الثقافية - فيصل العواضي :
وأخيراً طويت صفحة شاعر وأديب من جيل الرواد والذي انتقل إلى جوار ربه بعد عمر حافل بالعطاء وهو الأستاذ صالح الأحمد العبد الرحمن العثيمين، ولد في عنيزة سنة 1360هـ على وجه التقريب، درس الابتدائية والمتوسطة في مدرسة العزيزية بعنيزة، وتخرّج منها سنة 1381هـ. عمل في مجال التربية والتعليم مدة خمسة وعشرين عاماً منها ثلاث سنوات في التفتيش الفني في الرياض.. تقاعد مبكراً عام 1396هـ وعمل في عدد من المجالات التجارية.
صدر له ديوان باسم (شعاع الأمل) وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة. تم تكريمه في مهرجان عنيزة الأول للثقافة والتراث الذي 2007م. وفي تلك المناسبة أصدر المركز ديوان الشاعر (الشواطئ العطشى).
قال عنه الأستاذ الدكتور عبد الله الغذامي: رحمه الله وتغمده بواسع رحمته لقد عانى في سنواته الأخيرة معاناة كبيرة أسال الله أن تكون تطهيرا له وكتب الله له المغفرة والرضوان، وإذا تذكرنا تاريخه مع ثقافتنا فهو من الجيل المبكر من الشعراء الذين كانت القضايا الوطنية تعنيهم بشكل كبير جدا وحينما كنا طلابا كنا ننظر إليهم بإعجاب كبير ولقد درسني في السنة الخامسة الابتدائية وما زلت أتذكر وقفته في الفصل وهو يشرح لنا مادة الجغرافيا ويتكلم عن (الدنيا الجديدة) ويقصد بها أمريكا وكان يبهرنا بحديثه عنها وفي الوقت ذاته كنا ننظر في أنفسنا ونقول نحن القديمة أو الدنيا القديمة وكان يمضي شارحا هذه المصطلحات بأسلوب ماهر يستمده من لغته الشعرية والأدبية مسترسلا في الحديث مما كان يبهرنا فعلا.
وبعد ذلك ببضع سنوات حيث كنت في السنة الثانية المتوسطة رحل هو عن عنيزة في رحلة إلى خارج المملكة وبسببها قرر أن يبيع كتبه فاشترتها مكتبة اليحيى ثم صارت المكتبة تبيعها مجزأة بوصفها كتب مستعملة وهذا يجعل سعرها قريبا من مقدرتنا المالية فاشتريت أعداداً كبيرة من الدواوين وكتب الأدب التراثية وكتب التاريخ وهذا كان في عام 1382 هجرية 1962 ميلادية ولا تزال الكتب عندي حتى اليوم ولذلك تظل ذاكرته بيننا كأستاذ درسنا وكشاعر وطني غرس مفاهيم الوطنية في نفوسنا وكذلك كرجل ترك كتبه تترحل حتى تستقر في مكتباتنا وها هو يرحل اليوم إلى رحمة ربه ولكن ذاكرته وتاريخه وأثره كلها ستبقى.
الأديب والكاتب الأستاذ حمد القاضي تحدث عن الفقيد الراحل بقوله الشاعر الراحل صالح العثيمين رحمه الله من أوائل الشعراء السعوديين الذين قرأت لهم بل أزعم أنه الشاعر الذي جعلني أعشق القصيدة الرومانسية بأناقة كلماتها ورقة مضامينها، ولقد كنت خلال دراستي للثانوية العامة في مدينة عنيزة وكان أول ديوان أقرأه للشاعر صالح العثيمين رحمه الله هو ديوانه الأول شعاع الأمل الذي صدر في بيروت وجاء الشاعر بكمية منه ووضعه في إحدى المكتبات وأتذكر أنني عندما حاولت أقول أو أكتب ما يسمى شعراً كنت أعارض الشاعر أو أقلده في قصائده.
وفي رأيي أن الفقيد رحمه الله لم ينل حظاً في دراسة شعره من قبل الباحثين رغم أنه من أوائل الشعراء في نجد الذين أسهموا بالتجديد الشعري وقد كتب عنه وترجم له الشيخ عبد الله بن إدريس في كتابه شعراء نجد المعاصرون واعتبره واحداً من أبرز شعراء نجد المعاصرين، وما زلت أذكر قصيدة جميلة أرسلها لي وأنا في المجلة العربية تفيض وفاء وحباً لأخيه الدكتور يوسف العثيمين وكانت من أجمل ما قرأته في الإخوانيات.
الدكتور محمد المشوح قال في شهادته مما لا شك فيه أن الشاعر صالح العثيمين - رحمه الله- يعتبر من الشعراء المتميزين المتوارين ورغم جزالة شعره فقد ظل بعيداً عن الأضواء لولا مبادرة ثلة من أصدقائه ومحبيه الذين استطاعوا أن يخرجوا به إلى الفضاء الرحب حتى يسمع الناس هذا الصوت الشعري الجميل وقد كانت مبادرة جميلة من مهرجان عنيزة للا حتفاء به قبل سنوات وليهرف الناس هذا الشاعر المتميز وسنظل إسهاماته حيَّة سواء عبر المطبوع من شعره أو المنشور في عدد من المواقع وأود أن يواصل محبيه مسيرتهم لجمع نتاجه الشعري الذي نشر أو الذي لم ينشر ويتم إخراجه وإضافته للمشهد الثقافي السعودي وبلا شك سيكون إضافة لهذا المشهد.