تقوم اللسانيات الحاسوبية على جانبين رئيسين هما: الجانب النظري، والجانب التطبيقي. فأما الجانب الأول (النظري) فيبحث (في الإطار النظري العميق الذي به يمكننا أن نفترض كيف يعمل الدماغ الإلكتروني لحل المشكلات اللغوية)، وأما الجانب الآخر (التطبيقي) فهو يُعنَى (بالناتج العملي لنمذجة الاستعمال الإنساني للغة.. وإنتاج برامج ذات معرفة باللغة الإنسانية).
والواقع أن جهود العلماء العرب المعاصرين والمؤسسات العلمية في هذه المجال يمكن نظم عقدها في أربعة صور: الأولى تتمثل في مؤلفات خُصِّصت للعربية والحاسوب، أو الحاسوب والعربية، وجاءت الثانية على هيئة مقالات وبحوث نشرت في المجلات والدوريات العلمية، أو ضمن أعمال المؤتمرات، ووقائع الندوات والملتقيات العلمية، أما الثالثة فكانت خاصة بالبرامج والنظم التي وضعت لحوسبة العربية، أو لغوية الحاسوب، سواء ما كان منها فردياً محضاً، أو نتاجاً مشتركاً، أو عملاً تجارياً عاماً. وأما الصورة الرابعة فتمثلت في إنشاء بعض الكليات الجامعية قسماً خاصاً لعلم اللغة الحاسوبي، كما هي الحال في جامعة الأمير سلطان الأهلية بالرياض (المملكة العربية السعودية). وسوف نعرض بالتفصيل لكل ذلك ما أمكننا، في إطار الهدف الموضوع والخطة المرسومة لهذه الدراسة.
وإذا أردنا عرض مراحل التطور لعلم اللغة الحاسوبي في الدراسات العربية المعاصرة أمكن القول بأن كتاب الدكتور نبيل علي (*) (اللغة العربية والحاسوب) يُعَدُّ أول مؤلَّف يتناول موضوع اللسانيات الحاسوبية مطبقةً على أنظمة اللغة العربية، صوتاً، وصرفاً، ونحواً، ومعجماً، مع المعالجة الآلية لهذه النظم اللغوية جميعها.
وكان تأريخ صدوره لأول مرة سنة 1988م. وقد حالف التوفيق المؤلف في كثير من القضايا المتصلة بالحاسوب واللغة، وذلك حينما انطلق في عمله هذا من وضع دراسات تقابلية بين العربية والإنجليزية شاملة لكل النظم اللغوية، بالنظر إلى أن الإنجليزية هي اللغة الأم لتقنيات نظم الحاسوب والمعلومات، وهذا ما نتج عنه معرفة أوجه الاختلاف والاتفاق بين اللغتين، وكان هذا النهج بمثابة الأرض الصُّلْبة والقاعدة المتينة التي هيأت للمؤلِّف منهجية وموضوعية، ومكَّنته من الإسهام الإيجابي في جهود تعريب الحاسوب من جهة، والمعالجة الآلية للغة العربية من جهة أخرى.
إن هذا الكتاب يمثل -في نظري- حجر الزاوية في مسيرة البحث اللغوي العربي في اللسانيات الحاسوبية، بل إنه كما وصفه الدكتور نهاد الموسى - بحق- (خطوة واسعة واثقة، تنتظم مشروعاً مستوعباً لتأسيس اللسانيات الحاسوبية في العربية، على أساس نظري وتطبيقي في آن واحد معاً).
صحيح أنه لم يستوعب جميع قضايا اللغة من باستعمال الحاسوب، إلا أن هذا أمر متوقع فيمن يفتتح التصنيف، أو يرد الطريق لأول مرة في أي فن غالبا.
وبعد نشر هذا الكتاب بسنوات ثمان أي سنة 1996م صدر كتاب الدكتور عبد ذياب العجيلي (الحاسوب واللغة العربية)، وهو كما يقول الدكتور نهاد الموسى: خطوة جزئية إيجابية نحو معالجة مسائل متنوعة من العربية بلغة برولوج Prolog. وهو يمثل جهداً حميداً في هذا الاتجاه البيني (اللسانيات العربية الحاسوبية).
وآخر هذه المؤلفات في اللسانيات الحاسوبية -فيما أعلم- كتاب الدكتور نهاد الموسى (العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية)، الذي صدر سنة 2000م.
ويُعَدُّ هذا الكتاب أول مؤلَّف في هذا العلم اللغوي الحديث يصدر عن متخصص في اللغة العربية وعلومها -حسب علمي-، ولذا فهو يمثل فيما أرى نقلةً نوعية في توظيف اللسانيات الحاسوبية لخدمة علوم اللسانيات العربية.
والكتاب -كما يذكر مؤلفه- (محاولة في الانتقال من وصف العربية إلى توصيفها، وذلك في ضوء الأطروحة العامة للسانيات الحاسوبية).
وقد اشتمل الكتاب على رؤى حاسوبية حاول المؤلف إسقاطها على أنظمة العربية، وخاصة النحو (الإعراب)، والصرف (البنية)، والمعجم، إضافة إلى التصويب اللغوي (الأخطاء النحوية، والصرفية، والإملائية).
إن هذه الجهود التي تمت ضمن هذا الإطار كانت -كما يلاحظ- فردية الطابع، لكن ذلك لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما أصبحت متعددة الأطراف، بعد أن احتضنتها المراكز والمعاهد التقنية، والجمعيات الحاسوبية في الوطن العربي وخارجه، والمؤسسات والشركات التجارية المحلية والعالمية، وذلك عقب حدوث ثورة المعلوماتية Infomatization، والتفجر المعرفي في عالم اليوم، وشعور الجميع أفراداً وجماعات بأنهم أمام تحدٍّ حضاري كبير، وإيمانهم بضرورة نقل هذا الصراع العلمي الثقافي -إن صح التعبير- إلى حوار منهجي وتكامل معرفي، يؤدي في نهاية المطاف إلى ردم الهوَّة، أو تقليص مسافة الفجوة -على أقل تقدير- بين الغرب والشرق العربي، وذلك ما سينتج عنه تصحيح لتلك المفاهيم الخاطئة، والتصورات المغرقة في التشاؤم، عن العلاقة بين اللغة العربية والحاسوب، ومن ثم بلورة صياغة لغوية تقنية لاستخدام الحاسوب وتوظيفه في خدمة علوم العربية.
ومن المعروف أن الجانب التطبيقي -وهو الجانب الأهم في اللغويات الحاسوبية- يتمثل في تسخير العقل الإلكتروني لحل القضايا اللغوية، وهنا يبرز الدور الرئيس والأثر الفاعل لالتقاء اللغويين والحاسوبيين، والتعاون فيما بينهم، وما يثمر عنه من نتائج تسهم إلى حد كبير في تذليل العقبات وحل المشكلات التي تواجه التحليل الحاسوبي للغة العربية، هذه العقبات والمشكلات بعضها يتصل بطبيعة اللغة العربية، أصواتاً، وبنيةً، وتركيباً، ودلالة، ومعجماً، وبعضها يتعلق بنظام الكتابة العربية، وبعضها يتصل بالمصطلح العلمي التكنولوجي للسانيات العربية، كما أن هناك مشكلات أخرى تتعلق بالبرمجيات، إعداداً، واختياراً للمادة اللغوية العربية (أنموذج لساني عربي)، وتعريباً للبرمجة. وثالث هذه المشاكل يكمن في الجهاز الحاسوبي (الكمبيوتر)، وأنظمة تمثيل المعرفة على الحاسوب باللغة العربية.
وقد بُذلت جهود كبيرة من الأطراف المعنية كافة بهذه القضية للتغلب على تلك الإشكالات، ومن ذلك ما قدمه الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح (الجزائر) من تصور حول وضع أنموذج لساني للعلاج الآلي للغة العربية، وما طرحه الدكتور محمد عبدالمنعم حشيش (مصر) من تصميم قاعدة للمعلومات بغرض تغطية الثروة اللفظية للغة العربية، والمشروع الذي تبنته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (الرياض) حول إنشاء وتطوير بنك آلي للمصطلحات أطلق عليه (باسم)، وما وضعه الأستاذ أحمد الأخضر غزال (المغرب) من تصميم طريقة تكنولوجية آلية لتعريب الحاسوب، ووضع اللغة العربية في الحاسوبات الإلكترونية وفق هويتها وخصوصية ومارفهما ورسومها، وتعرف اختصاراً بمجموعة (العمم - شع).
إن معالجة اللغة العربية حاسوبياً أصبحت اليوم أمراً لا حيدة عنه ولا مفرّ منه، وخاصة أن استثمار الدراسة الحاسوبية والمعلوماتية -بصفة عامة- يحقق نتائج كبيرة للغة العربية، في مجال التعريب، والإحصاء اللغوي، والمعالجة الآلية، وتعلم اللغات، والترجمة الآلية، وفي مجال التربية والتعليم.
ففي مجال التعريب، ونعني به هنا تعريب الحاسوب من حيث أنظمته وبرامجه ومصطلحاته، فقد اتجهت جهود التعريب فيه إلى إعداد أنظمة وتصميمها لكي تكون قادرة على العمل باللغة العربية بدلاً من اللغة الإنجليزية، إضافة إلى إصدار المؤلفات الخاصة بعلوم الحاسبات وتقنيتها باللغة العربية، وترجمة ما كان مؤلفاً بغير العربية.
ولعل من أهم الإنجازات في هذا المجال ما قامت به الشركات العربية والأجنبية العاملة في مجال الحاسوبات، كالشركة العالمية للبرامج (صخر)، وشركة (آي. بي. إم )، والجريسي للتقنية، من تطوير الحواسيب الشخصية PC باللغة العربية، ووضع معالج النصوص (عربستار 2001) بالعربية أيضاً، وتعريب نظام قواعد المعلومات الخاص بتخزين المعلومات واسترجاعها، وتعريب البرامج اللاتينية...إلخ، علاوة على الهيئات العلمية العربية، كالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليكسو)، ومعهد الكويت للأبحاث العلمية، ومعهد الدراسات الإحصائية بجامعة القاهرة، ومعهد العلوم اللسانية والصوتية بالجزائر، ومعهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالمغرب...إلخ.
أما مصطلحات الحاسوب -وهي مسألة لا تقل أهمية عن سابقتها- فقد أسهم فيها الأفراد، والمؤسسات، والشركات. وقد طُرحت في هذا المقام اقتراحات عدة من قبل خبراء الحاسوبيات، وكذلك اللغويين، وقام عدد من المتخصصين في المدرسة الوطنية للمهندسين بجامعة تونس بتعريب المصطلحات الخاصة بالحاسوبات الصغروية، كما قامت بعض المؤسسات العلمية، كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (الرياض)، ومعهد الدراسات والأبحاث للتعريب (الرباط)، ومجمع اللغة العربية الأردني، والمعهد القومي للمواصفات والملكية الصناعية بتونس، بإنشاء بنوك للمصطلحات، تهدف إلى توفير المصطلحات المعرَّبة وتوثيقها، وتنميطها وتقييسها وتوحيدها.
والواقع أن موضوع التعريب والمصطلح كان وما زال من أهم القضايا التي تشغل الأمة العربية وحضارتها المعاصرة، ورغم ما بذل من جهود في هذا الإطار فإن النتائج لم تكن على مستوى التقدم التقني الهائل في عصر المعلوماتية والعولمة!.
أما في مجال الإحصاء اللغوي -وهو كما سبق الميدان الأول لتطبيق استخدام الحاسوب في البحث اللغوي العربي المعاصر- فلا يخفى أن استخدام الإحصاء الرياضي في اللغة يحقق تقييماً كمياً (لبعض الخواص النوعية للغة، كمعدلات استخدام الحروف، والكلمات، والصيغ الصرفية، والموازين الشعرية، وأنواع الأساليب النحوية، أو التوزيع النسبي للأفعال المعتلة والصحيحة، أو للإفراد والتثنية والجمع، أو لحالات الإعراب المختلفة). كما يحقق توصيفاً كمياً لبعض العلاقات اللغوية، كالعلاقة بين طول جذر الكلمة وعدد مرات تكراره، والعلاقة بين طول الكلمة ومعدل استخدامها داخل النصوص.
ويقوم الإحصاء بتفسير بعض الظواهر اللغوية وتحليلها. ليس هذا فحسب، بل هناك (إحصاء جديد يستطيع أن يتعامل مع البنية المعقدة للسياق اللغوي، حتى يكشف لنا عن علاقات الترابط والتماسك بين فقراته وجمله وألفاظه، وتلك التي تربط بين ظاهر العبارات وما تبطنه من معان وإشارات).
ومن المشاريع العلمية القيمة في هذا المجال -بالإضافة إلى ما ذكر سابقاً- ما قام به كل من الدكتور يحيى مير علم، والدكتور محمد حسان الطيان والأستاذ مروان البواب (سورية)، تحت إشراف الدكتور محمد مراياتي، من دراسات إحصائية لدوران الحروف في الجذور العربية، وللمعجم العربي، ولدوران الحروف العربية المشكولة، ولحروف اللغة العربية. وهناك دراسات إحصائية أخرى صدرت باللغة الإنجليزية في الجامعات الأمريكية والأوروبية لجوانب لغوية متعددة، كالأصوات، والصرف، والنحو للغة العربية.
أما في مجال المعالجة الآلية للغة العربية، فقد شملت الجهود مستويات اللغة كافة، كالمستوى الصوتي، والصرفي، والنحوي، والمعجمي، والدلالي، يضاف إليها الترجمة الآلية، والكتابة العربية.
فالمستوى الصوتي تمت معالجته آلياً بوساطة تحليل طيف الصوت، وتوليد (إنتاج) الكلام، وتخزين الأنماط الصوتية للشخص المتكلم. وتبعاً لهذا تمَّ تصميم أجهزة تخليق الكلام وتحليله، وتوليد الكلام المنطوق آلياً بتحويل النصوص المدخلة في جهاز الحاسوب إلى مقابلها الصوتي، وعلاج عيوب النطق.
وقد أنجزت دراساتٌ عدة في هذا المجال، من بينها دراسة الدكتور منصور الغامدي (السعودية) عن الإدراك الآلي للتضعيف، وهي محاولة لكيفية حل مشكلة التفريق بين الأصوات اللغوية الطويلة والقصيرة في اللغة العربية، قد تعين مبرمجي الحاسوب على الإدراك الآلي للأصوات اللغوية. كما تأتي دراسة الدكتور محمد مرياتي (معالجة الكلام - تطبيق على اللغة العربية) ضمن هذا التوجُّه في تمثيل النظام الصوتي للغة العربية آلياً. ويلحق بهذه الدراسات أيضاً ما كتبه الدكتور سالم غزالي عن (المعالجة الآلية للكلام المنطوق، التعرف والتأليف).
ويوجد ببعض الجامعات العربية، والمعاهد العلمية، والمؤسسات التقنية أقسام خاصة للصوتيات، أو مراكز للسمع والنطق، أو معالجة الكلام، تجري فيها أبحاث صوتية تعتمد في المقام الأول على أجهزة الحاسوب، ويتولى الإشراف عليها أساتذة متخصصون في علم الأصوات، كالدكتور محمد صالح الضالع (جامعة الإسكندرية)، والدكتور سمير استيتية (مدير مركز السمع والنطق بجامعة اليرموك)، والدكتور سالم غزالي (مدير مخبر معالجة الكلام العربي بالمعهد الإقليمي لعلوم الإعلامية والاتصال عن بُعْد I.R.S.I.T. بتونس) والدكتور منصور الغامدي بمركز علوم وتقنية الأصوات بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والدكتور محمد صالح بن عمر (معهد بورقيبة للغات الحية بتونس)، والدكتورة تغريد السيد عنبر (كلية الألسن بجامعة عين شمس)، والدكتور سلمان العاني (جامعة انديانا).
وينبغي أن أشير هنا إلى أن استخدام الحاسوب في الصناعة المعجمية، رغم كل تلك الميزات والإيجابيات التي تتحقق للمعجم ومستخدميه، هناك بعض السلبيات التي تنتج عنه جراء ذلك، لعل من أبرزها التكاليف المادية الباهظة التي يتطلبها هذا النوع من المعاجم، وما يقتضيه من مهارات خاصة قد لا تتوافر لكثير من مستخدميه.
على أن ذلك بطبيعة الحال لا يمكن أن يقلل من هذا التوجه المعاصر في حوسبة المعجم العربي، ولا ريب أن صياغته وفق أهداف واضحة، وغايات محددة، ومنهج علمي، ومن ثمَّ توظيفه التوظيف الصحيح، سيحقق للعربية، والمعجمية بوجه خاص ما كانت -وما زالت- تصبو إليه من شمولية، ومرونة، ودقة، ومعاصرة، كما سيحقق لعلمائها وباحثيها ما كانوا يظنون أنه من الأحلام والرؤى، بل المستحيل عينه.
أما المستوى الدلالي فيعد من أعقد الأنظمة اللغوية، وأشدها تعصِّياً على جهاز الحاسوب؛ وذلك عائد إلى أن الدلالة من أقل المستويات اللغوية فيما يخص التباين اللغوي - كما يقول الدكتور نبيل علي، كما أنه يشيع فيها عدة ظواهر تُخرجها من واقع الاستخدام اللغوي وحقيقته إلى المجاز، كالاستعارة، والكناية، والتشبيه، وهذا أمر يتطلب تحديد تلك التعابير غير الحقيقية وتصنيفها دلالياً بما يساعد النظام الحاسوبي على تمثلها، ومن ثم معالجتها آلياً.
ويمثِّل المعنى مشكلة كبرى بالنسبة للنظم الآلية، فتعدد المعنى للكلمة الواحدة، وحساسية السياق في تحديد دلالة الكلمة، واختلاف الدلالة باختلاف الثقافات...، كل ذلك يجعل المعالجة الآلية للدلالة تنطوي على مفارقات يصعب بسببها تمثيل هذا المستوى أو توصيفه حاسوبياً، وبسبب من هذا تجاوزت أول دراسة صادرة عن اللسانيات الحاسوبية العربية الحديث عن المعالجة الآلية لعنصر الدلالة في العربية!.
على أن هذا لا يعني أن المعالجة الآلية لجانب الدلالة في اللغة العربية قد أُغفلت تماماً، بل إنه كان لها حضورها ضمن المستويات اللغوية الأخرى، كالمستوى الصوتي، والصرفي، والنحوي، والمعجمي، وضمن قضايا لغوية ذات صلة وثقى بالدلالة، كالترجمة الآلية. وهذا ما نلمسه في الجهود التي بذلت لتغطية هذا الجانب من اللسانيات الحاسوبية، سواءً أَكان ذلك في صورة بحوث نظرية، أو برامج تطبيقية.
فمن تلك البحوث ما كتبه الدكتور محمد غزالي خياط -وهو متخصص في الهندسة- عن تمثيل الدلالة الصرفية في النظم الآلية لفهم اللغة العربية، وقد خصَّصه صاحبه لأوزان الأفعال في العربية، معتمداً في ذلك التمثيل الدلالي على استخدام نظم القواعد الشرطية، والجمل الإخبارية، والأنماط التقليدية، وقَدَّم في ضوء هذا طريقة مقترحة لتمثيل الدلالة الصرفية لأوزان الأفعال.
ومن ذلك أيضاً ما ذكره الدكتور محمد عز الدين (تونس) أثناء حديثه عن تصميم برنامج للترجمة الآلية أُطلق عليه (الناقل العربي)، من أن هذا البرنامج يعمل على مستويات خمسة، من ضمنها مستوى التحليل الدلالي. وقد أوضح الدكتور عز الدين أن التمثيل الدلالي للجملة في هذا البرنامج يهدف إلى تحديد معنى كل كلمة في الجملة حسب السياق، مستعيناً في ذلك بمعطيات معجمية ودلالية، وبقواميس التعبير الاصطلاحية. وللسيد نصر الدين السيد بحث عن التحليل الدلالي للجملة الخبرية العربية باستخدام الحاسوب.
جامعة أم القرى