| |
لما هو آتً اليوم معكِ... د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
كلَّما هممت أن يكون حديثنا خاصاً طرقت نافذتي يمامات يهدلن شجواً يسترقن السمع سرقة مباحة... فأعودُ أبلُغ بكِ مسامعهنَّ... بالأمس فقد بعض أعزائي أباً وأماً... وفي مسجد الرّاجحي حيث الصَّلاة تقام على الذين يغادروننا بصمت... كنتُ معهم ومعكِ... تتدحرج الدموع بصمت وتكتظُّ الحلوق بالدّعاء المبحوح... تذكرتكِ نوَّارة يوم غادرتِنا في صمتٍ فاكتظَّت بعدك الكلمات في مخارج الرُّوح وما فرغت حتى اللحظة... تخيَّلتني أقفز بين لحاء الكفن والجسد الممتد من خلف الجدار لآتي إليك معهما... الطريقة الوحيدة التي أشقُّ بها سديم الأرض وأعبر التراب إليك... أعلم أنَّ روح المؤمنين من الأموات تلتقي... ولأنَّكِ كنتِ توحِّدينه تعالى ولا يفتر لسانك من الذِّكر فقد أيقنت أنكِ ستكونين روحاً تلتقي بتلكما الرَّاكضتين إلى ربِّهما راضيتين مرضيَّتين بإذنه تعالى... لكن هيهات أن أبلغ متاهات الخيال وأتجاوز حدود المحال... تلمَّست صدري حيث أدري بعلمي اليسير أنَّ خلفه قلباً... وأشعر بأنَّه ينبض... ولي دراية المخلوقة بأنَّه مكمن الإيمان ومقرُّ الحبيب... فقد وجدتكِ هنا تتحرَّكين معي... ضممت يدي إلى صدري شعرت بكِ هنا بجواري بينما صديقاتي لا يزلن في حرقة الفقد الرَّطب... اقتربت منهنَّ أمسح دموعهنَّ فيما قلبي يدعو أن يصبِّرهنَّ وأن يصيِّرهنَّ لما صيَّرني إليه... فقد الوالدين أقسى أنواع الفقد يا نوَّارة... لكنَّه أبلغه في توطيد الإيمان وفي بسط الجسر إلى الرَّحمن... وأعمقه وصولاً إلى الذّات الخاصَّة داخل تجويفة الصدر... حيث اللقاء الذي لا أبواب له ولا مواعيد... ولا من يتسلّل بين النَّبضة به... والأخرى إلا الله وحده... هنا في لحظة الموت والفراق والوداع تكمن الرّوح في كفِّ المواجهة لحقيقة هي أسطع من النور... وأقرب للإدراك في حالة أن يكون في العمق مستقر للرِّضاء بقضاء الله وقدره... وإلا فإنَّ أقسى ما يفقد الإنسان والديه... لكِ الرحمة نوَّارة في الجنات العليا... كما هي ولوالدة صديقتي الدكتورة بسمة الطيار والعزيزة زين وأخي الدكتور سلطان الطيار وإخوانهم. كما هي لوالد صديقاتي مها ونوف ولولوة السديري وأخي الدكتور سلمان السديري وإخوانه... عسى الله أن يجعلكم جميعكم في كنف رحمته وواسع جنانه وكريم منازله... وينزل السكينة على الفاقدين... آمين.
|
|
|
| |
|