| |
مذكرات عانس (1)
|
|
مديرة لمكتب، قسمات وجهها تبدو صارمة، تعاملها جاف مع الناس حتى أنه لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها، تتعامل بصورة حرفية، هكذا حدثتني صديقتها وزميلتها في المكتب. رأيتها، لقد تخطت السادسة والثلاثين بقليل، حاولت أن أتوغل قليلا لسبر أغوار هذه المرأة. ضحكت، وبدأت تحكي لي عن حياتها الخاصة، ناولتني بعض الأوراق التي كتبت فيها مذكراتها، ولكنني فضلت أن تحكي بنفسها. قالت: اسمع يا سيدي أنا أخت لثلاثة، ولدان وبنت، أنا الثانية بعد شقيقي الأكبر، والدنا يعمل مزارعا، عندما أكملت دراستي الجامعية، كان همي رفع مستوى الأسرة المعيشي، إخواني اكتفوا بالشهادة الثانوية، وهم الآن موظفون على قدر حالهم. المهم يا سيدي، أنا راضية بحياتي، لكن الناس لا يتركونني في حالي، لم أتزوج، إنها قسمتي في هذه الحياة الدنيا، لا يهمني عدم الزواج، ولا يسيطر على تفكيري، ولكن ماذا أفعل للذين يحيطون بي. نعم أحمل لقب (عانس)، وقد يكون هذا اللقب قاتلا بالنسبة لبنات جنسي، ولكن ليس لي. ما يحز في نفسي، انشغال أسرتي عني، والدي دائما على سفر لمزرعته في الشمال، بينما والدتي مع شقيقتي المتزوجة، وإخواني مشغولون بزوجاتهم، على الرغم من أننا نسكن في منزل واحد. عندما كنت صغيرة، كنت أتضايق من الأسئلة المتكررة: أين كنت؟ بينما الآن أبحث عنها، لا يفقدني أحد في غرفتي، مع العلم أنني أنا التي اشتريت لهم هذا المنزل في العاصمة بعد أن أتينا من القرية، لا يهمني هذا كثيرا، أسمع ضحكات أشقائي مع زوجاتهم وأبناؤهم يلعبون، دائما أتمنى لهم حياة سعيدة، لا أخفي عليك، لقد حدثت مشكلات كثيرة مع زوجات أشقائي، لم أكن سببا فيها، أو قد تطغى شخصية الأنثى بداخلي أحيانا. تلاحقني النظرات في المنزل والشارع، قد تعني العار وأحيانا الشفقة والعطف. أريد أن أحدث كل الناس، عدم الزواج ليس مشكلة، نعم قد تشعر المرأة أنها جالسة في (ظل القمر)، لا أحد يلتفت إليها، لكن أشياء كثيرة قد تعوض عن ذلك مثل العلم والعمل؛ لأن المرأة قد يكون ليس في قسمتها أن تتزوج. سألتها عن رأيها أن الزواج إشباع للغريزة؟! ردت بسرعة وقالت: إن الحيوان له نفس الغريزة، ولكن الله سبحانه وتعالى منحنا العقل لتهذيب هذه الغرائز، بل أحيانا باستطاعتنا قتلها. (ونواصل)
ألطاف إبراهيم - السودان
|
|
|
| |
|