| |
في استطلاع قامت به (الجزيرة ) لماذا لا يكون شهر رمضان طوال العام؟
|
|
* الرياض - محمد المناع: عندما يحل شهر رمضان الكريم يحتل مكانة خاصة في نفوس المسلمين، لما في هذا الشهر من الخير والعطاء، فيأتي فيجد مكانه في القرية والمدينة معاً، يتسارع فيه المسلمون إلى بذل الخير، فيصبح ميداناً للتنافس في أعمال الخير، حيث يحرصون المسلمون في هذا الشهر على أداء العبادات، وصلة الأرحام، والشعور بالفقراء والإحساس بهم، وحسن التعامل، والتخلق بأخلاق الإسلام من صدق وأمانة وكظم للغيظ، وبعد عن الغيبة والنميمة، فتمتلئ المساجد بالمسلمين وتلمح بهاء الطاعة ونور الإيمان على الوجوه، غير أن كثيراً من مظاهر هذا الخير - للأسف - تتوارى بعد انقضاء شهر رمضان الكريم، فيعود الناس إلى سالف عهدهم في التعامل مع الحياة بمعطياتها والتقصير في العبادات، وتختفي مظاهر مواساة الفقير، كأن الفقير لا يُفطن أنه من الأحياء إلا في شهر رمضان، وتنصهر كثيراً الحدود الفاصلة بين المسلم والذنوب، فيصبح اقتراف الذنب سهلاً بسيطاً ومحبباً في بعض الحالات، فأين هو رمضان من السنة؟ هل هو شهر أم هو العام كله؟ (الجزيرة) قامت باستطلاع ميداني لتبرز فيه أهم مظاهر الخير في رمضان، والعقبات التي تعترض استمرارها، وكيفية التغلب عليها لنجعل من العام كله رمضان حتى ولو في بعض الأمور الضرورية.. حيث تتنوع مظاهر الخير والبر التي يحرص المسلمون، فيقول عبد العزيز المفرج: إن مظاهر الخير التي يحرص عليها الناس في رمضان تتركز على محورين أساسيين؛ أولهما: العبادة التي تأخذ شكلاً خاصّاً في رمضان، فيحرص الناس على صلاة القيام كل ليلة، وختم القرآن الكريم أكثر من مرة، أما المحور الثاني فهو السلوكيات والمعاملات حيث يحب الناس المشاركة في أعمال الخير تجاه الفقراء، بالإضافة إلى صلة الأرحام من خلال زيارة الأقارب ودعوتهم إلى إفطار جماعي وهو من السمات البارزة في هذا الشهر الفضيل، بالإضافة إلى أداء العبادات. من جهته يقول سعد اليحيى: إن من أبرز الأنشطة الخيرية التي يقوم بها الناس في رمضان هي إخراج زكاة المال؛ لأن بيوت الفقراء تكون في هذا الشهر محتاجة إلى المساعدة أكثر من غيره في السنة حيث يتسنى للناس في هذا الشهر الفضيل تنفيس كربة إخواننا المسلمين الفقراء مادياً وليس دينياً، وتأتي ضمن أطر تصريف الزكاة في مصارفها الشرعية لمستحقيها، وبخاصة في شهر رمضان الكريم حيث يصبح البحث عن الثواب الأكبر في إخراج الزكاة والحسنات مضاعفة في هذا الشهر الفضيل. بينما يرى ناصر التركي أن هناك زيادة في منسوب الإيمان في رمضان، وزيادة فعل الخيرات من خلال المسارعة إلى زرع الخير دون انتظار لرده، فتصبح الطاعة محببة إلى النفوس في أي شيء؛ لذلك نجد إقبالاً على المساهمة في تفطير الصائمين وبخاصة الأجانب الذين يتكبدون العمل طوال النهار ولا يجدون من يعمل لهم وجبة الإفطار بعد أن ينتهوا من عملهم، فوجبات الإفطار ومشروعات تفطير الصائمين تصبح الأقرب إلى قلوبهم وأنفسهم لما يحسوه في هذا العمل من إحساس أخوي تجاههم زرعه لهم أشقاؤهم في هذا الوطن الخير، فلماذا لا تكون مثل تلك الوجبات طوال العام؟ فالمملكة العربية السعودية عرف عن أهلها ومسؤوليها الخير الكثير.. فلنطعم فقراءنا بالزكوات وعمل الحسنات تجاههم، فالإحساس بالآخر هو الأساس في فعل الخير. بينما تحدث لنا عبد العزيز المفرج أن كثيراً من الجمعيات الخيرية الرسمية يحرصون على جمع الصدقات المادية والعينية لمساعدة المحتاجين، والتواصي مع الآخرين على فعل الخير، وتنظيم المسابقات الدينية لهم، وعمل بعض المنشورات التي تبين فضل هذا الشهر والمعاني الحقيقية للصيام وأفضال هذا الشهر. ويقول بدر عبد الرحمن إن أبرز الأشياء التي يقوم بها في شهر رمضان الكريم هو الاختلاء بالنفس، وذلك من خلال كثرة الجلوس في المسجد من بعد صلاة الفجر حتى الشروق، واعتكاف العشر الأواخر وصلة الأرحام، ومقاطعة برامج التلفاز نهائياً، وكظم الغيظ، وضبط النفس والإكثار من عمل الخير من خلال التبرع للجمعيات الخيرية وتقديم بعض قطع القماش للمحتاجين من فقراء الحي؛ لأن في ذلك مساعدة على عدم كسر خواطرهم أثناء أيام العيد وإعطاؤهم شعوراً بالمساواة مع غيرهم، فتصبح ملامح العيد بالنسبة إليهم كغيرهم. السؤال الذي يفرض نفسه بعد انتهاء شهر رمضان، هو: لماذا لا نستمر في فعل أعمالنا الخيرة والإنسانية حتى بعد انتهاء شهر رمضان رغم أننا استطعنا أن نواظب عليها شهراً كاملاً؟يقول سعد اليحيى: لا أستمر في العبادات بالمستوى نفسه بعد رمضان بسبب الانشغال بالعمل، كما أن وقت العمل في رمضان يكون أقل من الأيام الأخرى بعد رمضان، مما يعطي فرصة للعبادة وهذا لا يتوافر بعد رمضان. ويؤكد ناصر التركي أن لشهر رمضان روحاً معينة تدفع الناس إلى فعل الخيرات، غير أن هذه الشحنة تتفرغ بعد رمضان والأصل في المسلم أنه دائم الشحن والتفريغ، فالحالة الروحانية والبيئة المحيطة وروحانيات رمضان تغيب، ولعل هذا هو سبب قلة وضعف مظاهر الخير بعد رمضان.. كما أن الانشغال بالحياة يقفز على الروح المتوثبة التي كانت في رمضان. أما بدر عبدالرحمن، فيرى أن السبب هو كثرة الانشغالات واللهث وراء متطلبات الحياة، كما أن انتهاء الجو الإيماني المحفز على فعل الخير في رمضان هو السبب الحقيقي وراء ضعف مظاهر الخير بعد رمضان، إضافة إلى ضيق الوقت وضعف العزيمة. ويُرجع السببَ عبد العزيز المفرج إلى أن السبب في عدم الاستمرار على وتيرة العمل الصالح كما هو الحال في شهر رمضان لما يتمتع به هذا الشهر الفضيل من خصوصية، ففضله من الناحية الدينية والروحانية كبير، واستدل بما جاء في كتاب (مختصر منهاج القاصدين) عن شهر رمضان، فهو قهر لعدو الله؛ لأنه وسيلة لكبت الشهوات وإشباع لتقوى الشهوات بالأكل والشرب، وما دامت أرض الشهوات مخصبة، فالشياطين يترددون إلى ذلك المرعى، وبترك الشهوات تضيق عليهم المسالك، وأكد أنه لا يشغل نفسه في رمضان إلا بالعبادة فيعطيها الصيام متسعاً من الوقت يمكنها من قراءة القرآن أكثر من مرة ولا يتوافر ذلك - للأسف - بعد رمضان.
|
|
|
| |
|