كتب إبراهيم التركي:
كان واسطةَ عقد المجالس الثقافيةِ غير الرسمية؛ فلا يحلو المكان دون حضور أبي مالكٍ بشخصيته اللطيفة الظريفة وحضوره الباسم الجميل وأدبه الجمِّ بالرغم من لذعِ تعليقاته التي لم يسلم منها شخصُه ووضعُه وحكاياته.
أستاذٌ لأساتذةٍ في تخصصٍ ظلَّ متفردًا فيه؛ فدراستُه في إيران، ومعرفته بتأريخ الفرس وحضارتهم، واهتمامه بالدولة القاجارية، واصطفاؤُه الحديثَ عن رموز الشعر والفلسفة والكتابة جعلته مرجعًا؛ يتحدث فينصت الآخرون، ومن كان منا صغيرًا فقد تتلمذ على مقالاته «المنهلية» زمنًا رغدًا، واكتفى بما فهمه ولو لم يعِهْ.
الأستاذ الدكتور أحمد بن خالد البدلي كان رئيس القسم الثقافي في الجزيرة فترةً لم تؤرخ، ولا نعرف عنها كثيرًا، وهي - بين أوراق سيرته الممتدة - لم تُبسط سوى في حواراتٍ عابرةٍ. ما كنا نأمل أن نجدَه أمامنا لنقرأَه ونستقرئه، وغياب السير الثرية فقدٌ للمنجز العام، وقد وعى الغرب والشرق هذا المعينَ؛ فلا نكاد نجد شخصيةً سياسية وإعلامية ومجتمعيةً واقتصاديةً عازفةً عن كتابة ذاتها بذاتها أو عبر محررين كبارٍ يُدركون ما تعنيه السيرةُ من إضافاتٍ إذا خطبت الحقَّ وخاطبت الحقيقة.
لن نطالبَ أستاذنا الكبير اليوم بأمرٍ لا يستطيعُ حملَ أعبائه في ظل عزلته ومرضه وصمته، لكننا نأمل من القريبين منه ومن الأندية والمراكز الثقافية الالتفاتَ لموروثٍ حيٍّ كبرنا عليه أربعًا، وغفلنا عن الروح التي لا تموت.