الثقافية - عطية الخبراني
لا تزل عواصف نتائج انتخابات الأندية الأدبية تواصل ضجيجها.. حيث ما تزال ردود الفعل ترتفع تارة وتنخفض أخرى هنا وهناك بين التأييد والمعارضة والقبول والرفض والإيجاب والسلب, فلم يكد ناد أن يسلم من أفواه معارضيه وعيون متتبعيه, ليظل الوسط الأدبي معلقاً بين ثغرات لائحة الأندية التي لم يتوقف الجدل عليها حتى بعد اعتمادها وبين صراع المثقفين داخل المؤسسة الثقافية وخارجها, ناهيك عن عدم الرضى بالنتائج رغم ظاهرية مشروعيتها الذي ما فتىء مسؤولو وزارة الثقافة في الدفاع عنه وعن صدقيته والتزامهم به.
لم يكد يهدأ الوسط الثقافي من حادثة نادي الباحة الأدبي واعتراض فئة على صعود الدكتورة سعاد المانع وما تبع ذلك من تبعات حتى فوجئ المتابعون لانتخابات نادي جدة الأدبي بنتائج رآها الكثير مخيبة للآمال ولا تبعث على الفأل مستقبلاً في أحد أبرز أندية التنوير في السعودية لتستمر سلسلة التذمر من نتائج الانتخابات في الأندية التي ظلت طوال سنين مضت مطلب الجميع وغاية أمنيتهم.
حول نتائج نادي جدة يتحدث العضو المؤسس للنادي القاص محمد علي قدس قائلاً: حين نرفض نتائج انتخابات نادي جدة الأدبي التي جرت مؤخراً، لا يعني أننا نشكك في الآليات أو نعترض على النتائج لعدم الشفافية والمصداقية، ولسنا ضد مبدأ الديمقراطية، كما أن الاعتراض ليس بسبب الخسارة فيها, خاصة وأن الذين اعترضوا وشككوا في النتائج لم يرشحوا أنفسهم لمجلس الإدارة، وإنما حضروا للمشاركة في انتخاب رئيس وأعضاء أكفاء من الذين لهم تجربتهم الأدبية وعطاؤهم الأدبي، حين شهدت قاعة النادي الأدبي قبل مغرب يوم الاثنين الماضي حضوراً غابت عنه الوجوه الثقافية المعروفة في المشهد الثقافي والإبداع الأدبي ورموز الثقافة والإعلام في جدة إلا من نفر قليل، بدا واضحا أنه قد تم الحشد للتصويت لفئة والتكتل لها للاستحواذ على نتائج الانتخابات.
ويتابع قدس: أحجم الأدباء والمثقفون والإعلاميون عن المشاركة في انتخابات النادي، وكان لمخاوفنا ما يبررها، وحذرنا من أن تكون نتائج انتخاب المجلس الجديد للنادي مخيبة للآمال وعلى غير ما نتوقع كأدباء صنعوا تاريخ الأدب في جدة وأسهموا في بناء كيانه على مدى خمسة وثلاثين عاما, ورغم أن الدكتور عبدالمحسن القحطاني رئيس النادي السابق حقق أعلى نسبة في الأصوات ويعتبر فائزاً مكتسحاً وتأكد لنا أنه سيكون على رأس النادي لأربع سنوات قادمة، تم اختيار غيره وأصبح رئيس النادي ونائبه والمسؤول الإداري من قسم اللغة العربية, وكأن العشرة الأشخاص الذين قرروا في اجتماعهم تجاهلوا حق تسعة وسبعين صوتا في قاعة الانتخابات, وهو ما يؤكد وجود اتفاق بين المرشحين الفائزين ضمن قائمة متفق عليها، وهو ما يتعارض مع المادة (20) من لائحة الأندية الأدبية الجديدة، التي ثبت عدم جدواها ولا تتفق مع المنظومة الثقافية ومبادئها الأساسية التي تحقق للأندية النهوض والاستمرار في نجاحاتها, وقد ألقى الدكتور ناصر الحجيلان وكيل الوزارة للثقافة اللوم على اللائحة التي كانت دافعا لتغييب الأسماء المعروفة, ونحن نؤكد أن اللائحة أتاحت دخول فئات لا تنتمي حقيقة للأدب والثقافة، ولم نر وجها من تلك الوجوه في أي نشاط من نشاطات النادي.
الشاعر والإعلامي عبدالعزيز الشريف تحدث للثقافية قائلاً: وبعد أن انفض السامر وطارت الطيور بأرزاقها, وبعد أن شُرِّع في نادي جدة الأدبي وسنت السنن وكان من واجبنا كمثقفين متحضرين أن نهنئ المجلس الجديد بمرحلته القادمة وخاصة الأخوات والزميلات الدكتورة فاطمة إلياس والدكتورة أميرة كشغري والأستاذة نجلاء مطري, لكن لي وقفة مع هذه الانتخابات –المفاجأة– وما آلت إليه من نتائج.
ويستطرد: كنا كمثقفين عبر عشرات السنين ومن خلال منافذ الثقافة المتنوعة نطالب بمجالس منتخبة للأندية بدلا من التعيين, وعندما تحقق هذا الحلم انكفأ المثقف على ذاته وانطوى داخل التنظير بعيداً عن الواقع, ونسي دوره -أي المثقف- وأنه فاعل ومتفاعل مع مجتمعه, يقوده إلى مقاطع التنوير وفضاءات العطاء بعيداً عن الكلام الذي لا يغني ولا يسمن من جوع.
وفيما يخص انتخابات نادي جدة يقول الشريف: لا بد أن نوضح ما دار حولها من تساؤلات فعندما فتح باب القبول في الجمعية العمومية اجتمع مجلس إدارة نادي جدة وتبنى رئيسه الدكتور عبدالمحسن القحطاني سنة سيسأل عنها يوماً أمام نفسه والتاريخ فقد سمح للأكاديميين -مع كامل الاحترام لهم- والمتخصصين في اللغة العربية وآدابها وشرع أيضاً مبدأ الاستثناء في الأسماء لانضمامهم للجمعية رغم اعتراض بعض الأسماء في مجلس الإدارة السابق على هذا الاتجاه, إلا أنه رفض ووضع شرط الإصدار آخر شروط الجمعية العمومية, وعلى ضوء هذا انضم إلى الجمعية كل حملة المؤهلات الأكاديمية ولم يكونوا من المبدعين أو المتواصلين مع الشأن الثقافي, وعلى ضوء هذا انتخب مجلس الإدارة وحصل الدكتور عبدالمحسن على الأصوات الأعلى وتوالت النسب بعده وعندما اجتمع مجلس الإدارة الجديد لانتخاب رئيسه وإدارييه انقلبوا على الدكتور القحطاني, وانتخبوا رئيساً آخر وانقلب السحر على الساحر, وقد صرح بهذا وقال بأنه تعرض للخديعة, وهذه دلالة قاطعة أنه قد مارس الدور معهم في الخفاء الذين أعطوه أصواتهم وقد أعطيته صوتي «للأسف» لأننا لم نكن نعلم أن الدكتور القحطاني قد اتفق ضمنياً معهم في الخفاء ولذلك مرر شرط قبول الأكاديميين والمستثنين أمثال عبدالعزيز قاسم الذي لم يكتب في حياته مقالاً أدبياً واحداً, والذي وقف في وجهه بشدة عند انتخاب الرئيس ليضمن إعادة انتخابه من جديد رغم استثناء القحطاني له.
واختتم حديثه بالتهنئة للمجلس الجديد وأنه متأكد أن المرحلة كفيلة بقبوله أو رفضه, فقد عرف نادي جدة بأنه النادي التنويري, وأن جدة هي سيدة الوجوه الثقافية, طالباً السماح من روح الرائد الكبير محمد حسن عواد الذي خذلناه في هذه المرحلة على حد قوله.