يحتفل الروائي الأستاذ يوسف المحيميد هذه الأيام بصدور الترجمة الفرنسية لروايته (فخاخ الرائحة) بعد نجاح تجربة الترجمة الإنجليزية.. وللترجمة الفرنسية قصة يرويها المحيميد في هذا الحوار بالإضافة إلى تعليقاته حول الحوار الأخير للناقد الدكتور عبدالله الغذامي، وتشابه فصل في روايته (القارورة) مع رواية (دم البراءة) لإبراهيم الحميدان.
الترجمة الفرنسية
* مبروك النسخة الفرنسية لروايتك (فخاخ الرائحة) كيف صار ذلك؟ بهذا الشكل المفاجئ؟
- الله يبارك فيك، لم يكن الأمر مفاجئاً، فقد تلقيت اتصالاً من الناشر (آكت سود) قبل تسعة أشهر، وأخبرني أنه تم إرسال مجموعة روايات تصل 20رواية إلى أحد المستعربين الفرنسيين، بهدف قراءتها واختيار أحداها للترجمة، فوقع اختياره على رواية (فخاخ الرائحة) وبدأ الترجمة منذ ذلك الوقت، ثم اتصل المترجم بي مراراً بعد انتهائه، لمراجعة بعض المقاطع، بعد ذلك تم توقيع العقد من قبل وكيلي الأدبي، وصدرت الرواية قبل عشرة أيام، وقد كتبت عنها فور صدورها أهم المجلات الفرنسية المختصة بمراجعة الكتب الأدبية، واسمها (Livres Hebdo).
* فيما يخص العنوان، كانت الترجمة الإنجليزية بعنوان جديد، مختلف عن (فخاخ الرائحة) فأي العنوانين أخذت الترجمة الفرنسية؟
- الترجمة الفرنسية أخذت عنواناً ثالثاً، هو (Loin de cet enfer) ويقابله باللغة العربية (بعيداً عن هذا الجحيم)، وهي جملة قالها (طراد) الشخصية الرئيسة في الرواية حين سأله موظف التذاكر عن وجهته، كما أن كثيراً من المقاطع تتركز حول الهرب من المكان بوصفه جحيماً.
تضليل القارئ
* ألا تشعر أن ذلك قد يضلل القارئ الأجنبي؟ بأن يعتقد أنها أكثر من رواية؟
- طبعاً قبل أن أوافق على العنوان سألت وكيلي عن مدى إمكانية حدوث ذلك في العالم، فذكر لي أنه في العقود الأخيرة بات ذلك شائعاً في الأدب العالمي، بأن يكون هناك عنوان جديد جذاب في هذه اللغة أو تلك، فما هو جذَّاب في العربية، قد لا يكون كذلك في الإنجليزية أو الفرنسية، وهكذا.
أما مسألة تضليل القارئ، فلا أعتقد ذلك، لأن في كل رواية مترجمة إلى لغة ما، وضمن المعلومات الرئيسة في الصفحة الداخلية الأولى، يتم ذكر العنوان الأصلي، باللغة العربية مكتوباً بحروف لاتينية.. هذا الأمر يكشف للقارئ أن هذه الرواية واحدة وليست عدة روايات.
* يتردد أنك تبحث عن الشهرة في الخارج عبر ترجمة أعمالك.. ما رأيك؟
- أولاً أنا لم أسع إلى مترجم ولا إلى ناشر أجنبي ولا إلى وكيل أعمال، كل هذه الأمور حدثت بتلقائية شديدة، بدأ الاهتمام بما أكتب منذ أول ترجمة فصلين في الرواية، ثم بدأت تصل العروض من الناشرين، أما مسألة الشهرة فلا أظن أنني سأرفض ترجمة أعمالي ونشرها في دور نشر عالمية كي أثبت لك أنني لا أبحث عن الشهرة.
الأمر الآخر علينا أن ننظر إلى هذا الأمر من منظار آخر، أكثر واقعية ونزاهة، فترجمة أعمالي هو بشكل أو بآخر حضور للأدب السعودي في العالم، وذلك قد يفتح آفاقاً لآخرين من بعدي، إلا ترى ذلك جيداً.
* طبعاً، أتفق معك، فقط نقلت لك وجهة نظر البعض، دعني أسأل عن مهرجان أو احتفال الربيع الذي تلقيت دعوة لحضوره من قبل الجامعة الإمريكية، ما مضمون هذا الاحتفال؟
- هذا احتفال سنوي تقيمه الجامعة، وتدعو فيه جميع من صدرت لهم مؤخراً أعمال منشورة أو أسطوانات غنائية جديدة أو ما شابه، وذلك بهدف الترويج لهذه الأعمال عبر حفلات التوقيع، وإجراء حوارات للصحف والميديا، وهو بالمناسبة تقليد تقوم به كثير من دور النشر الأجنبية، عبر ما يسمى (tore) وهو تنظيم جدول لقاءات وتعريف وتوقيع للكتاب.
حق مشاع
* إذا سمحت لي، أريد أن أخرج قليلاً عن موضوع الترجمة، فأسألك عن موضوع لم تعلِّق عليه، وهو تشابه أو اقتباس فصل في روايتك (القارورة) من رواية (دم البراءة) لأبراهيم الحميدان.. هل يزعج أن تتحدث عن ذلك؟
- لا، أبداً.. فالموضوع لا يستحق التعليق أصلاً، لأن الكل يعرف أن حكاية غاسلة الموتى مع الرجل الذي قتل ابنته غسلاً للشرف هي قصة واقعية شائعة في المجتمع السعودي، بل إن هناك الكثير من الحكايات المشابهة في مجتمعات عربية أخرى، وهناك الكثير من القصص المجتمعية الشائعة، وهي التي يحق للجميع استثمارها في الكتابة والبحث والدراسة والفنون البصرية من تشكيل إلى سينما وتلفزيون، وكل أوجه الأدب والفنون، فهي ليست ملكاً لأحد، بل حقاً مشاعاً عاماً، كما هي الحكايات الشعبية التي تتوارثها الأجيال، وأكاد أجزم أن الزميل إبراهيم الحميدان يدرك ذلك ويؤمن به.
* هل قرأت هذه الرواية؟
- لا، للأسف.. أنا لا أقرأ كثيراً في الرواية المحلية، قرأت ربما بمعدل رواية لكل من رجاء عالم وعبده وتركي وعواض، وربما أربع أو خمس مخطوطات روائية لأصدقاء كي أبدي رأيي حيالها قبيل النشر.
* لماذا؟.. هل لأنها لا تستحق القراءة؟
- لا، أبداً لم أقل ذلك، ربما لأنني غير متابع جيد، أو لأنني أرتبط ببرنامج قرائي متواصل منذ سنوات، ليس بالضرورة أن يكون مقتصراً على الرواية، فضلاً عن أن يتخندق حول الرواية المحلية، قد أزعم أنني متابع جيد لتحولات الرواية في العالم، لكنني أيضاً أقرأ في مجالات متنوعة أخرى، منها ما يخص مشروع اشتغالي الآني على أي رواية جديدة.
حوار الغذامي
* أثار الغذامي زوبعة كبيرة خلفه حين صنف الروائيين السعوديين، وكانت آراءه أثارت جدلاً، ما رأيك خاصة أنه تحدث عنك أيضاً؟
- للوهلة الأولى، حين سمعت عن الحوار من أحد الأصدقاء، قلت له معقول؟ هل فعلاً قرأ الغذامي كل هذه الأسماء الروائية؟ كنت أظنه لا يقرأ في الأدب منذ سنوات! لكنني حينما طالعت الحوار أحسست أنه فعلاً لم يقرأ سوى (بنات الرياض) لأنه كما يقول يبحث في الظاهرة، وهي حسب زعمه مما يدخل في النقد الثقافي.
أعتقد أن مأزق د. عبدالله أنه متحدث جيد وآسر، الأمر الذي يسلب منه أحياناً دقة الأكاديمي والمنهجي، فيثق أحياناً بأحاديثه الشفاهية إلى درجة أنها تنسحب حتى على ما يكتب.. شعوره أيضاً بأهمية أن يكون محوراً لكل شيء قد يضعفه في جوانب كثيره، إجمالاً أظن أن أي منا سيسعده أن يقرأ النقاد هنا ما نكتبه من روايات، سواء الغذامي أو البازعي أو الزهراني أو العباس، على أن تقرأ هذه الروايات ليس بوصفها محور اهتمام قارئ اليوم، بل بشعور المسؤولية تجاه ما ينشر، فضلاً عن الشعور بالاقتراب الحميم مما يكتب.
* لكن هل توافق على توصيف الغذامي لبعض الروائيين؟ واستبعاد بعض الروايات من حقل الرواية أساساً؟
- دعني أقول لك شيئاً أحسسته ينمو في الوسط الثقافي هنا، منذ ثلاث سنوات وهو يتصاعد بشكل مضحك، أقصد نبرة العنف والإقصاء والتهميش، كأنما لم نعد نعاني أرهاباً تدميرياً فحسب، بل حتى في الأدب والثقافة ظهرت نبرة عنف وعدائية مخيفة، بل ومجانية إن صح التعبير، لو قلت لك إن الغذامي جاء بالنقد الثقافي بعد عقود من حضور المصطلح في الغرب، وكذلك التحاقه متأخراً بما يسمى جماعات التمحور حول المرأة، والثقافة التلفزيونية ...إلخ.
هل سأكون منصفاً وموضوعياً أم أنني سأردد ما أسمعه شفاهياً؟ هذا ما حدث مع آراء الغذامي الصدامية، كان معظمها يتمحور حول خلع الألقاب والنبوءة أو هو التنبوء بما سيحدث وما سيكتب هؤلاء، لكنني على ثقة، أو لأقل سأكون حسن الثقة بأن الغذامي لم يقرأ معظم ما تحدث عنه.. ولربما قرأ فصلاً هنا وفصلاً هناك.. ثم بنى آراءه السريعة.