تعرف البلاد برجالاتها، وعرفت جازان بحجاب بن يحيى الحازمي وأمثاله.
وكانت بداياته الأدبية في مجالات الشعر والقصة القصيرة والمقالة تضع جازان على الخارطة الحديثة للأدب السعودي منذ وقت مبكر.
ثم شارك في قيادة جازان ثقافةً وأدباً نحو عقد ونصف من الزمان عبر ناديها الأدبي.
وتحدث عن جازان فيما يعد من أبرز مصادرها التاريخية الأدبية عبر عدد من مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة.
ومثل جازان في ملتقيات الثقافة والعلم والأدب في كثير من المؤتمرات والندوات والأمسيات.
وكان قبل ذلك من الجيل الأول الذي أسس التعليم في جازان رجالات ومؤسسات، معلماً ومديراً أكثر من ثلاثين عاماً.
أليس جديراً بهذا الرجل أن يكون أحد معالم جازان الكبرى؟!
لست من جيله.. بل أنا من جيل نجله الرائع صديقي العزيز.. الدكتور حسن.. ولكني التقيته كثيراً عبر المنتديات الأدبية في جازان والرياض والمنطقة الشرقية وغيرها.. بوصفي واحداً من الشباب المتطلع المتتلمذ على جيله الرائد.. وحسبي ذلك من مثله غنيمة وبرا.
كنت دائماً - ولا أزال - أحس براحة نفسية عميقة حين أجلس إليه، أحس بأنه يحمل روحاً نديةً هادئةً، تطفح على ملامحه برشح العود والعنبر، فلا يزال جليسه يشم منه روائح الأخلاق العالية، والتواضع الجم، ويتعلم منه كيف تفيض المكارم على قسمات الوجه نوراً وسكينةً وحسن سمت. بينما تحس بالضجيج مع أشقياء النفوس ولو كان يهمس لك في يمنى أذنيك حتى لا تسمع شمالهما.
ولذلك لا غرابة في أنك تجد سيرته الذاتية قد تفرعت كالدوحة الأصيلة، تسعد السائرين، وتهدي الحائرين، وتظلل الضاحين، وتشبع الجائعين، وتدفيء الشاتين، وتعطي حتى من يرميها بالحجر دون تردد.
فلا تعجب حين ترى اسم حجاب الحازمي ضمن قوائم مجالس الجمعيات الخيرية، والسياحية، والبلدية، والرياضية، والوطنية، فضلا عن التعليمية والثقافية على مستوى منطقته، أو على مستوى المملكة كلها، فذلك شأن المثقف الحقيقي الذي يعرف دور الإنسان في الوجود، وعمارته للأرض، ويحقق المواطنة النبيلة، التي تشغل صاحبها بالعمل الحازم، عن النقد الهادم. وليس دور المثقف الخائر، الذي يقف وراء قلمه الذي تعود ألا يسيل إلا إذا كان مأجوراً، وكل همه أن يبرز عيب هذا، ويقع في عرض ذاك، ولا تبرق عيناه إلا إذا وجد نقصاً أو خللاً، وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى الندى فوقه إكليلا.
مثل حجاب لا يخسر منصبه حين يغادره، لأنه بناه في النفوس، ولا يتراجع حضوره، لأنه حققه في جوانب كثيرة من الحياة، فلم تعد تستغني عنه، بل أصبح جزءاً منها. ولا ينقص قدره وحاشاه ذلك، لأنه كان - ولا يزال - أكبر من المنصب.
لقطة
حين اتصلت أهنئ أستاذنا حجاباً باختيار ابنه الدكتور حسن رئيساً للنادي الأدبي خلفاً لأبيه.. قال: الحمد لله على كل حال.. لم نكن نعلم حين دفعناها من الباب أنها ستدخل من النافذة.. ولكني أقول: بل هو امتداد للخير الذي بدأته، والفضل الذي أسسته، ويعجبني منه كثيراً فخره واعتزازه بابنه المبدع الدكتور حسن حجاب، ومن له ابن مثله فجدير به أن يعجب به.