قصص أحمد إسماعيل زين
عليّ
كانت تحب (عليّ) حتى تمنت الموت والدفن معه بقبر واحد، وفي عصرية شوق قامت تكنس القبل، وتستعين على شقائها، لتهجد نار الشوق المتأججة بداخلها منشدة:
عليّ عليّ سميت طوقي علي بك
يا ليتني مشخص ذهب تحت طيبك
ولا سباط امنجبية واحتلي بك
عليّ عليّ جمع الخلايق علي بك
أما عِلي بي الموت ولا عِلي بك.
لتموت بوجدها من فقد عليّ وحلمها حيّ !!.
أمل
تكونت في أفقي سحابة، قمت أنشدُ: ستمطرين وأنتظر، دلقت على الأرض جراري انتظاراً، لكنها اقتربت أمطرت ذهبت وجراري على الأرض جافة.
ثائر
خرج من بيته إلى الساحة الصاخبة بالثوار يحمل على كفيه أحلامه المؤجلة من أعوام. وانضم للغاضبين فيها، يهتف معهم بأعلى صوته: يسقط، يسقط، ارحل، ارحل. استمر يرفع صوته بالهتاف حتى بح صوته، ولم يستمع إليه أحد!.
إنسان
فجأة وجد نفسه يقف وحيداً في آخر محطة مشواره الطويل، فجلس منطوي يقلب كتابه العتيق الذي أدهشه بشدة بياض صفحاته الأخيرة.
فنفضها عائداً بسرعة لصفحات كتابه الأولى المخضبة بالسواد يقلبها ببطء صفحة بعد صفحة لعلها تعود.
قصص أحمد عسيري
إبطاء
حتى لا يشعر بنهاية الإبحار
وتوقف الآمال..
كسر مجدافه
حورية
يسير على الشاطئ ينتظرها..
حورية.. تعاوده في كل حلم
فجأة يستيقظ على صوت زوجته تلملم جراحه..
بعد أن سقط من علو.
برق
تتراقص.. كفراشة
في إطلالة ربيعية
وأماني تتحقق سريعا.. كبرق
وفي غمرة اندفاعها
نسيت أن كل برق تحدثه.. رعود
رثاء
التحف النجوم..
وتحمم بنور..
وشرع يبحث عن سديم ضائع
يجده غارقا
في بحر السكون
عجالة
يستبق عيد ميلاده في
منتصف عامه الخمسين
تضيء الشموع إلا واحدة
بعد أيام يتوعك
يجري فحصا..
يعرف السبب.
قصص أحمد القاضي
أهازيج كنبة
وقوفا نحو قاع الحكاية تستل حشرات بين معقوفين أحدهما أنا
والآخر هذه الكنبة التي لا تريحني بقدر ما تشعرني بعمودي
الفقري وآلامه وحشره لجسدي النحيل على تنجيدة رديئة.
ربما تناسب المبلغ المدفوع من عاطل يتحسس المال كمن وجد عزيزا.
وحتى لو أحرقت هذه الكنبة لن أندم كثيرا.
كنبة لعينة لو أتشجع لمرة واحدة وأزيحها من منتصف الصالة..
شبق1
تضطرب مكعبات السكر المتراكبة في كأس منتصفة.
تحشر الملعقة الصغيرة الملساء بين فتحات وتشققات مكعبات كانت متماسكة قبل سقوطها في قعر الكأس.
اختلط ما في الكأس بحلقة دورانية تعج بالضجيج الهامس، وفي منتصفها بؤرة تتشكل بحسب سرعة الدوران
وضع أحدهم قشة في منتصف الدوران الحاصل فهدأت تلك القوة
واستسلمت لمفعول غامض سحب طاقتها وجعل قشة تمارس الدوران.
شبق 2
الباب ذات المفتول العضلات المزركش بخطوط وتقاطعات تدل على عظمته وبأسه
النافذة وقبل تنحيها عن مكانها الأصلي كانت هذه الحكاية:
ظل الباب يزعج النافذة بتلميحاته المخجلة وإسفافه طوال الوقت
النافذة تعرف أصلها وشرفها جيداً ولذا هي تكتفي برده دون أصوات تعلو
مرة لبست النافذة أحسن ثيابها وتعطرت ودهنت زجاجها بملمع برائحة الكادي
ووقفت بجانب الباب فلم يصدق الباب ما تراه عيناه.
أنت هنا في أبهى حلة وبجانبي؟
انحنى الباب ليقبلها فقفزت نحو الجهة المقابلة من الجدار
ومنذ داك اليوم لم تجاور نافذة بابا وظل الباب محتفظاً بصيته الحسن
والنافذة تطاردها سمعة سيئة وزوارا لطخوا زجاجها بتلصصاتهم.
شبق 3
أنا لا أستطيع هز حنجرتي إلا متواريا
ولا أستطيع حك كلماتها إلا من وراء حجاب
قال الطبيب المقابل في نفس القطار خذ هذه الوصفة وستكون بخير
وبخط رديء جداَ قرأت
(لا ينقشع ضباب المدنس
إلا بريح تكنس غبار المقدس).
من أقوال مفكر غربي
قصص أحمد يحيى القيسي
محاكمة
- أنت خائن، أنت حقاً رجل خائن.
+..............
- لم فعلت ذلك ؟
+ أنت من حرضني
- أنت من خنت، فلا تلم أحداً سواك.
+ نعم، ولكن...
- لكن ماذا ؟
+ أنا فعلت ما فعلت بتحريضٍ منك.
- ولكنك أنت المجرم الوحيد
+ أرجوك، سامحني هذه المرة.
- لا لا.. لن أسامحك.
+ قلت لك أرجوك، وأعدك لن أكرر ذلك ثانية.
- حسناً، اعتذر منهم أولاً..
+ ماذا؟.. أعتذر منهم!
- نعم، اعتذر منهم، فإن سامحوك، سأقبل اعتذارك.
+ ولكن.. لن يسامحني أحد.
- وأنا كذلك لن أسامحك.
***
عندها.. فقدت أعصابي، أخذتُ شيئاً أمامي لا أذكره، وقذفته بكل ما أملك من قوة، فتحول إلى شظايا زجاجية.
وبوسط ذهولي، جلستُ ألملم أشلاء المرآة.
شيء ما
ثمة ما يشي للمارة أني بالداخل، هكذا تقول طرقات الباب وهي تبعثر هدوء الغرفة.
المصابيح مطفأة، وكافة أجهزة المنزل أيضاً، وأنا ساكن على فراشي بلا حراك، سوى بعض تناهيد لا تتعدى زفراتها غطائي.
يقيني يزداد بأن ثمة ما يشعر المارة بوجودي، طَرَقَاتُ الباب إذ تتضاعف بغضب تؤكد ذلك.
شيءٌ ما
لكنني.. لا أعرفه.
فزع
بهدوء.. مد في العتمة يديه لأعلى، ثم بذات الهدوء أعادها، ليتحسس أعضاء جسده الممدد على الفراش، فأفرغ من جوفه نفساً عميقاً، بعدما اطمأن أن تلك اللحظات كانت مجرد كابوس.
أمنية
يداه نظيفتان تماماً، وهكذا لم تزل مذ غسلتها قناعته بالفقر من كل ما يشتهيه.
تسكنهُ أمنية غريبة، قال لي:
أنه ذات يومٍ سيكون سراباً للرغبات، وأننا سنظل نلهث خلفه دون وصول.
قصص أمل المطير
قناع
عاد للتو من حفلة تنكرية
همّ بنزع القناع..
وجده قد التصق بخلايا وجهه
كرر المحاولة
فتمزقت ملامحه.
ورقة رسمية
يختم دائماً على أوراقٍ رسمية
يده اعتادت الأمر
تلك الوثيقة فقط.. تجمدت عروقه على ضفافها
أصرّ على موقفه..
فتصدر اسمه قائمة المعتقلين.
ضياع
يهرول خائفا..
يبحث عن طفولته التي سرقوها..
يعثر عليها مقتولة..
من بقاياها نسجوا فرشا وثيرة..
صدّروها لحكامٍ عرب.
مهنة
يحني هامته لينظف أحذيتهم
يشتم من تحتهم رائحة نتنة
هذه المرة... قرر أن ينظر إليهم من علو
فامتهن حلاقة الرؤوس.
قصص
أميرة سليمان القفاري.
الصعود إلى الهاوية
كلما صعد إلى القمة أحس أنه يتساقط وتتبعثر أجزاءه، حاول البحث عنها لكن نفسه تأبى عليه إلا المضي قدما إلى الأعلى والتماس حلمه فحسب، وحين وصل ضاعت أجزاءه المتساقطة ولم يجد سوى بقايا منه!
أرصفة للعبور
على رصيف الحب لقيته فرأت فيه مطراً يروي جفافها، واعتنقت حبه وكفرت بسواه، وأصبحت كل ذره منها تسبح بذكره.
ظنت أنها حطت رحالها في قلبه حباً لا يفنى وسعادة ليست عابرة، لكنه مرّ على قلبها مرور اللئام واقترف الكنود الذي يدمنه ولم يدخلها جنته.
حلم ضبابي
أسرتها جاذبية ذلك القفص الذهبي وأصبح رفيق أحلامها، ومناجاة صلواتها، وجنتها الدنيوية الموعودة، حتى إذ ما عانقت الحلم، ودخلت القفص، وغُلّقت الأبواب، دعت الله أن يخرجها منه!
إدمان الصمت
اجتمعوا على الطاولة المستديرة وتعاوروا كؤوس الصمت حتى ثملوا، ثم وقعوا على ورقة سوداء فارغة وفضوا الاجتماع، عاد أحدهم ببقايا وعي فكتب على الورقة: شجب واستنكار.. ومضى!
سجون وردية
كان في حياتها أشبه بالمرض الخبيث الذي لا تملك إلا أن تتعايش معه وتسلم به، فقد حكم عليها بسجن مؤبد حين قسم كبدها لأربع فلذات، أصبحت حبلاً يلفه على رقبتها ويجرها به أنى شاء، وضعفا يجهض به فكرة الهروب من حياة كالموت في مجتمع يعطي الأنثى تأشيرة خروج بلا عودة حين تتزوج حتى لو ارتبطت برجل ملوث، وكانت في حياته شيئا مركونا في بيته كالأثاث، وامرأة يغتسل بها كلما تلوث بغيرها.
كان شقاؤها في قلبها، وكان جرمه في جيبه!.
قصص جارالله الحميد
بنت الجيران
كان الباب مقفلاً، والبنت تعلقت بالباب: أقول لها:
- إنهم غير موجودين بالتأكيد.
فتنهرني باكية:
- بلى إنهم موجودون بالداخل. إنهم مصريون.
- أعرف أنهم مصريون (مع أنني لا أعرف) ولكنهم غير موجودين.
فتصيح مكررة نفس الكلام. كان المطر يدق الأبواب، بعد أن غسل الشوارع وخلّف فيها بحيرات صغيرة. واستمر يضرب الأسفلت، أمسكت بيدها:
- عندما يتوقف المطر تذهبين إليهم. إن أهلك قلقون الآن.
- من قال لك ذلك؟
- هم جيراني فكيف لا أعرف؟
قلت ذلك ثم تذكرت أنني لم أر أياً من جيراني منذ شهور.. وعند باب العمارة داخلين أو خارجين. قالت وهي تمسح لؤلؤتين وقفتا على خديها:
- إن أهلي نائمون الآن.. ولن يستيقظوا إلا ساعة الغداء.
ورق الخبّيز
حينما لبست أول نظارة طبية كان داخلي يحتفل بصخب.
كان شكلها في المحل جميلاً ملأتني بالفخر إذ أصبحت أشبه (كولن ولسون)
ثم ركبت أول تاكسي إلى ديرة أهلي مكتظاً بشوق لا يوصف.
كانت أمي تجمع ورق الخبير. وتصنع منه مرقاً لذيذاً. نأكله صامتين.
الشام
في الصباح أخذت قلمها. وضعت أصبعيها الصغيرين على رأس القلم. وبعد أن اختبرته وضعته في شنطتها مع أقلام كثيرة ودفاتر.. قرأت شروط الصلاة، ضحكت وهي تغسل أنفها الأرنبي، رددت أنشودة عن الصباح وهي تلبس فانيلتها الصوفية.. وجاءت أمها لتزين شعرها، تضحك وتمسح أنفها بمنديل معد بعناية، وأنا أستعيد شيئاً ما، ثياب صغيرتي رمادية كهذا الصباح، شعرها الأسود مقصوص ويلمع، يداها باردتان وصغيرتان، سرحت تسترجع أحداث ليلة مضت: المسلسل العربي، الإعلانات التجارية، المسلسل التاريخي، الموجز، المسلسل الرئيسي (التي تمنعها من مشاهدته بقمع) تضع رأسها وردة بيضاء، على مفرق شعرها، ضحكت حين إندلق كأس الشاي على ثوبي.. ومسحت أنفها مرة أخرى فبدأ أنف أرنب بإحمراره وتوتره، وأنا أستعيد الشام. الفندق الذي يغمره الإحمرار.. الحارس العجوز الذي يتحدث بعيون منطفئة. جواز السفر. دبلة الخطوبة.
مانجو
وجه الممرضة أبيض هادئ، وفي أنفها شيء جذاب لا تخطئه العين، وحين أطلب منها تأجيل الحقنة ينتابها غضب طفولي فاتن، قالت لي: لماذا لا تحب سوى هذا العصير؟ قلت: المانجو ثمار رائعة، تطرحها الطبيعة في شجر نخليّ، ولها رائحة أنثى، ابتسمت وخرجت دون أن أتعلّق. وحين شربت العصير فكرت (لماذا أهذي ؟) هل لأن مخي صغير؟!..
وحين اقترب موعد الحقنة فرحت.
قصص جارالله العميم
عراة
في الصباح كان دائماً يغتسل بإناء نحاسي.
بملء هذا الإناء.
كان يغتسل بنشوة عارمة، بالماء الحار حتى بالصيف.
يقفُ منتصباً إلى أن يصبَّ الماء فوقه. ويتلذذ.
كان بعد كل اغتسال يضع كافوراً على جسده
ويتباهى أمام العراةِ ميتاً!
كما لو أنهُ: فاصلة!
ينغمس إلى أرضٍ ضيقة، دروبها تتسع على من معه، يتفقون على الأثل والكين، يجمعون الحصى إلى السماء، كبيرة، متوسطة، أكبر، يرمون بصوتٍ واحد، ترتفع أكثر، يختبئون تحت كل كينة معلَّقة، ينتظرون أن تقول الجاذبية شيئاً، لم تقل وسقط الحصى!!.
غناء
كُلَّ صباح، تذهبُ بأشقاءها الصغار إلى المدرسة ثم تعود!
كانت تغنيِّ وهي ترمي مفتاح السيارة فوق التلفاز، تخلعُ ثوبها الأبيض والغترة والعقال، ما أن تغرقَ بالرقصِ حتى تركض مسرعةً إلى الخارج، عند الباب كان الهواء يُراقص عباءتها، وهي تهمُّ بالركوبِ مع رجلٍ غريب.
الكعب العالي
ما أن يُقرع الكعب العالي في حذاء أنثى!
حتى تتحرك في داخله أشياء لا يفهمها، لم يدم طويلاً حتى وضع في جيبه جهاز تسجيل!
كان قبل أن ينام يضع السمَّاعات الصغيرة على أذنيه، ويتخيَّل:
مقاساتها، ألوانها، أشكالها، طول الساق، عرضه، نعومته، خشونته!
وعندما أراد أن ينام لم يستطع!
إجابة
لم يعد كمثل سابق عهده، إنسانا شفافا، محباً للحبِ وعظيما!
سوى أنهم وجدوه يتدلى من على سقف غرفته، وعندما تساءلوا عن السبب!
لم يجدوا إجابة إلى الآن!
قصص جبير المليحان
ثلاثة
مشى فينا القطار، تتراكض الأيام من النافذة، قهقه طفلي الجالس خلفي فرحاً بركض الأشجار، التفت إليه فإذا هو أبي يملأ كرسيه بالبكاء.
الدمام 11-1-1997م
أمن
عبدالله: بعد أن أتمّ تركيب الباب الضخم لبيته، ووضع النوافذ الضيقة في أماكنها، وحماها بشبك الحرامي القوي … تنفس عميقاً، ثمّ شرع ببناء البيت ………..!
الدمام 17-3-1997م
الأرض
أخذ الطفل الصلصال، وصنع منه كرة كبيرة، وضعها في منتصف ألعابه: تسلقتها الأسود، والنمور، والقطط، والأطفال، والفراشات، والسيارات، والطائرات…
فاجأته أمه وهو يُعينها، ويُثبتها في أماكنها، مصدراً أصواتها الخاصة..
ما هذا؟
هذه الأرض!
وأشار إلى موقع بيتهم فيها: كان سريره هناك.
بعد قليل، عادت الأم على صراخه الحاد، شاهدته يرفع قبضته محتداً، ومنتحباً:
لقد داس أخي الكبير الكرة وهو يمر من هنا!
كانت كرة الصلصال تلتصق بالأرض، والسكان يتناثرون!
الدمام 27-7-1994
زمن
منذ زمنٍ سحيق:
وأنا أراه من نافذة مكتبي: أراه كل يوم جالسًا على الرصيف، وفي يده مسبحة الزمن، والنخلة تظلله، ودوامات الضجيج: (الشارع المباح.. الناس المتقاطعين.. السيارات الجهمة.. القطط الطويلة.. الأشجار الباكية.. ضوء الشمس الساخط.. السماء …) من حوله تدور، وهو لم يأبه...، وعندما يؤذن الظهر يقوم، ويمشي، منحدر الظهر، إلى المسجد.
أمس
مشى عبدالله، وحبات المسبحة تتساقط من خلفه!
وقبيل أذان ظهر اليوم:
أمسكت مسبحتي، وتوجهت إلى الرصيف، وجلست تحت ظل النخلة، وسط الدوامات.
الدمام - 22-10-1997
قصص جمعان الكرت
مشرط
حزن التؤمان وهما ما زالا في بطن أمهما
تخيلا مشرط الطبيب وهو يفصل جسديهما
مداهمة
لعن جميع الشماعات فهي السبب في حدوث الأزمات والحروب والفتن
داهمته فرقة سرية ولجأ فوراً إلى اقرب شماعة
القفص
جاءت نشرة الأخبار.. أرهفت أذني
سمعت المذيع يقول: الخبز مقابل الحرية
أطلت من النافذة
المتظاهرون بصوت واحد
لا للحرية نعم للخبز
تقبيل
قال الجبل: أما تحن رأسك لأقبلك؟
نظر إليه الجبل بسخف
ومد له قدمه
واستمر يقبلها بعشق كل صباح.
بؤس
الوسادة المتخمة بالديباج غير مجدية أبداً لإبعاد الأرق
قطعة الحجر في أحايين كثيرة أرق وأنعم من الديباج
عوز
حين قررت مصافحة وجوه الآخرين في هذا الصباح بابتسامة عريضة نسيت أنني لا امتلك نقودا..
قصص حسن البطران
جوع
داعبت قطتها ذات العينيين الزرقاويين.
أخذت القطة تقفز هنا وهناك.. مسحت بيدها أسفل عنق القطة، ارتجفت القطة وهربت تبحث عن من يسد جوعها.. وقفت مريم إلى قُبيل الفجر تنتظر قطتها وبيدها منديل ومنشفة وعلك لبان.
امتداد
نظر أعلى البرج.. سقط.
عطاء من نور
أعطى بإخلاص.. أُحتفل به،
بكى عن تقصيره.!!
خط أحمر
استبطأته في دورة المياه
مكث فيها طويلاً..
ظنته يتلاعب بعلبة الشامبو وبعلبة صابون الدوف
فتحت عليه الباب فوجدته في حضن أنثى.!
الورقة الأخيرة
أوراق تتناثر..
يد ترتجف تجمعها..
ترتبها ورقة ورقة،
الورقة الأخيرة فيها مهر ِقرانها..
تبتسم، وتبحث عن ورقتها ما قبل الأخيرة
قصص حسن حجاب الحازمي
فراشة
تحت (اللمبة) البيضاء الطويلة هبطت. اشرأبت بجسمها كلَّه ناحية (اللمبة) كأنها تريد أن تشرب الضوء كاملاً، وبخشوع متناه تسمّرتْ في مكانها كأنها تُصلّي.
لم تشعر بحركة (الوزغ) الزاحفة الحذرة على الجدار الأملس، أخذ يقترب قليلاً قليلا وفي كل مرة كان يمدّ لسانه اللزج كأنها يدربه على الغدر، وحين أدرك أنها في امتداد لسانه توقف.
طالت وقفته المتربصة، وحين اطمأن إلى غفلتها. حرّك ذيله حركتين سريعتين قبل أن يمدّ لسانه اللزج ليلتقطها وهي غارقة في بهاء الضوء.
ناوشت صمغ لسانه بحركتين عاجزتين قبل أن تستقر تماماً في ظلمة فمه المطبق. صعدَ بسرعة متناهية مخلفاً الضوء يبكي خلفه، توقف على سطح الجدار قليلاً قبل أن يهبط بها في الجهة الأخرى مستقراً في قعر الظلمة.
حيرة
لم أصفق لكلماته في المرة الأولى -كنت غارقاً في أفكاري- فاتهموني بعدم الولاء، أو على الأقل هذا ما قاله نائب المدير في حديث ودي جانبي خاص جداً: (لقد لاحظ المدير أنك الوحيد الذي لم تصفق لخطابه، انتبه لنفسك يابني، هذا مؤشر خطير لعدم ولائك للمؤسسة التي تؤكلك...).
في المرة الثانية وبعد سنة كاملة من خطابه الأول، صفقت بحرارة بالغة وهو يختم خطابة الثاني -كنت غارقاً في همومي- لم أنتبه إلى كلماته تماماً، لكنني اكتشفت من خلال غضب زملائي الذين قاطعوني واتهموني بالنفاق أنه استحدث فترة إضافية للعمل لزيادة الإنتاجية، ولتغطية أوقات تأخرنا وخروجنا أثناء الدوام الرسمي.
والآن أجلس في الصف الأول في مواجهته تماماً، أسمع خطابه الثالث، ولا أفهم شيئاً لأني غارق تماماً في همومي، وأتساءل بحيرة بالغة هل أصفق حين ينتهي من خطابه أم لا ؟!
تردد
(الصفحات التي أطويها لا أفتحها...
أرجوك توقف عن الإرسال، رسائلك الأخيرة لم أقرأها، ولم أفتحها أصلاً مسحتها حين أونص الجوال باسمك.)
قرأ رسالتها عشر مرات، فكر أن يرد، لكنه لم يفعل، مشكلته أنه يشبهها حدّ التطابق، الصفحات التي تطوى لا يفكر مطلقاً في فتحها.
مسح رسالتها، ثم ضغط زر الأسماء، ثم ضغط ألف ميم لام.
تردد قليلاً قبل أن يضغط زر الخيارات، وتردد أكثر قبل أن يختار مسح الاسم.
...
...
...
لكنه فعل
كيفك؟!
لم يكن يتخيل أن تمر من أمامه ولا تسلّم، لم يكن يتخيل أن تمر من أمامه ولا يعرفها، هو الذي كان يعرفها بقلبه. قلبه الذي يقفز في صدره وهي تفكر في الخروج، ويسقط على الأرض حين تخرج وتمر من أمام بيتهم وهو واقف ينتظرها، ويرقص طرباً وهي تغمره بابتسامتها الأعذب، وتسأله بارتباك: كيفك؟
فيرد: بخير ويضيف في نفسه: مادمت أراك فأنا بخير.
الليلة مرّت من أمامه ودخلت بيت أهلها مع أطفالها.. لم تسلّم، ولم يعرفها.
وقف مندهشاً! أ هذه هي؟ هل للزمن كل هذه القسوة؟
تمنى لو أنه انتبه لها قبل أن تدخل؟ تمنى لو رأى ابتسامتها الأعذب!!
وهو غارق في أمنياته واندهاشه فاجأته بسؤالها: كيفك ؟!
قصص حسن الشيخ
شنق
ركب الريح
واستطال حتى صار بطول رمح هندي قديم
رمح الآباء والأجداد
ركل الموج من تحت قدميه
فتدلى كعنقود من العنب
انتظار
حاول أن يثقب جدار البحر
عشرون سنة محاولا أن يصل إليها
اليوم اندفع البحر من دون إذن للدخول
فدخلت معه سابحة واحتلت كل أرجاء نواحيه
فكانت اكبر سمكة
قصص حكيمة الحربي
فقد
جلس في آخر المقهى يحتسي قهوته، ويطالع باهتمام صحيفته المفضلة هكذا اعتاد أن يفعل كل يوم قبل أن يذهب إلى عمله.
حتى أصبح وجهه مألوفاً لمرتادي وموظفي المقهى، الذين يعرفون أته يمتلك بيوتا ونساء وأسهما وعقارات، ولكن لم يعرفوا أنه فقد الراحة والطمأنينة منذ زمن بعيد.
وجوه
على مقعد منزو في آخر صالة الانتظار بالمطار، جلست تتأمل الوجوه التي أخذت تتساقط أمامها بملامحها الجادة والهازلة، وتعبيراتها الضاحكة والعابسة!!
لونت تلك الملامح بألوان خيالها حتى غيرت معالمها.
نهضت ولكن اختفى وجهها!
نافذة
يقف إلى جانب النافذة متسمرا ساعات طويلة منذ أن تقاعد وغادر قريته فهي له الضوء، والنسمة، والعالم الخارجي.
أهل الحي لم يخفوا تذمرهم من سلوكه النافذي!!
ذات صباح لم يجد إلا نافذته.
دهشة
على مقعد خشبي، موضوع على الرصيف وسط المدينة، حشرت نفسها مع مجموعة شاركوها المقعد نفسه. أرادت أن تتفحص وجه المدينة الغارقة في الزحام، والمبللة بالمطر، فوجدت الأعناق تلتفت تجاهها، وأخذت الوجوه تتفحص وجهها الغريب!
تسول
صدح بصوته الحزين، يترنم بنغمات الحب والحزن لينثرها على جنبات الطريق، تحت أقدام المارة، ربما يجود أحدهم بمبلغ زهيد.
واضعا صوته وسيلة لتسول أنيق!
دين
مد يده طالبا هبة سماوية!
بعد أن تعب من طرق الأبواب المغلقة، وسأم الوجوه المتجهمة الرافضة لطلبه.
ولكن صافحته يد بيضاء أكبر من سواد جحوده، فأخذ ما يريد وأدبر!
قصص خالد خضري
ميلاد
وحيد يجلس في قوقعته منذ أن أطل إلى هذه الدنيا قبل لحظات، كان ولوجه إلى هذا الكون مختلفاً عن الآخرين.
ولد عتيقاً، يبلغ من العمر عتيا، لا يعرفون شيئاً عن تاريخه.
سباق
لم يتقيد بقواعد السباق، ظل راكضاً، فوضوياً في الركض، الأشجار، ميادين السباق تمر أمامه وهو مندفع كما تمر الأيام، السنوات من بين أيدينا دون أن نتمكن من الإمساك بزمامها.
مرت سنوات من عمره، دون أن يصل نهاية الميدان، لم يحقق الفوز.
إعياء
لقد أعياه الركض فوق مياه المحيطات، تلمض الألم بإطرافه.. مسكين، مسكين.. لم يقو على الصمود..توقف هنا.. هنا توقف.. وهو في طريقه إلى الرحيل، الرحيل من جديد، والأمل القادم يرتسم فوق جبينه..
معزوفة الحزن
كنت دوما أصفق، أغنى، يا.. يا ليييلي، مواويل الحياة، وأعزف، تتتيرام، تيرام رام.. أعزف الكلمات على إيقاع اللون الزاهي.
لعلي أستطيع أن أودع حزني، زمان ارتجال الحياة في ممارستها سلطتها نحوي.
قصص خالد المرضي
ملياردير...
يشتري كل شيء، لكنه يعجز عن شراء ضمير شجرة لتورق في فصل الخريف!
زيف..
تقول الساعة إنها الثالثة في المرآة، التاسعة على الحائط المقابل!
نهاية..
حين اكتمل بناء الدار، انحنى الرجل ليدير مفتاح الموت في قفل الحياة!
اغتصاب..
يصرخ... أين الخضر ليعيب سفينة المساكين؟
قصص خالد أحمد اليوسف
الصلاة على الحاضر!
لم يفق بعد من صدمته، فالوعي مفقود، وخطو قدميه محدود، وإحساسه غائب عن المكان؛ يقف في انتظار إقامة الصلاة، وهو غير مدرك لوقتها، أو تفاصيل أدائها؛ يعلم أنه جاء هنا لواجب لم يقمه من قبل، ويعلم أن الآخرين يعلمون ما لا يعلمه، ويعلم أنه لجهله يقلدهم في كل شيء؛ سيطر الخشوع على الجميع بعد تكبير الإمام، فدخل معهم بجسده، وحركاته الفارغة من الروح، ثم هز صدمته الصوت القادم من مكبراته: الصلاة على الأموات! فكان سؤاله لمن يقف بجواره: وماذا كنا نفعل قبل قليل؟.
17 ربيع الثاني 1433هـ- 10 مارس
زري
يتمنى أن يملكه، يحلم أن يراه مستلقياً على ذراعه، أو متشحاً به على كتفيه، فداعب خياله ألوانه الآسرة للرجال وهو يخطو خطواتهم؛ وحينما سقط بين يديه، جاء متهرئاً، خلقاً، وقد سُحق البريق وتحول لون الذهب كخيوط سوداء، ولم يعد إطاراً يتجمل به على صدره وعاتقيه، فوضعه على مشجب يئن مع أقمشة بالية.
الجمعة11ربيع الأول1433هـ - 3 فبراير2012م
رصيف!
لا مأوى له إلا هو، فاختار تقاطعاً غير صاخب، وأمام حانوت ذا زاوية متنوع التكوين، متجدد الوجوه الراجلة إليه، وضع كرسي كلاسيكي الألوان والخشب المنحوت، وبجواره بقايا خزانة ملابس دون أبواب، فاستقر بينهما كقطعة مكملة، لولا أنه يزعج المارة بأطواره النفسية المتجددة حينما تزوره بين وقت وآخر.
الأحد13ربيع الأول1433هـ- 5 فبراير2012م
تعاقب
رأيت فيما يرى النائم أن ابني الصغير يطلب العودة إلى التاريخ، ويلح في وصفه لملامح مباني اندثرت، وأزقة درست، ووجوه رحلت، وحينما طلبت منه الإيضاح أكثر، قال لي: اقصد بيوتكم الأولى حينما كنت في عمري!
الأحد 7صفر1433هـ - 1 يناير2012م
قرفصاء؟
تبتسم الشمس على سحنتهم، فيبتسم بعضهم لبعض، يقترب من أكبرهم سناً ومعرفة، ليجلس جلستهم المتكورة باحتضان ساقيه، يضع أدوات عمله أمامه مثل الآخرين، يقفز مع قفزهم عند اقتراب سيارة إليهم، دون إدراك لأي عمل سيقدم عليه، فاكتفى برتبة عامل مستجد، متحفزاً لفرصة ركوب سيارة أخرى، تثبت جدارته لرتبته العمالية الجديدة!.
15ربيع الأول1433هـ - 7 فبراير2012م
قصص رشيد الصقري
الأعرج
في قريتنا مجموعة من الحمير، نطاردها لنركبها، تفر جميعها إلا ذلك الحمار الأعرج فتنظر إليه الحمير بأسى وصمت.
المسؤول
حينما عين مسؤولاً على المناقصات كان نحيلا، وحينما تقاعد أصبح صاحب كرش.
الإمام
حضر الإمام الطفل أمامه، فاعتدل بجلسته، أخذ يتمتم بصوت جهير، ثم بصق على الطفل. فغضب الطفل، ثم ضربه على خده، فأمر بحبسه منفرداً حتى الصباح، وقبل الفجر رحلت روحه.
الأرجيلة
أحب الأرجيلة بشغف، يشتاق لها في المساء، يعتني بها كثيراً، يشعلها، فتلتصق الشفاه، فيسري الدخان في جسمه، يشعر بارتخاء، ظل يغازلها حتى دخل المستشفى.
سعادة
استيقظ مبكراً على غير عادته، شعر بسعادة تغمره، ثم دلف إلى شرفة منزله، استنشق نسيم الصباح المشبع بالرطوبة؛ فأشعل سيجارته، خلق دوائر من الدخان، تذكر أنها قرأت عليه البارحة قصيدة غزل عبر الماسنجر، نظر إلى طائره الحزين في القفص؛ فقال له: انتظرني سأحضر لك أنثى.
الغرور
اجتمعت طيور الغابة لاختيار أفضل طائر يغرد، فاعتلى الديك الشجرة حينما طلب منه ذلك، فصاح بصوت قوي، فحيته الطيور، ثم صاح صيحة أقوى، فهتفت له الطيور، ثم نظر إليها مزهواً، فملأ رئتيه بالهواء فصاح صيحة لم يفق بعدها.
قصص سعد العتيق
جُبْن
فجأةً، وبعد موجزٍ للأنباءِ، قرَّرَ أن يُنْجي أطفالَهُ من اليُتْم، وزَوْجَتَهُ مِنَ التَّرَمُّل.. قال لنفسه: ليبقَ الوضع كما هو!!
قرار
وهو على فراش المرض، قرّر إذا نجحت العمليّة، أنَّهُ سيلتفت على أيّ نداءٍ يأتيه من الخَلْف، فهي الجهة الوحيدة التي لم يُجِبْ نداءاتِ أصحابها، ولا يعرف لماذا ينادونه؟!!
أرجوحة
عَلَوْنا، تمسَّكْتِ بي بين السَّمَاءِ والأرض، تلفّتنا: هل يرانا مِنْهُمْ مِنْ أحَدٍ، فالأرْجُوحَةُ تَضْحَك؟!
وسادة مثقوبة
بعد كل كتابةٍ يخشى أن يقرأها أحد، يطعن وسادته برأس قلمه، ثم يتوسَّدها لينامَ على بُقَعٍ اختلطت بدموعه.
انتظار
عقاربُ الوقت تَتَهَشَّمُ تَحْتَ أسنانِه، يقضمها بِشِدَّة، يَبْتَلِعُها، تَمْغَصُهُ مِعْدَتُه، يَتَقَيَّأُ المَوْعِدَ بَعْدَ فواتِ الأوان!!
سقوط
في ترفِهِ، لا يكترث لسقوط أيِّ تُحْفَةٍ من يَدِهِ، ولا يأسف لتحطمها.. فالبدائل جاهزةٌ بأيدِ الخَدَم!
قصص شريفة الشملان
فتاة
كتبها في قصته، فتاة صغيرة، خرجت له شاغبته، لعبت بشخوصه الآخر، لعبت بمخه وسرقت قلمه، أول شيء عمله عندما اشترى قلما جديدا، وضع رصاصة وأطلقها على رأسها.وفي الصباح وجدوه منتحرا..
كرة
غافلت أمها، تسربت خارجاً، تحمل سنواتها الأربع وكرة حمراء صغيرة، الطلقات التي سمعتها أمها أخفت صرختها، أخرسها جندي أمريكي، رأى الكرة قنبلة.
أحمر شفاه
تناولت من كيسها أحمر الشفاه، طلت شفتيها بكذبة كبيرة
ميزان
كان يزن زمنه، ويزن كلماته، يزن نقوده، وكل ما يتصل بها دخلا وصرفا. يزن كل شيء في حياته، الذي لم يزنه هو حظه، ذاك الذي أغرق كل موازينه، عندما تزوجها..
سيرة ذاتية
عندما قدم لوظيفة حارس أمن، طلبوا منه سيرة ذاتية، كتب فيها شهادة الثانوية العامة بتقدير جيد جدا، وسنوات ثلاث لمعاهد لغة وكمبيوتر وعلم المنطق.. انتظر أسبوعين، ثم عشرة أيام، لم يسأل عنه أحد.. عندما مر وجد رجال أمن غرباء. غضب وصال وجال، وبعث لوزير العمل خطاب احتجاج.. ردوا عليه: سيرتك الذاتية لا تتضمن إتقان الإنجليزية قراءة وكتابة وتحدثا.. عندها حرق كتب المنطق.
نعل
قرر النعل أن يجرب كيف تكون الحياة على الرؤوس. وفي غفلة صعد على رأس سيدة، عندما سمع ذبذبات مخه، نزل سريعا.. قائلا الأرض أجمل وأهدئ..
قصص شيمة الشمري
ثنائي
كنت أرقبه بحزن شديد وهو يغرق...
تحوم فوقه فقاعات كثيرة، بينما الهواء البارد يخترقني..
يبعثرني.. صلبت يداي ورقبتي.. ومع ذلك فقد كنت
أتطاير باتجاهات مختلفة.. أرفرف بحركات راقصة..
لحظات.. وعلقوه بجانبي..
كنا أجمل قميصين على (حبل غسيل) سيدة عجوز !
أنا...
عندما نظرت في المرآة ولم أجدني !!
أيقنت أن الخل ل في المرآة...
بحثت عن مرآتي الصغيرة...
- ليست في حقيبتي لابد أن أختي أخذتها..
توجهت إلى الصالة كانوا يجلسون كأن على رؤوسهم الطير... سألتهم عن المرآة لكنهم تجاهلوني !!
أخيرا: وجدت مرآة كبيرة تحتل جزءا من الحائط المقابل لنا..
عجبا... كنت أراهم جميعا إلا « أنا «....!
طفولة
أمسك النحات المطرقة والأزميل، وبدأ عمله الشاق...
حول تلك الصخرة إلى سمكة جميلة...
ابنته الصغيرة ترقبه بإعجاب قائلة: مسكينة السمكة كانت عالقة بين الصخور!
تتحين فرصة.. تأخذ السمكة، وتتجه إلى البحر..
تعود وهي مسرورة بفعلتها..
ألم يطلق والدها عصفورها الصغير من القفص؟!
أرق
تحلقوا حول الطاولة لمناقشة قضيتهم المؤرقة.. تعالت أصواتهم بالصراخ..
تألموا كثيرا.. بكوا كثيرا.. ثم تفرقوا؛ فناموا طويلا..!
أنشاق
أثار اهتمامي سرب طيور كان يمر فوق رأسي كل يوم...
كلما نظرت إليه كان يتوقف، ويبادلني النظرات!
أحاول إلهاء نفسي ؛ فيستمر بالتحليق..
وعندما أحدق إليه يقف ليتأملني...
يا إلهي !
أيعقل أنني كنت فردا من تلك الجماعة؟!
قصص صالح السهيمي
الوردة
حينما تفتحت ذات صباح بهي، أحست بالندى (الغبي) يقبل بشرة ناعمة.
وما زال أثر الرطوبة يبلل وجهها. وفي غفلة منه مسحت بكم ثوبها خدها المشرق.
شعرت بالبرد يعتلي قامتها الشوكية، ويلامس شغاف قلب حزين
لكنها لم تحب الندى يوما، ولم تعشقه أبدا، فقررت أن تعلمه فن (الجفاف) لذا عزمت على أن تبقى صامدة في وجه الشمس طيلة النهار؛ حتى استحال وجهها ليلكي الملامح.
خيانة
أخذت تتربص بنظراتي الحائرة. وعيناي تجوسان المكان. ترتكزان في جسدها الجميل. ترغب في الاقتراب قليلاً من يدي الظامئة… عجبت من التقاء الرغبات!
فكلانا يبحث عن دفء المشاعر، وصمت المكان يَسْجِرُ لواعجَ الحب. اقتربت مني، اقتربت أكثر، مَسَّدتُ بيدي على ظهرها الناعم. التصقت أكثر، وأكثر…
تحبو ناحيتي بطفولة الأشقياء، ترتشف لحظةَ سَكَرٍ هائمة، ولكن… ثمتَ شعورٌ غريب سرى في داخلي. يشي بخيانة ما … لا…لا… ربما أكثر.
حينما انسحبت ببطء إلى رجل كان يجلس بجانبي، أحسست بأنَّ الخيانة تحدِّقُ فيَّ بمقلتين حيرى…
عندما رمى لها قطعة لحم نيئة، حركت ذيلها، وركضت بعيداً في الأفق.
كَذِبٌ
هَمَسَ لوَالِدِهِ بِأَنَّ «سِدْرَةَ المُنَّتَهَى» قدْ بَاتَتْ قَرِيْبَةٌ مِنْ مَنْزِلِهِم، وأنَّهُ قدْ رَآهَا تُنَادِي بِصوتِهَا السَّاحِرِ «اقبلْ يَا بُنيَّ وتَسَلِّقْ الأغصانَ الخضراءِ!»، فقالَ الأبُ: «سَاعِدْ الآخِرِينَ، وكُنْ عَونًا لهم، ولا تُخْبِرْ إخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ!» خَرَجَ الطفْلُ بَحْثًا عَنْ سِدْرَتِهِ، فكانَ خُرُوجَهُ الأَبَدِيّ.
قصص صلاح القرشي
سمكة زينة
تتسلى كثيرا وهي تتأمل أسماك الزينة، تضع إصبعها على الزجاج اللامع كلما اقتربت منه سمكة ملونة، تساءلت: هل هذه الأسماك الصغيرة الملونة وهي في قفصها المزخرف تحن إلى البحر؟ قطع عليها تأملها صوت قفل الباب وهو يتحرك، وصل زوجها.
دندنة
عاشت عمرها تحب الأغاني، والراديو لا يفارق مطبخها، وعندما كبر الولد أخبرها أن الحديد الساخن سيُصبّ في أذنها.. لم تعد تضع الراديو في المطبخ لكنها تنسى أحياناً وتغني.... «نستنا وإحنا في جدة ونسيت أيامنا الحلوة «
حالة
كانت تحدثه بحنان كبير وهما يأكلان من نفس الطبق، كانت أمامي مباشرة، ممتلئة بالشباب وذات سمار أخاذ، التقت عينانا للحظات وعندما غادرا معا شعرت بوحدة هائلة.
أغنية
كانت الموسيقى حزينة، ورغم أني لم أكن أفهم لغة المغني إلا أنني شعرت بالصدق واللوعة في صوته، بحثت بعد ذلك عن ترجمة للأغنية ووجدتها، كانت تتحدث عن رجل وحيد ينتظر امرأة لا يعرفها.
نزولا وصعودا
يقول لنفسه وهو ينزل الدرج مسرعاً « الأمر لا يستحق كل هذا العناء والمخاطرة، لكنه في الغد يقول لنفسه وهو يصعد الدرج مسرعا « إنه لأمر يستحق العناء والمخاطرة «.
قصص طاهر الزارعي
«the cats»
في الأزقة ثمة قطط متناثرة.
يمسك بواحدة منها،.
يقضم ذيلها،.
يفقأ عينيها،.
يلفها في ملاءة بيضاء،.
لمَ يفعل بها كل ذلك ؟!
ربما لأنه يتشنج في منامه.،
أقول: ربما!
«تبعثُر»
-1-
تقبل صورته، تضعها تحت مخدتها..
وتغفو،
-2-
تقهقه جدران الغرفة، تنهض الصورة، تفتح الباب، وتتبعثر ألوانها في الخارج !
-3-
المسجلة بالداخل تنطلق بصوت عبدالحليم:
بس ألبي لسا خايف من الليالي،.
وانت عارف أد أيه ظلم الليالي.
«علكة»
طفل يبيع علكة،.
في شارع مزدحم.
يغفو لساعات..
تُسرق العلكة !
يستيقظ.
طفل آخر يبيع العلكة،.
في شارع غير مزدحم.
حينما يلتقيان..
تطفر ع يناهما!
يدسان يديهما في جيبهما،
ويتحرشان بهويتهما.
«كابوس»
وضع الطفل رأسه في حجر جدته.
الجدة: كان يا مكان..
ونام الطفل!
في جيب سرواله:
• علبة ألوان.
• عود ثقاب.
• وشعر أبيض لجدته.
«بؤساء»
هيغو يطرق باب المسرح بانفعال،.
اللوحة 1: امرأة تتشمم جثة هامدة.
اللوحة 2: طفلة تشد قرطها.
اللوحة 3: رجل أسود ينزف دما من أنفه.
فجأة.. تموت الأضواء، ثم تشتعل.
ثمة بؤساء يخترقون صمتهم ،.
ويهرولون إلى الخارج.
قصص طاهر الزهراني
بتر
يعرف كل قصص ندوبه، لكنه لا يدري كيف بترت يده ؟!
فصول
فصول وهو ينتظر.
وفي يوم قاسٍ يحمل لهيباً وأغبرة، قالت: أحبك!
فعاش كل أيام عمره الباقية برداً وسلاماً.
قشور
على رصيفٍ قذر كانوا يتوسدون معاولهم، تجلدهم الشمس بسياطٍ من لهب، كانوا ينظرون إلى بائع بطيخ بجوارهم، قاموا بجمع نقودهم المهترئة والذابلة من عرقهم، اشتروا ثمرة ناضجة، انقضّوا عليها جميعاً، بعد ذلك قضوا يومهم ينظرون إلى القشور!
سقف
من على البرج كان ينظر إلى بيوت الفقراء غير المسقوفة.
قالت له زوجته:
- سنغير ديكور الشقة.
رد ساهياً:
- والسقف!