*عبدالرحمن السليمان
الخطوة التي قامت بها حوار جاليري بإقامة معرض لأعمال الفنان عبدالجبار اليحيا هي خطوة جميلة في وقت يستحق فيه هذا الفنان تكريما لائقا بمكانته ودوره في الحركة التشكيلية السعودية.
عبدالجبار اليحيا واحد من الأسماء التشكيلية التي ظهرت مبكرا فهو منذ وقت مبكر كان يمارس الفن ويشير شقيقه الفنان عبدالله الشيخ الذي يصغره بأعوام قليلة أنه كان يرى أخاه يرسم وكان شديد الإعجاب بما كان يقوم به، وذلك قبل أن يلتحق الشيخ بمعهد الفنون الجميلة ببغداد وهو الذي تخرج فيه عام 1959م وسيرة اليحيا مليئة بالأنشطة والثقافة الفنية والأدبية فقد كان صديقا للوسط الأدبي مثلما هو جزء من الحركة التشكيلية السعودية، نشط منذ إقامة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون معرضه الشخصي في مدينة الرياض وقد عُرف عنه اهتمامه بجوانب البيئة المحلية ورسم المشاهد الصحراوية وقد ظهرت هذه الاهتمامات في أعمال لاحقة له في الثمانينات، كان شديد التعلق بالمكان وبساطته وهو ما يظهر على أعماله التي تتسم بالبساطة والبعد عن التفصيلات إلا بما يحقق مضمونا غالبا يسعى إلى تحقيقه، وفي الثمانينات الميلادية كان نشطا في تواجده ضمن جماعة أصدقاء الفن التشكيلي الخليجي التي طاف وأعضائها عددا من الدول العربية والأجنبية، كان تعرفي عليه من قرب من خلال الجماعة وكانت أعماله تحمل هويتها وشخصيتها مثلما يرغب الحديث عن الجوانب التي تحرضه على رسمها أو تناول مثل تلك المواضيع وهي غالبا ترتبط بالمكان فنجد في أعماله المنازل المتهالكة والمتساقطة والأطلال كما الأشجار والنخيل والمزروعات ويضيف غالبا إلى هذه العناصر الشخوص المتمثلة في المرأة التي يرسمها صلبة وقوية ومنتصبة، وأحيانا عاملة وناهضة بدورها الاجتماعي والإنساني، ولعل لوحته (البناء) من وجهة نظري من أهم أعماله الفنية التي لخّصت تجربته الفنية من حيث الفكرة وبناء اللوحة وعلاقات عناصرها وبساطتها الشديدة وإيحائها، هو في تلك اللوحة يصل إلى غايته في تحقيق الفكرة وهي الدور المماثل للمرأة كما هو الرجل في البناء عامة وهو بناء المجتمع والأسرة والثقافة وغيرها.
لا يتوانى الفنان عبدالجبار اليحيا في المساهمة في التوجيه والحوار والمناقشة وعرف عنه قوته في الدفاع عن وجهة نظره وهي وجهة نظر غالبا ما تتجه إلى تأكيد الدور الإنساني والثقافي في الحياة عامة لعله يميل إلى نفس الأدباء في تأثير الكلمة وبالتالي المباشرة في توجيه الفكرة الفنية التي تتمثل في الصورة وأعني اللوحة بكل معطياتها الفنية التي تتحقق عادة وفق عناصرها ومعطياتها الخاصة.
في أواخر الستينات وتحديدا 1968م عمل الفنان عبدالجبار اليحيا في صحيفة المدينة المنورة وكان يقوم بالكتابة في مجال الفنون التشكيلية وترجمة بعض المقالات في الفن ولم يطل المقام به في جدة حيث انتقل إلى الرياض ليواصل فيها حياته ويقيم فيها معارضه الفنية الخاصة ثم خلال الأعوام الأخيرة كان أحد مؤسسي جماعة ألوان وهي الجماعة التي تضم العديد من الفنانين والفنانات ورأس الجماعة تقديرا لمكانته كما أنها كرمته في أولى دوراتها التكريمية لأعضائها.
يبقى هذا الفنان اسما هاما في الحركة التشكيلية السعودية، ترك أثره وثقافته في عدد من زملائه ودافع عن آرائه بوعي ومعرفة، والمعرض الذي يقيمه جاليري حوار بالرياض له هو نوع من التكريم والتقدير الذي نحيي حوار عليه، وقد كانت الجمعية السعودية للفنون التشكيلية أعلنت عن تكريمه في الدورة الأولى لملتقاها التشكيلي السعودي القادم وهو في الواقع يستحق ذلك وأتمنى أن تأخذ أعماله الفنية اهتماما بحيث تجمع في إصدار يتلاءم ومكانته في الحركة التشكيلية السعودية ودوره الريادي فيها، بجانب ما صدر لأعماله وضمنها الإصدار الأخير الذي تبنته حوار بجانب المعرض.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام