تنقل بين القاهرة وليدز في بريطانيا وميتشغن ونيومكسيكو في الولايات المتحدة، وعلى مدى أكثر من نصف قرن (منذ عام 1958م) تدرّج في الوظائف الأكاديمية: معيداً وأستاذاً مساعداً فمشاركاً ثم أستاذاً، وكلها في جامعة الملك سعود بالرياض.
هدوؤه علامتُه المميزة؛ فلم يعهد عنه مخاصمة عبر سيرته الكتابية، وهو ما لم يُعرف عن كثير من زملائهِ، غير أن تخصصه في اللغة الإنجليزية، وكونه من الأوائل في هذا المجال، وعدم وجود منافسين حينها، إضافة إلى هدوئه الشخصي، وطبيعته المتواضعة جعلته يمر على الساحة هوناً دون أن يضطره المجادلون أن يتجاوز حالاً أو مقالاً.
عزت عبدالمجيد خطاب: العميد والوكيل ورئيس القسم ورئيس التحرير والمشارك في إذاعة الرياض (العربية) والمشرف على إذاعتها الإنجليزية وعضو مجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض وعضو الجمعيات العلمية العربية والدولية، اسمٌ لا يعرفُه الجيل المثقف الجديد، ربما بسبب كتاباته التخصصية التي لا يعنيها ما يدور في المشهد الثقافي، فرغم عمقها لا تستأثر بالحوار، واقرؤوا نماذج من كتبه وكتاباته:
ملامح وصور شعرية، الأدب عملية استكشاف، ترجمة عربية لمرثية توماس غري، أبو ريشة في عالم جون كيذس، قراءة في كتاب الطريق إلى الإسلام لمحمد أسد (الطريق إلى ابن سعود)، النص المترجم نص موازٍ، أبو ريشة وبراون وعلاقتهما في المونولوج الدرامي، شخصية الرسول (ص) في مسرحية كريستوفر مارلو، براوننغ والشعر العربي، تخطي الحواجز الثقافية: مقارنة لملحمة جون ملتون: الفردوس المفقود، حوارات النص، دراسات في الأدب المقارن، كما أصدر ديواناً شعرياً باللغة الإنجليزية اسمه (الصخرة).
عزت خطاب عالم أخلص لتخصصه؛ فقدّم فيه ما وسعه البحث والجهد والاقتناع، وبقي اسماً لا يتجاوزُه الدارسون، وليس المهم هنا الكثرة العددية؛ لأن رواية مكشوفة لكاتب مغمور، أو كتاباً تجميعياً لواعظ مشهور يدران دخلاً، ويضيفان جماهير لم يصل إلى معشارها (شوقي وطه حسين وحمد الجاسر) مجتمعين.
يشده الحنين إلى أيام جامعة القاهرة، ويتذكر أبرز أستاذين له: رشاد رشدي ومجدي وهبة، وكان يحلم بأن يقعد مكانهما فيتكلم حيث اعتاد الإنصات.
أشاد الدكتور نذير العظمة في (ثقافة الجزيرة) بترجمة خطاب كتاب لويز روزنبلات: (الأدب عملية استكشاف)، وكُرِّم في اثنينية الخوجة، ونادي الرياض، ومحافل محلية وعربية أخرى تظل دون ما هو مستحق لهذا العالم الذي لا يزال هاجسه أزمة الأدب المقارن الذي لا يكاد يعترف به الجيل الجديد، وقد أشاد بفضله الدكتور عبدالسلام المسدي رحمه الله؛ حيث لم يسند إليه أعمالاً إدارية خلال عمله بجامعة الملك سعود، وكان خطاب رئيس قسم اللغة الإنجليزية؛ فتمكن من التفرغ لموسوعته عن اليهود والصهيونية.
عزت خطاب (1354هـ -) شاهد على مرحلة ثقافية مهمة، وسيظلُّ جزءاً من تاريخ حافل في بدء التأسيس الأكاديمي الذي أرهص لما نعيشه اليوم من فضاء يملك مقومات الثراء.
الأعمال تبقى.