| |
لما هو آت بيني وبينها...! د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
سمعتها طفلة يانعة تصوم قبل أن يُفرض عليها الصوم لماذا يكثر أبوها من الدعاء ويخشع في الطلب وهو رجلٌ قويٌّ يمكنه أن يعمل وأن يجتهد وأن يتحمَّل؟... راق لي حوارها ومنطقها فأجلستها بجواري أماحكها الكلام حتى قالت الذي قالت... سألتها إنْ كانت تعرف بين أن يكون المخلوق أضعف من الخالق وبالتالي أحوج إليه؟ فقالت: لأنّه لو كان قويّاً لقدر أن يخلق نفسه.... قلت: لا لأنّه مهما تصاعدت قوَّته فهو بشر، والبشر صغيرتي مخلوقون لا خالقين، ألا ترينهم على هيئة جسميَّة واحدة؟ هذه الهيئة تدلُّ على أنّ هناك من تخيَّرها لهم ... وهم كذلك مخلوقون على قدرة عقليَّة مهما تفاوتت في إمكاناتها كما تتفاوت تقاطيع البشر في أشكالهم إلاّ أنّها في الأصول تتشابه، فجميع الخلق لهم رؤوس بها أعين وأنوف وأفواه ولهم أقدام وأيدٍ وآذان كذلك لهم عقول تتفاوت لكنّها تجتمع على أنّها ليست تصل لدرجة غير التي قدَّرها الله تعالى لهم من المدارك المحدودة مهما برعوا وتفوَّقوا... لذا فالبشر مخلوقون ولهم حدود معيَّنة في القدرة على التصريف.... فهم لا يملكون لأنفسهم حولاً ولا قوّة... إلاّ في حدود تلك الحدود التي ترتبط بأعمالهم التي يحاسبهم بها الله تعالى لأنّهم يملكون القدرة عليها، تلك القدرة التي أتاحها لهم الله في طبيعتهم وفي إمكاناتهم بل في خلقتهم التي اختارها الله تعالى لهم وأوجدهم عليها.... فالأمور كلها بيد الله تعالى لذا..... يا صغيرتي، فإنّهم يلجأون إليه بالدعاء، فهو ذو الشأن العظيم الفعَّال لما يريد، هو من يخلق وهو بالتالي من يرزق ومن يعافي ومن يحفظ ومن يبارك ومن يميت ومن يشفي ومن يعصم ومن يهدي، فالبشر معقودة أمورهم بارتباطهم بالله إيماناً به تعالى ولجوءاً إليه، فهو الذي ييسِّر لهم ويحقِّق حاجاتهم باستجابته تعالى لدعائهم فإنْ أهملوا الدعاء فإنّهم يجفون أنفسهم لأنّهم لا يسعون لخيرها بالاستزادة من طلب الله تعالى.. قلت لها عندما تريدين أن تشتري شيئاً ألا تطلبين أباك وتلحِّين في الطلب؟ قالت بلى، قلت يا صغيرتي لله المثل الأعلى فالطلب منه فهو الأقدر الأقوى الأغنى هو لخلقه كما أباك لك... وأنت لله كما أباك له وكلنا خلقه خلقنا لنعبده وجعل الدعاء وسيلة قربى ودليل عبودية لا يعبأ بنا تعالى دون أن ندعوه مؤمنين أن ليس لنا باب سوى بابه، فلا نوكل أمورنا لغيرنا ولا لأنفسنا، بل علينا العمل مع الدعاء لييسِّر الله لنا سبل العمل ويحقِّق لنا جميل ومفيد نتائجه سواء كان العمل لدنيانا فنعيش في راحة أو لآخرتنا فنموت في رضاء.... أجمل الذي حدث أنّ الصبية تفكّرت وتقلّب وجهها في التفكير ثم نهضت بصمت لسجّادة الصلاة وأقبلت على الله تدعوه فيما سألته أن ينبتها نباتاً حسناً ويهديها ويثبتها..........آمين.
|
|
|
| |
|