بداية لعلي أسترق قليلا من دقائقكم وأقول رحمك الله يا والدي ورحم الله أموات المسلمين فبك يا والدي نسجت فكري من حضارتك في زمن الانغلاق فوداعا يا سيد الجود.
ومرة أخرى أقبل عليكم لأداعبكم ومن الجميل أن أبتدئ ببيت شعر يقول فيه الراجز واصفا الجني زوبعة:
إن الشياطين أتوني أربعة
في غبش الليل وفيهم زوبعة
وزوبعة هو مارد محترم (مرتب) والذي أردت أن أستشهد به هو أنه في توقعي أنه قد حضر إلي في ليلة كتابتي لمقال سابق في هذه الصحيفة الغراء وكان بعنوان (ليوناردو دافينشي يحمل الجنسية السعودية) وكنت أتطرق فيه باختصار إلى سؤال وحيد لو كان بيننا ليوناردو دافينشي فهل سيبزغ فجر لوحاته وفنه؟ وكأن لسان حالي يقول بأنه سيحصل في الأيام القادمة ما يثبت كلامي أو عكسه، وفعلا أتى من يبرهن لنا ولكم بروز عقل نير وفكر متطور وهو عميد كلية ليبدع حضرته في تمزيق لوحة فنانة تشكيلية دعته ليفتتح ويشرفها بحضوره كونه أكاديميا ويترأس باكورة علمية فما كان منه إلا تمزيق لوحاتها وكأنني أشعر بما شعرت به بأن تضيع جهودها ومشاعرها في أن تقع لوحاتها في أيدي شخص منغلق التفكير، وما زاد الطين بلة عذره الجميل والرائع والمخزي بأنها ليست من تقاليدنا فما كان منه إلا أن أرسل إليها رسالة وأورد فيها (آسف).
هذا ما حذرت منه في مقالي السابق الجهل الفظيع بمواهب شباب وفتيات وطننا، وناديت بأن نكون أكثر وعياً وأن ننطلق من مبدأ الحفاظ على كنوزنا البشرية ولا يتم قمعها وأن يتم دعمها، وهذا واجب وليس حسنة تقدم من المجتمع.
لا بد أن أقول لذلك العميد أي عادات تجعل من تصرفك ما يوجب ذلك وأي فكر تحمله وأنت تخرج منارات للعلم والنهضة الوطنية، وأي إبداع ننتظره منك وأنت جعلت عقلك حجمه أصغر من حدود الألوان في لوحة الخمسين سنتيمترا.
إلى متى ونحن نجلد شبابنا بزيف العيب والعار والعادات التي لا تمت للدين بصلة.
إلى متى ونحن نصدر مواهبنا إلى خارج الوطن.
إلى متى ونحن نشعر بأننا غير كل البشرية.
اسمحوا لي بأن أقول لكم بأنني أشك بأن من يسكن الجزيرة العربية هم بنو (الأقيش) وليسوا عرب الأصالة والفن.
فعلا لقد شاط المجتمع يا قوم.
@btihani
- الرياض