كان الرسام الشهير «سلفادور دالي» يعيش آخر أيامه بنصف شنب، وبقي يردد: «أن الفرق الوحيد بيني وبين المجنون هو أن الناس لا تعرف أنني مجنون»!
ورغم جنونه الظاهر إلا أن «دالي» يبقي حتى يومنا هذا من أعظم رسامي وفناني العالم، ويبدو أن هذه العلاقة بين الجنون والعبقرية ستبقي لغزا عصيا على العلماء لا يعرفوا العلاقة بينهما.
وفي الواقع فإن الجنون هو مظهر واحد من الحالات التي يصاب بها العباقرة والفنانون والأدباء. فعلى حسب إحصائيات أوروبية نشرت مؤخرا فإن الاكتئاب مثلا ينتشر كثيرا بين الكتاب وكل الذين يتعاطون حرفة الكتابة والإبداع عموما. وذكرت الإحصائية أن الاكتئاب يصيب حوالي 80 في المئة من الشعراء، مقابل 81 في المئة من كتاب الرواية، و87 من المسرحيين. والاكتئاب يعني وجود أمراض كثيرة غير أن أهمها على الإطلاق هو المحاولات الدائمة للانتحار والعياذ بالله. فالاكتئاب الشديد هو الذي دفع أعظم كتاب الرواية في العالم الأمريكي إلى الانتحار بإطلاق النار على نفسه عام 1961 م.
ومن الأعراض الأخرى هي بعض التصرفات الغربية التي يتميز بها سلوك بعض العباقرة. فالبعض يسير في الشوارع هائما في منتصف الليل، وآخرون يصابون بشرود الذهن، وهناك من يكون زائغ العين ويتحدث بكلمات غير مترابطة وغير مفهومة، وغيرهم ينظر إلى الناس أمامه ببلاهة شديدة!
وهناك عباقرة من تجعلهم عبقريتهم في وضع صعب حيث يكون مهتزا عاطفيا وعقليا، ويعاني من عدم التركيز وخلل في بعض الوظائف !
ماذا بقي للكتاب والعباقرة المساكين إذن ؟
آخر ما خرجت به تلك الإحصائية السوداء هي أن الكاتب ليس زوجا مثاليا، بل ولا يعمر طويلا. وحالات الطلاق تكثر بينهم، ومزاجهم أكثر تقلبا.
ومع كل ذلك الذم إلا أن هناك اتفاق على أنهم أكثر الناس رقة ووداعة وإنسانية وصفاء ومحبة.
وتلك ضرائب الكتابة ومآسيها !
albassamk@hotmail.com
البحرين