قبل أن تربطه علاقة وطيدة بالكرسي، تجده مناضلاً مسرحياً يردد شعارات المساواة وإتاحة الفرص وأن الساحة تتسع للجميع، وينادي باحتواء الشباب وتقديم يد العون لهم، ويحارب الشللية والعنصرية والاحتكار، ويرفض مبادئ السادية المسرحية، ويدعو إلى الديمقراطية، ويأخذك في الحديث معه إلى درجة عالية في الحوار المرن المقنع المتزن إلى حد وصفك له بالتقي المسرحي.
ولكن... ماذا بعد أن يصل إلى كرسي المسؤولية الذي يراه هدفاً يصبو إليه؟ لا شيء جديد عن ذي قبل ممن تلقفتهم وتلبستهم (ثقافة الكرسي)، فهو لا يحرك ساكناً ولا يغير مجرى الفساد المسرحي السابق، بل تتملكه هذه الثقافة المنسوبة لهذا الكائن الجامد الذي بُلي بمثل هؤلاء وحولوا المكان إلى ثقافة خاصة تتناسب مع حب الأنا والتملك والشللية، ومتى ما أردت أن تصل إلى عمل مسرحي تخرجه أو تكون ممثلاً فيه أو تكتبه أو تكون أحد عناصره ولديك الإمكانات التي تؤهلك لذلك فلا بد لك من مسح الجوخ والتمرد على مبادئك وعدم إبداء وجهة النظر المخالفة لما يقوم به أو أن تتجه لأخذ الفيتامين السائد لدى الجميع (واو) لتحصل على ما تريد، وكأنك لا تنتمي إلى الوسط المسرحي ولا يمت لك بصلة. ولكن ماذا نقول؟... إنه الكرسي.
وهذا هو حال البعض ممن توكل لهم مهمة رئاسة لجنة مسرحية أو جمعية معينة تعنى بالمسرح.
لا أريد هذا... ولا أرغب بذاك... قربوا فلاناً صديق التوجه..... ونادوا فلاناً (السلبي) حتى أحركه كيف أشاء. يحول كل شيء إلى ملكية خاصة من الصعب أن تصل إليها، أو تحاول العبور من جانبها أو حتى الحديث عنها، وكل هذا بسبب الكرسي.
لقد أصبحنا في زمن لعبة الكرسي فمن يجلس عليه يتلبسه ويستقبله ليغذيه بمبادئ الأنانية والتسلط المسرحي، لا قيمة لما تقدم من إبداع، ولا احترام لهويتك المسرحية، إن أردت أن تصل فاعرف كيف تتعامل مع الكرسي وترضخ لثقافته.
أرجو من الكرسي أن يفهمنا ويغير من ثقافته الديكتاتورية ليتيح المجال لمن يريد أن يعمل ويبدع ويطور مسرحنا، ويحتوي المسرحيين ويبعدنا عن الشللية التي عصفت بمسرحنا وحولته إلى أجزاء متناثرة بعد أن كان كتلة واحدة في فترات سابقة عندما كان حب المسرح وازدهاره هو الهاجس الوحيد.
ولي طلب أخير منك أيها الكرسي أتمنى أن تشجع الصناعة المحلية بدلاً من جلب محترفين من الخارج.
أيها الكرسي... هل سمعتني!؟
(كل ما ذكرته آنفاً وجهة نظر محب لا تفسد للمسرح قضية).
Nif_123@hotmail.com