| |
كان أميراً بحق بقلم: خالد المالك
|
|
حزنت لوفاته.. ومن ذا الذي لم يحزنه خبر وفاة الأمير سعد بن خالد.. بل متى يشعر المرء بالأسى إن لم يشعر به اليوم أمام فاجعة وفاة هذا الأمير الشهم. *** إذ ما أعظمه من رجل.. فقد كان يتحلَّى من الصفات والخصال بما لا تجدها إلا في عدد قليل ونادر من الرجال.. تواضع لا يتصنَّعه.. وابتسامة لا تفارق محيَّاه.. تواصل دائم مع جيرانه ومريديه وأصدقائه.. وسؤال مستمر عن أحوال الناس وهمومهم ومتطلباتهم. *** كان ذا خلق بحق.. واستقامة.. ودين؛ ملتزم في أداء العبادات.. وقلب ينبض بالحب والتقدير لكل الناس. *** لم أره يوماً مكفهر الوجه.. أو عابساً.. أو منصرفاً - ذهنياً - عن الإصغاء لأحاديث زائريه.. أو أن مجلسه كان من غير حياة بأن يسوده الصمت أو يجلّله رغبة الحضور بعدم الكلام بفعل ما يُسمَّى بالحياء. *** وبقدر ما كان لي من حظوظ سواء في زياراتي المتقطعة لسموه في منزله.. أو حين التقيه مصادفة في مكان عام.. بقدر ما كان هذا الرجل يكبر من يوم لآخر في ذهني وعقلي ونظري.. فهو فكه وصاحب نكتة.. وتعليقاته مؤنسة ومريحة للنفس.. وهو يحسسك باحترامه لك، بما يشعرك دائماً بالخجل أمام تواضعه وأريحيته وسمو أخلاقه. *** سئل ذات يوم: لماذا لا تترك بمواصفاته المتواضعة في هذا الحي القديم من أحياء الرياض، وتنتقل إلى حي من أحياء الرياض الجديدة مثلما فعل غيرك، حيث سعة الشوارع وحسن التخطيط وجمال المباني؟! فما كان منه إلا وأن سارع إلى القول: كيف لي أن أترك جيراني وفيهم كبير السن والصديق، حيث أجد سعادتي في لقائهم بالمسجد أو في البيت، إني مقيم في حي عليشة طالما بقي لي من عمر في هذه الحياة. *** كان الفقيد ودوداً.. وعاطفياً.. ونصيراً للمظلوم، وداعماً للمحتاج.. وشفاعته لدى المسؤولين لمن يحتاج إليها جاهزة عنده، ومستجابة لدى من توجه إليهم.. وظل هكذا إلى أن مات. *** لا أذكر أنه جمعني به مجلس أو صادفته في مناسبة، إلا وكان حديث الراحل الكبير عن سيدي الوالد -رحمه الله- عذباً ومنصفاً وحميمياً، وبما ينم عن حب وتقدير ووفاء لا يعبر عنه ولا يتفوه به في مجلس عام إلا ذوو النفوس الرضية والهمم العالية، وقد كان سعد بن خالد بين أولئك وفي مقدمتهم. *** وإذ أرثيه مع من سيرثيه بهذه الكلمات المتواضعة.. وأؤبنه ضمن من مسَّه الحزن - وهم كُثر - على رحيل هذا الرجل البار بوطنه ومواطنيه.. فإنما أعزي بذلك كل من كان يرى في سعد بن خالد ذلك الرجل النموذج والمواطن الصالح، والإنسان الذي ما عُرِف عنه في سلوكه وتعامله إلا الخير والحب ودماثة الخلق والتواضع والنبل الذي لا يبارى فيه. فله الرحمة.. ولأهله ولنا جميعاً حسن العزاء.
|
|
|
| |
|