في الحقيقة أحزنني وأحزن الكثير من الرياضيين في المملكة ما أصاب الأندية السعودية مؤخراً من هبوط في المستوى على الصعيد الخارجي, وبطبيعة الحال كان المنتظر والمأمول أكبر من قِبل هذه الأندية لكي تبرهن مدى تفوّق الكرة السعودية واحتكارها للبطولات القارية والخليجية كما هو الحاصل في أغلب الأعوام السابقة, وبلا شك فالانحدار في المستوى بكل تأكيد نابع من عدة أسباب قد يكون من ضمنها تطور مستوى الأندية في الخليج والقارة بشكل عام ولكن في المقابل ومن واقع ما يحدث فإنني أرى أن هناك أسباباً أخرى أدت إلى هبوط مستوى أنديتنا المحلية وبالتالي تفوّق الأندية الخليجية والآسيوية عموماً على أنديتنا، وبالتالي التنازل عن الاحتكار المتعوّد عليه في البطولات القارية والخليجية, وقد يكون تداخل المسابقات وعشوائية جدول الدوري أدى لهذا الهبوط, وكذلك المباريات العديدة التي تلعبها الأندية بدون لاعبيها الدوليين وهذا ما حدث في الموسم الماضي وكان هناك كثير من الأندية التي تضررت بهذا على اعتبار أن أغلب لاعبي المنتخب يمثِّلون أندية معينة وهذه الأندية هي التي كانت لها مشاركات خارجية, فعلى سبيل المثال نجد أن نادي الهلال قد خسر بطولة قارية في الموسم الماضي وبطولة خليجية هذا الموسم, وفي كلتا البطولتين كانت أغلب مبارياته بدون لاعبيه الدوليين الذين كانوا في معسكرات استعدادية، وحتى لو رجع هؤلاء اللاعبون تجدهم مرهقين وفاقدين للانسجام مع زملائهم نتيجة هذه المعسكرات. أما ما يخص نظام المسابقات المحلية فنجد أنها تسير بنظام عشوائي وغريب, فلم نعد نعرف مباراة الدوري من مباراة الكأس, فتداخل المسابقات كان له الأثر السلبي على الأندية وحتى على المتابعين الرياضيين, ومن عدة مواسم ونحن نطمح بوجود التنسيق المناسب لمثل هذا الشيء ولكن وللأسف التطور مفقود كما يرى الجميع, وعموماً لا يخفى على الجميع أنظمة بعض الاتحادات الأوروبية، ففي الدوري الإنجليزي مثلاً نجد أن هناك يومين رسميين غالباً لمباريات الدوري وهي السبت والأحد, أما مباريات الكأس فتكون في الأغلب الأربعاء والخميس وبشكل غير متواصل مما يعطي الأندية فرصة للتفرغ والتخطيط لكلتا المسابقتين، وكذلك هذا يعطي المشاهدين التنسيق والتفريق بين المسابقات, وكذلك نجد أن هناك فترة توقف لجميع الأندية في حال وجود مباريات قارية وهي تصفيات بطولة أمم أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبي أو خلال مشاركة المنتخبات في أي بطولة, فما أروع هذا التنسيق الرائع الذي أضفى الكثير من المتعة لهذه الدوريات,حتى نحن كمتابعين عرب وخليجيين نعلم عن مواعيد المباريات، وفيما تخص سواء الكأس أو الدوري لهذه الفرق الأوروبية أكثر مما نعرف عن تصفياتنا المحلية المليئة بالعشوائية التي تقتل متعتها, فما المانع من أن يكون هناك أنظمة مشابهة لأنظمة هذه الدول الأوروبية, فيكون هناك مثلاً يومان أو ثلاثة أيام محددة تقام فيها مباريات الدوري وأيام أخرى تحدد لمباريات الكأس, وكذلك لماذا يتم عمل المعسكرات الطويلة في المنتخب من أجل مباريات عادية, فبرأيي أن اللاعب في ناديه يكون ملتزماً بالتمارين اللياقية والبدنية, أي أن فترة أسبوع كافية للاستعداد لمباريات المنتخب, ولكن أليس من المستغرب أن يتم عمل معسكر لمدة شهر كامل لأجل ملاقاة المنتخب الهندي قبل عدة أشهر, لماذا وصلنا لهذه الدرجة من عدم الثقة في أنديتنا وأنها لا توفر الأجواء التدريبية المناسبة للاعب التي يجدها في المنتخب.أنا لا أريد في الحقيقة أن أطيل في موضوع كهذا، فالكلام كان وافياً حوله والنتائج كانت عكس ما كان يريده النقاد والرياضيون بشكل عام الذين آلمهم هذا الوضع الذي وصل بنا إلى أن تقدمنا خطوات للوراء بدلاً أن تكون هذه الخطوات للأمام, والنتيجة كما رآها الجميع, خروج الهلال من تصفيات آسيا الموسم الماضي والبطولة الخليجية التي نظّمها هذا الموسم وخروج الاتحاد من البطولة الخليجية بنتيجة تكاد تكون فضيحة لهذا النادي الكبير من أمام نادي الكرامة السوري قوامها أربعة أهداف دون مقابل, وبكل تأكيد لن تغيب عني وعن الجميع الفضيحة التي هزَّت أركان بطل الموسم الماضي نادي الشباب بخروجه من تصفيات آسيا بما مقداره سبعة أهداف كانت حصيلة مباراتي الذهاب والإياب مع نادي بولسان الكوري, وكذلك لا أنسى قلعة الكؤوس نادي الأهلي, وأتمنى أن لا يكون الدور القادم على النصر في مشواره الخليجي, هذه عدة نماذج من النكسات المخيبة للآمال التي تعرضت لها بعض الأندية السعودية.والسؤال الذي أود طرحه هنا: هل نحن فعلاً نبحث عن التطور, الإجابة مقارنة بالجهود الضعيفة للجان الاتحاد السعودي نجد أنها سلبية, وأتمنى أن لا يكون هناك غضب من كلماتي هذه من قِبل بعض النقاد أو مسؤولي لجان الاتحاد السعودي، فأنا لا أريد أن تكون هذه الجرأة في الطرح لمثل هذا الموضوع كدعاية جذب لهذا المقال ولكن في الجانب الآخر قد يقول لي قائل إن التفاؤل مطلوب ولكن الجهد أيضاً لفعل الأسباب مطلوب وبدون جهود وتخطيط لن نصل إلى ما نريده من تطور, وعلى دروب المحبة والسلام نلتقي بإذن الله. طارق الحميد /ناقد رياضي
|