مستعجل
دخول الشهر..
عبد الرحمن سعد السماري

من الموضوعات التي طُرحت ونُوقشت منذ بداية الشهر.. قضية ثبوت دخول الشهر.. وما دار من حوارات وكتابات.. بعضها بأقلام كتاب وصحفيين.. وبعضها بأقلام مفكرين.. وبعضها لطلبة علم وعلماء.. إذ إن هناك تساؤلاً من هؤلاء: كيف تمّ إثبات دخول الشهر.. مع أن الفلكيين قالوا: إنه يستحيل فلكياً دخول الشهر يوم السبت.. وأنه كان هناك برنامج تلفزيوني لحظة إعلان البيان.. وكان على الهواء مباشرة.. يستضيف عالماً فلكياً كان يتحدث عن استحالة مشاهدة الهلال (الليلة).. ليلة السبت.. حتى فوجئ الجميع بإعلان دخول الشهر تلك الليلة.
هؤلاء.. قالوا إنهم فوجئوا بهذا الإعلان.. وبما ثبت على رغم استحالة ذلك علمياً.. على حدّ زعمهم.
والحقيقة التي كنا نتابعها.. أن الفلكيين أو الحسابيين أو المعنيين بهذا الشأن.. كانوا على خلاف.. ولم يكن كلامهم واحداً؛ إذ إن بعضهم قال: يستحيل.. وبعضهم قال: بل ممكن.. أو إنه بالفعل سيكون.. وهذه كتابات نُشرت في الصحف.. فالمسألة كانت خلافية بينهم.. هل يمكن ثبوته أو لا يمكن.. والكتابات.. كانت منشورة والكل قرأها.. إذ لم يكن هناك إجماع قاطع.. بل كانت المسألة على خلاف بين الفلكيين أنفسهم.. وإن كان أكثرهم يقول: يستحيل.. فالمسألة مسألة خلاف.
هذا من جانب.. وهو جانب مهم.. أما المسألة الثانية.. فإننا منذ عرفنا الدنيا.. وما نقرأه عن سلفنا.. أنه بمجرد وجود شهود يحضرون ويقولون: (شفنا الهلال).. فإن ذلك يكون دليلاً ثابتاً وقاطعاً على دخول الشهر.. متى استوفت شروط الشهادة شرعاً.. وهذا.. أمر مُناط بالقاضي وبمجلس القضاء.. وقد جاءهم عدة شهود قالوا: شاهدنا الهلال هذه الليلة.
نعم.. شهود عدّة شاهدوا الهلال تلك الليلة.. وتقدّموا للمحكمة وأثبتوا شهادتهم.. فماذا نتوقع من المحكمة وقد جاءها الشهود؟
وماذا نتوقع من مجلس القضاء.. وقد جاءه هذا الإثبات الدقيق بشهادة شهود؟
هل يرفض كل ذلك ويصرف النظر عن الشهادة والشهود ويقول: إن بعض الفلكيين يقولون: إنه يستحيل فلكياً دخول الشهر.. ثم يطردهم القاضي؟
القاضي.. ومجلس القضاء.. طبّقوا شرع الله.. الذي نعرفه منذ قرون ونحتكم له ونلتزم به وبما ورد فيه: (صوموا لرؤيته.. وأفطروا لرؤيته).. وقد جاء من قال: رأيته.. ولم يكن واحداً أو اثنين أو ثلاثة.. بل كانوا أكثر من ذلك.
المسألة.. مسألة شرعية..
الصوم.. جاءت به شريعة الإسلام.. ونحن نصوم لأنه ركن من أركان الإسلام كما جاء في القرآن والسنّة.. وشريعة الإسلام.. بيَّنت لنا كيف ومتى نصوم بالضبط.. وكيف يتم إثبات دخول الشهر بالضبط..
والمسلمون طوال (15) قرناً.. لم يكن فيهم من احتجّ على الطريقة أو رفضها.. لأنها جزء من الشريعة.. وجزء من الدين.. ولأن فيها نصوصاً شرعية واضحة لا لبس فيها ولا غموض.
ما مصلحة الشهود أن يشهدوا أنهم رأوا الهلال وهم لم يروه؟
وما مصلحة القاضي.. أو مجلس القضاء في إثبات شيء غير صحيح؟
ليتنا.. نترك الأمور الشرعية لأهلها..
ليتنا نتركها للفقهاء..