في الوقت الذي أصبح التعليم ينحى في الاتجاه الرأسي بدلا من الاتجاه الأفقي كما كان في السابق، وأصبحت الحاجة للتخصصات الدقيقة حيوية، وعليه زادت أهمية وجود المؤهلين في كل مجال ومنها مجال تأريخ الفن والنقد الفني.

وفي ذات الوقت اختلطت صيحات المعاناة من خلو الساحة من الناقد المتخصص مع صيحات كل من يفتي بقدراته ومهاراته النقدية بل أصبح الكل ناقد وعالم في الفنون وتاريخها لمجرد انه مارس العمل من خلال لوحة أو منحوتة أو أمضى بضعة أشهر في دورات تدريبية منزلية، وأصبح من يتابع ويقرأ ويكتب في تاريخ الفن والنقد الفني لمدة عشر أو عشرين أو ثلاثين سنة، ومن يقوم بدراسات بحثية (محكمة) في مجال تاريخ الفن والنقد الفني.. هم الجهلاء في ماهية النقد! مع قناعتنا أن الفنان يختلف تماما عن الناقد عكس ما يعتقده البعض أن كونه ممارس للفن التشكيلي (حتى لو لم يكن مبدعا) فهو قادر على النقد (كما أنوه أن الممارس للفن التشكيلي يختلف عن المبدع)، وعلى العكس فإن الناقد يجب أن يكون واعيا وملما بالعملية الفنية من حيث الأداء.

وعلى سبيل المثال لا يستطيع أحد ما أن يزعم أنه قادر على القيام بعملية جراحية أو حتى كشف طبي وهو لم يدرس الطب بشكل سليم، بينما يشكك في مهارات الأطباء، والنقد الفني علم لا يأتي بقراءة بضع من كتب مترجمة ترجمة ضعيفة أو مقالات ورسائل تناقلتها المنتديات.!

تاريخ الفن والنقد الفني مرتبطان لأن عملية النقد للعمل الفني لا تقتصر على التقنية إنما هي جزء لا يتجزأ منه وعملية النقد هي قراءة مفتوحة للفنان ومكوناته الفكرية قبل قراءة العمل الفني لذا يهمنا في نقد الفن معرفة العوامل الأحادية التي ساهمت في بلورة هذا العمل حسب الفترة الزمنية لهذا المنتج كالمعتقد الديني والفكر الاجتماعي والاقتصاد وغيرها من العوامل الفاعلة، وهو ما يجعل الشخص يثمن عملا ما أنتج قبل مائة عام على سبيل المثال ولا يثمن مثيله الذي تم إنتاجه قبل عدة أشهر، ولكي أوضح الصورة بشكل أفضل فإن رسومات كهوف التميرا هي مبدعات فنية بسبب تاريخها ولكن لو رسمت اليوم لم يلتفت إليها أحد.

وللحديث بقية...