بالرغم من السعادة التي شعرت بها عند انضمامي إلى كتّاب (الجزيرة الثقافية) إلا أنني بدأت أشعر بثقل هذه الأمانة وهو ثقل لم اعتد حمله من قبل فالكتابة في ملحق ثقافي وقور ترتاده النخبة ليس بالأمر الهين ويعتبر مغامرة محفوفة بالمخاطر فإما أن يرتقي الكاتب بنفسه من خلال هذه النوعية من المنابر وإما أن يسقط من الحساب ولا يوجد خيار ثالث بينهما.
وأنا بطبعي اعتدت الكتابة في إيلاف (بيتي) بعبثية وبعاطفة وبتسرع وقد وجدت من يتحمل عبثيتي واشكرهم جزيل الشكر على ذلك.
ولكن التواجد في (الجزيرة) حتم عليّ التريث قبل الخوض في مواضيع ربما لا تكون مقبولة هنا فلكل صحيفة سياستها وقرائها، وفكرت: هل على الكاتب مهما كان حجمه - صغيرا أم كبيرا - أن يغير أسلوبه حسب المكان والزمان أم عليه تمرير مقالاته بشيء من المراوغة؟ لا أعلم ولكن ومذ حدثني مدير التحرير للشئون الثقافية مشكورا وطلب مني عدم الخروج عن إطار (الثقافة الأدبية) عند اختيار المواضيع وأنا أحاول التحايل مع القلم لطرح أفكاري بالطريقة التي أحب للاستمرار على الخط الكتابي الذي اعتدته وقد أقنعت نفسي بأن كل شيء في هذه الحياة له علاقة بالثقافة الأدبية (السياسة - الدين - المجتمع - الفن بأشكاله) ولكن هل سيقتنع الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي بهذا الأمر؟ لا أعلم.. ربما.
والى ذلك الوقت دعوني (أدردش) معكم في بعض النقاط بشكل مختصر جداً:
1- الرجل هو الرجل سواء كان قارئا، مثقفا، متعلما، منفتحا، تبقى نظرته للمرأة هي ذاتها النظرة العامة مجرد أنثى، هذا ما قالته لي صديقتي العزيزة قبل سنوات وهي أصغر مني سناً ولا تربطها بالكتب أو بالاطلاع أية رابطة لا من بعيد ولا من قريب وبما إنها بعيدة عن الأجواء الثقافية وبما إنني اكبر منها سناً ولو بأشهر قليلة وأكثر منها اطلاعاً كنت أقنعها دائماً بأن ما تقوله خطأ فادح وأن الرجل المثقف لا ينظر للمرأة على أنها مجرد أنثى، بعد سنوات اكتشفت شيئا مهما جدا بالنسبة لي وهو أن الرجل هو الرجل وأن المرأة (شو ما كانت) تبقى في نظره مجرد أنثى!
يعلل أحد الإخوة هذا الأمر وهو رجل مثقف جداً حيث يقول: هذه هي طبيعة البشر والإنسان الطبيعي يجب ان يكون هكذا فالمرأة أنثى (شو ما كانت) والرجل رجل (شو ما كان) ولكل شيء وقت محدد.
2- هناك دخلاء على الوسط الثقافي وهم الذين يكتبون بأسمائهم الحقيقية إلى جانب أسمائهم المستعارة فهؤلاء (وحدهم) مصيبة فكيف يكون الكاتب وهو المحسوب على وسط مهنته الارتقاء بالذوق العام وبالمجتمع ان يكذب على الناس؟! الذي اعرفه أنا أن الكاتب إما أن يكتب باسم مستعار أو يكتب باسمه الحقيقي لكن أن يكون له ألف اسم واسم إلى جانب اسمه الحقيقي فهذا أمر غريب ولا يصدق لكنه يحدث!
ومن الأمور المؤسفة التي ينتهجها هؤلاء الذين لا أجد لهم وصفا يليق بهم ان يقوم الواحد منهم بانتقاد كاتب أو صحفي لسبب أو لآخر بحيث ينتقده باسم ويرد على نفسه باسم مستعار آخر ويفزع لنفسه باسم آخر وهكذا إلى أن تكون هناك عدة أسماء تشفي غليل هذا الدخيل من ذلك الكاتب أو الصحفي والقارئ يصدق لأن له الظاهر.
وقد يصل الأمر بهؤلاء إلى انتقاد أو حتى شتم زملائهم أو أصدقائهم بالأسماء المستعارة بينما هم يجالسونهم ويضحكون معهم! ويحدث هذا في الصحف والمنتديات المواقع الشهيرة وهو أمر مخجل ويدل على مستوى مترد جدا لبعض المثقفين في حال اعتبرناهم مثقفين.
3- لو تم حصر المثقفين في الوطن العربي كله من محيطة إلى خليجه لملأوا البحر والمحيط ولو تم وضعهم في مرشح سحري يكشف مدى إيمانهم بما يعلنونه للملأ لما بقي منهم في هذا المرشح إلا ما يعدُ على أصابع اليد الواحدة.
4- آفة النجاح: ينجح الكاتب عندما ينجح له (كتاب) يكون سعيداً في البداية ومتواضعا ومحبوّبا يأخذ ويعطي مع الجميع ويجيب عن رسائل القراء ثم وعندما تبدأ عملية النجاح بالتفاعل تقدح داخله شرارة اسمها شرارة الغرور وتبدأ هذه الشرارة في التصاعد إلى أن تصبح نارا ثم ومع الوقت تأتي هذه النار على كل النجاح تأتي على الأخضر واليابس وتحول الكاتب إلى رماد.
6- قامت الدنيا ولم تقعد وتحرك الإعلام بثقله (تلفزيونات - مجلات - صحف) و(زغرطت) هذه الدنيا لبرنامج مسابقات شعر شعبي، السؤال هنا: هل سيحدث هذا لو اجتمع أصحاب الشعر العربي الفصيح وأنتجوا برنامجاً كبرنامج (شاعر المليون)؟ هل سيكون هناك تطبيل وتصفيق؟ هل سيتحرك الإعلام بثقله للشعر الفصيح كما تحرك للشعر الشعبي؟!
5- الصحف الثقافية في كل مكان مملة والسبب بسيط وهو أنها لا تتغير ولا تجدد في طرق الطرح لا تأتي بجديد لا تقدم حوافز ثقافية للقارئ لا تتنافس مع بعضها البعض لا تقارب بين كتّابها لا تخلق بينهم اتصال قد يخلق أعمالا مشتركة حلوة أو حتى أفكار جديدة ربما تسهم في كسر هذا الركود القاتل.