء وتهميش المؤسسات الشرعية قد أصبح من الماضي، لأن ولاة الأمر قد حسموا هذا الموضوع وقالوا: إن من أسس الدولة الإسلامية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنه لا تنازل عن الثوابت مهما كان. أما قولك: (إذا لم أستنصر بالحاكم تُرى أأستنصر بمن بالحزب أم بالتكتلات السياسية أم بالتجمعات السرية في الاستراحات والمراكز الدعوية والصيفية؟) أقول: استنصر بالحاكم في بلدنا ولا ضير عليكم، وأنا أؤيدك في أن الانتصار ليس بالحزب وليس بالتكتلات السياسية ولا بالتجمعات السرية في الاستراحات. أما قولك: (عندما يطالب بعض كتاب الصحوة ودعاتها بإيقاف الكتاب التنويريين عن الكتابة، بحجة أن هذه الكتابات هي من الأسباب التي أدت إلى اندلاع أو تفاقم الأعمال الإرهابية هو في الواقع تهديد مبطن واستقواء بقوى التضجير ضد توجهات الدولة ومطالبة صريحة بالإذعان لرغبات الإرهابيين). أقول: نعم دعا العلماء والدعاة والغيورون إلى إيقاف بعض الكتاب المُسمين بالتنويريين عن الكتابة، لأن بعضهم يتكلم في ثوابت الدين وفي مسائل شرعية لا يجيدها فأحدهم يقول: (إن العبارات التي تثير الآخرين كالجهاد والولاء والبراء ينبغي أن تُحذف) وليس المشايخ وطلبة العلم الشرعي وحدهم الذين انتقدوا هذه الممارسات فها هو الأخ الفاضل عبدالله العجلان كتب في صحيفة (الجزيرة) في زاويته المعروفة (عذاريب) عنواناً (طاش الإفلاس) قال فيه: (لم يخفق (طاش ما طاش) هذه المرة في أدائه الدرامي والفني فحسب وإنما وقع في أخطاء فادحة وخطيرة وغير لائقة في تطاوله على الدين وتجاوزه الحدود ومسِّ الثوابت والأسس والمبادئ أكثر من أن تكون موجهة نحو الممارسات الفردية أو الجماعية الخاطئة). ثم يواصل كلامه بقوله: (مناقشة الفكر الإرهابي لا تأتي عن طريق العبث بنصوص ومعتقدات دينية أكبر وأشرف من أن تكون مثاراً للإضحاك والسخرية، كما أن كارثة الأسهم من الممكن أن تقدم بقالب كوميدي بعيداً عن ارتكاب حماقة الاستهزاء بصلاة الاستخارة) إلى أن قال: (هناك بلدان عربية وإسلامية أكثر منا تجربة وانفتاحا لديها من الممارسات الخاطئة في هذا الشأن أسوأ مما لدينا ومع ذلك لا تستطيع في برامجها ومسلسلاتها وأفلامها تناول الأمور الدينية بنفس حدة وتطاول (طاش ما طاش)). وكذلك الأخ خالد صالح السيف كتب مقالاً في صحيفة (الوطن) يوم الاثنين10-9-1427هـ بعنوان (العنف الدرامي وآليات المسخ والتزييف.. (طاش) أنموذجا) ومما قال فيه: (بقدر ما وجدنا أنفسنا - أي والله - نطل على شاشة لا تحسن سوى أن تعرض لنا عملا كاريكاتوريا يفتقد حتى أبجديات الرؤية التلفزيونية التي ربما يتوافر عليها طلاب المراكز الصيفية حتى فيما ظل (طاش) يراوح مكانه الكاريكاتوري العابث دون أن يبرحه مُنحصراً ضمن نظرة ضيقة استباقية منحشرة في زوايا انتقائية جائرة ليس فيها من المعالجة الدرامية (الرسالية) لا سيما الإيغال المؤسف حدة في العمل المحفز لخلق مناخات متشنجة ترشح أيما أحد لصناعة ردّة فعل مضادة بالضرورة سيكون أشد رعونة وأعنف ممارسة كأنما غاية هذه الممارسة (الطاشية) أن تصب الزيت على عود ثقاب بالكاد سعى المخلصون لإطفاء جذوته أو أنهم قاربوا على ذلك) فهل هؤلاء صحويون - كما تزعم - أم أنهم كتاب مخلصون لدينهم وأمتهم وولاة أمرهم؟ أما قولك: (إن رغبة الناس وأساليب عيشهم لا يقررها استفتاء أو دراسة) فإذا لم يقررها الاستفتاء والدراسة فدعها لأهل الحل والعقد من الأمراء والعلماء فقد أثبت الواقع أن الأكثرية لا تؤيد قيادة المرأة للسيارة على الأقل في الوقت الحالي ولا يجوز للأقلية أن تتحكم في الأكثرية وهذا منهج شرعي وقانوني معروف عالمياً فلا يمكن لحزب في البلدان التي تمارس الحزبية حصل على الأقلية أن يجبر الأكثرية على تبني أطروحاته وآرائه لكنني أستغرب كيف تكيلون بمكيالين فتأخذون بالديمقراطية الغربية فيما تريدون وترفضونها عندما تصطدم مع أفكاركم وأطروحاتكم؟ لا أدري لماذا التهرب من الاحتكام إلى الشعوب عندما يشتد النزاع في مسألة من المسائل التي تؤثر على رغبات ووسائل عيش الناس؟ لعل السبب الرئيس والمركزي هو علمكم المتيقن أن النتيجة ستأتي بعكس ما تريدون.
د. محمد بن يحيى بن حسن النجيمي
|
|
|
| |
|