الشمس تطلع حيناً ثم تحتجب
والسحب منها نزول الغيث مرتقب
والروض يرنو إلى الآفاق في طرب
مستبشراً فرحاً قد شفه الطرب
والطير تشدو على الأغصان قائلةً
يحلو الغناء بأرض كلها ذهب
عم الربيع ربى البيداء وابتهجت
شم الجبال بأرض الله والكتب
يا نجد تيهي على الأمصار معلنةً
أنا العروس عليها العطر منسكب
عطر الخزامى وزهر الروض في وله
يداعب الشيح ينأى ثم يقترب
نجد العروبة يا أغلى مرابعنا
ترعرع الشعر في مغناك والأدب
لقد لبست ثياباً جلّ ناسجها
قد نمنمتها يد خلاقة تهب
يا نجد يا منبت الآداب من قدم
ولا تزالين أنت العُجب والعجَب
كم شاعرٍ شاعرٍ بتنا بصحبته؟
كم من فنون روتها الصحف والكتب؟
كم عاشقٍ بات والمحبوب في غزل
والشوق والحب والآهات تلتهب؟
يا نجد يا سلوة المحزون إن عبثت
فيه الهموم ولج الضيق والصخب
يا نجد روضك إن مر النسيم به
أمواج بحر علته الريح يضطرب
كل البلاد جنود عند قائدهم
وأنت يا نجد فيهم جحفل لجب
أنت الجمال بأرض الله قاطبةً
أخشى عليك ولو لم ترفع الحجب
نجد الحبيبة خود في تدللها
فأين منها ربى لبنان أو حلب؟
وأين منها ربي الزهرا بأندلسٍ؟
وأين ما صاغت الأشعار والخطب؟
وأين منها لمى الحسناء إن برزت
قد زينوها وللكفين قد خضبوا؟
سموك نجداً ونجد لا يماثلها
في الحسن شمس ولا الأقمار والسحب
إذا تباهى من الأقوام معجبهم
بالطير والخيل أو تحلو له النجب (1)
باهيت فيك بلاد الله أجمعها
من حبك القلب يا حسناء ينشعب
لا غرو يا نجد فالدنيا بأكملها
إن زينوها فأنت التاج واليلب
وأنت مني سويدا القلب إن عشقوا
بنات حوا وإن لجو وإن غضبوا
يكفي بأنك يا حسناء ملهمتي
وأنني لبنيك الصيد أنتسب
(1) النجب: الأبل
(2) الهلب: جلود يخرز بعضها إلى بعض تلبس على الرؤوس خاصة (القاموس المحيط)