كنت كتبت سابقاً عن التربية الفنية وما هي عليه أنشطتها المتمثلة غالباً في معارضها ثم الاهتمام الذي تجده وبعض ما يواجهها كمادة من إشكالات.
في الثمانينيات الهجرية أنشئ للتربية الفنية أهم مؤسساتها التعليمية، ذلك هو معهدها في الرياض (معهد التربية الفنية) وكان مركزاً مهماً استقطب حينها كثيراً من الشباب خريجي المرحلة المتوسطة وكبر الاهتمام عندما افتتحت أقسام للتربية الفنية في كليات التربية في بعض الجامعات أو في بعض كليات المعلمين.
كان الهدف تأهيل معلمين لهذه المادة لكن هذا التأهيل كان مسبوقاً ببعثات إلى الخارج للدراسة والتخصص فيها أو في تخصصات أخرى في المضمار الفني. عاد بعض المبتعثين ليلتحقوا للعمل في إطار التربية الفنية خصوصاً التعليم أو الإشراف.
تتواصل العملية التعليمية التربوية ببقاء المادة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وبدرجة أقل في الصفوف العليا للمرحلة الابتدائية ذلك أن نصيب الطالب حصة واحدة أسبوعياً.
في هذا الإطار وخلال الأعوام الأخيرة تحديداً بدت أنشطة التربية الفنية أقل مما هي عليه، وبدا أيضاً أن الاهتمام الذي تمثل في العديد من البرامج التي تقوم بها بعض الإدارات التعليمية أخذ في الضمور.
أتذكر في الأعوام السابقة عدداً من الأنشطة الفنية تتمثل في معرض الرسام الصغير، معرض ختام الأنشطة، معارض المدارس، مسابقة الوطن في عيون الأطفال، المرسم الحر، معرض معلمي التربية الفنية وربما غيرها من أنشطة كان التنافس فيها كبيراً، أما الآن فلا أجد من ذلك شيئاً سوى ما تشترك به المدارس أو المنطقة التعليمية أو الوزارة في أنشطة محلية محدودة أو دولية، بعضها ما يخص التربية والتعليم والبعض الآخر ضمن الاهتمام في أسابيع أو أيام ثقافية سعودية في الخارج وهذا كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحرص عليه في المشاركات الخارجية ضمن أية مناسبة شبابية يكون للمملكة فيها حضور.
لفت نظري منذ أشهر كتابة للزميل الكاتب مساعد أحمد العصيمي وكانت نسخة من الموضوع المنشور في إحدى الصحف المحلية بيد أحد زملائنا التربويين والمتخصصين في مجال التربية والتعليم والإشراف على هذه المادة بالمنطقة يحملها بقلق وغيض، وأكثر ما كان يزعجه هو رأي ذلك المسؤول التربوي المتخصص في العلوم وكان مشرفاً لهذه المادة في فترة من حياته التعليمية، أما العصيمي فكان مدافعاً عن المادة وهو ينقل رأيه حول ذلك التصريح الذي نشرته صحيفة محلية بتاريخ 4-4-2008 الحديث الذي أدلى به هذا المسؤول بالفعل كان مزعجاً من مسؤول، العصيمي يقول إن هذه المسؤولية قد تقع لو أصبح وكيلاً أو وزيراً، ويضيف في نقله عن هذا المسؤول أنه لو كان وزيراً للتربية والتعليم ولو ليوم واحد لقام بإلغائها والمقصود هنا التربية الفنية.
هل التربية الفنية أصبحت عالة على المواد الدراسية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ثم هل الاتجاه للاستفادة من طرق التربية والتعليم الحديثة ومن المتغيرات الإيجابية في هذه المسيرة أن نأخذ بشيء ونترك أشياء وهل هذا الذي نأخذه يتلاءم مع احتياجاتنا.
التربية الفنية في المملكة -في الحقيقة- لا ينقصها المعلمون فهناك ما تدفع به أقسامها إلى الميدان التربوي لكن إشكالا مقابلا هو الطرق التي تدرس بها المادة والإمكانات المتاحة لها، فهي لم تزل تلك الطرق التي تعلمنا بها منذ ثلاثين عاماً وأكثر، ولم نلمس إلى الآن ذلك المتغير الذي يضع للمادة الأهمية التي تضعها في الأولويات فالطالب لا يحتاج أن تُشحن أو تُكدس عقليته بالمعلومات في المواد التعليمية أو تصدر عليه الأوامر برسم موضوعات مكررة دون أي جانب ابتكاري أو تحقيق لذاته وتأكيد على قدراته الإبداعية، نحن نبحث في طرق تعليم جديدة ووسائل تعليمية جديدة تسهل وصول المعلومة والتعامل معها ونبحث في مناهج أيضاً جديدة وضمنها التربية الفنية التي تخضع لتقييم شخصي من معلمها، وحديث مسؤول بالطريقة التي نقلها إلينا العصيمي هو حديث مخيف فماذا لو تقلد هذا المسؤول منصباً أعلى هل بالفعل سيتخذ قراراً بإلغائها وهل من حقه أن يعبر عن مثل هذا الرأي وهو في هذا الموقع؟ ثم أين السنوات التي هيأت فيها هذه المادة أخواتنا وبناتنا؟ وهل النتيجة الحالية من كل ذلك سلبية بحيث يتم الاستغناء عنها كمادة؟.
ثم وقد أشار العصيمي إلى أنها -برأي المسؤول- لا تقدم قياديين فلماذا أهلت الدولة أبناءها منذ الثمانينيات الهجرية وابتعثتهم للخارج في هذا التخصص فهل هذا المسؤول الآن سيكون أكثر فهماً أو أن لديه الإمكانية وبعد النظر للقول بذلك؟
أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن عندما نقرأ تصريحاً عجيباً كهذا!!!
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244
الدمام
aalsoliman@hotmail.com