* مكة المكرمة - الجزيرة:
أكد الشيخ عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام أن اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - لجائزة خدمة القرآن والسنة قد أثلج صدور الجميع.
وقال في كلمة بهذه المناسبة: الحمد لله، قيض لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- رجالاً أفذاذا، فكانوا لها حماةً وملاذا، وخير من يذود عنها طراقاً كانوا أو شذاذا، وأصلي وأسلم على نبينا محمد صلاة طيبة دائمة الاتصال، وعلى آله وصحبه أولي البراعات والنصال، أما بعد:
فلشدَّما غمرنا السرور، وكسانا بمطارفه السنية الابتهاج والحبور، بأن وضع الميزان القسط في نصابه، والمشرفي في قرابه، والأسد الهصور في غابه، وذلك باختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه، وأسعده بتقواه - لنيل الجائزة التقديرية العالمية لخدمة السنة النبوية الشريفة، لهذا العام الميمون، عام (1427هـ) وما كان ذلك بدعاً في حق من اتخذها منهجه ونبراسه، ودليله في قيادته وحكمه وأساسه، بعد كتاب الله العزيز، متبصراً بسيرة أبيه الأبي الماجد - طيب الله ثراه - وسيراً على سنن إخوانه الصيد - رحمهم الله - انطلاقاً من ثوابت هذه البلاد، وتمسكاً بمنهجها المتميز، ومنظومتها المتألقة إلى أن صار بهذين الوحيين المباركين، حق الولاة مبجلا، وعقد الرعية - بحمد الله ومنته - منتظماً محجلا، وساد الأمن، وعم الاطمئنان أرجاء البلاد، وغدت بلاد الحرمين بتحكيمها السنة ونصرتها لها شامة الأوطان ودرة البلدان، وما هذا التكريم الذي جل قدره، وعظم فخره، إلا لما يوليه خادم الحرمين الشريفين - لا زالت نعم الله عليه هامرة، ومحبة الأمة له غامرة - للسنة النبوية من فائق دعمه واهتمامه، واستعصامه بها وائتمامه، وتقريرها في أقسام الكليات، والمعاهد والجامعات، ونشر مصادرها الأصيلة، ومراجعها المعاصرة الأثيلة، والذود في كل المحافل الدولية، عن جانب صاحبها خير البرية - عليه أفضل صلاة وأزكى تحية - ولله در القائل:
هذا وللمستمسكين بسنة المختار |
إلى أخذ الحديث ومحكم القرآن |
بذي الآراء إذ أغناهم الوحيان |
وإن هذا التكريم لهو إعزاز لمكانة السنة العطرة، وإعلاء لشأنها من جهة، وإبهاج للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من جهة أخرى، أن كرّم الشغف بالسنة النبوية ولهيف العناية بها، في حامل لوائها، وناشر - في الخافقين - سنائها، ولعمر الله إنها لمكرمة قد ضاع عرفها، وما ضاع عرفها.
يا من يريد نجاته يوم الحساب |
اتبع رسول الله في الأقوال وال |
والقول معه منه إليك ذو تبيان |
إن هذا التكريم لهو دعوة للعالم أجمع، للوقوف على سراجها الوهاج، الذي هدى البشرية، وأنقذها - بإذن الله - من الظلمات إلى النور، وهو دعوة للمسلمين كي يستمسكوا بها، فهي العصمة من المحن، والنجاة من الفتن، وما ضل من ضل إلا بالإعراض عنها،
فما بالهم في حالك الظلمات |
ويتمثلوها في جميع حياتهم، ويلقنها أكرم الآباء أنجب الأبناء.
وإن المحب ليثمن - إن أسعف الحال - ويقدر لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، تأسيسه لهذه الجائزة العظيمة، التي لا تقدر بنوال، ويعجز الأبنياء البلغاء عن وصف مآثرها ومآلاتها التي لا ينقطع ودق أجرها في سح وانهمال، كيف وهو - لا حرم السنة نصرته - من الرجال الذين يقومون بالأعباء، دون كللٍ أو عناء، خصوصاً في عصرنا الراهن، عصر النيل من المقدسات، والنيل من الجناب المحمدي، والمقام المصطفوي، في رسوم ساخرة، وأقلام حاقدة، وعصر الزوابع والرعود، في وجه السنة المنصورة بإذن الله.
سائلين المولى - عز وجل - أن يبارك في عمره، وأن يجزيه خير الجزاء، وأن يجعل ما قدم للسنة الشريفة في ميزان حسناته يوم القيامة.
وإذ نزف التهاني الموصولة سير السواني، لخادم الحرمين الشريفين بهذه المناسبة التاريخية الغراء، لنشكر لجنة التحكيم الموفقة على هذا الاختيار المسدد، فجزاهم الله خير الجزاء، وأحسن مثوبتهم.
وإلى قائد البلاد، ونطاسي الحزم والرشاد، والحكمة والسداد: قابل الله بالقبول صيامكم، وبعظيم المثوبة تهجدكم وقيامكم، وبوركت هذه الجائزة السنية، وشرفت بكم ولتهنأ هذه المكرمة بقبولكم، والله يحفظكم ويرعاكم، ويسدد على طريق الخير خطاكم، وولي عهدكم الأمين، وأسعد الله الجميع في هذا الشهر، ووفّانا فيه وإياكم أجزل المثوبة والأجر. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|