أسابيع قليلة ويعود الفرح محلقا بإقامة المهرجان الوطني للتراث والثقافة على أرض الجنادرية ويلتم شمل المثقفين من فنانين وأدباء ومهتمين ومتلقين وخصوصاً المسرحيين الذين نأت بهم المهرجانات المحلية وتبادل العروض لذا لا يجحد أي مسرحي دور المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الحركة المسرحية الوطنية خصوصاً بعد أن بقي النشاط المسرحي مستمراً بينما سقط مهرجان أبها بالضربة القاضية وغاب مهرجان المسرح السعودي لثمانية أعوام قبل أن يعود مكللا بالفرح، لكن هذا الاعتراف بالفضل لا ينسينا جهود المسرحيين في استمرارية النشاط المسرحي وتحملهم للكثير من المصاعب التي تواجهه والتي تتطلب من إدارة المهرجان بحكم مسؤوليتها الثقافية أن تولي المسرح اهتماما فعليا ويليق به كنشاط ثقافي وطني حقق للبلد مكاسب ثقافية خارج المملكة وأصبح يعتد بالمسرح السعودي في المهرجانات والملتقيات العربية.
هذا الحال يتطلب من المهرجان أن يكون النشاط المسرحي إحدى الركائز الأساسية في الفعاليات وليس نشاط هامشيا كما حدث في الأعوام السابقة. فالمأمول أن تحظى الفعالية بافتتاح مبسط برعاية إحدى الشخصيات الرسمية الممثلة للمهرجان وإشهار فعالياته في كافة مطبوعات المهرجان بالحجم اللائق به وتمكين الضيوف ذوي الاهتمامات المسرحية من حضور بعض العروض على الأقل وأن تتضمن رسالة المهرجان التلفزيونية اليومية فقرة عن المسرح تتناسب مع الجهد المبذول بالإضافة إلى أن تكون استضافة الفرق المسرحية طوال مدة النشاط كما هو معمول به في كافة المهرجانات المسرحية وأقربها للأذهان مهرجان المسرح السعودي الرابع.
ففي حضرة المهرجان الوحيد فإن استبعاد عروض مسرحية لاتباعها نهجاً إخراجياً أو كتابياً محدداً حتى لو كانت جيدة لمصلحة عروض تتبع منهجية أخرى يضر كثيرا بالثقافة المسرحية ويفرض على المتلقين نمطية معينة ولا يتيح لهم خيارات أخرى ويحرم المسرحيون والمتلقون من رؤية تجارب بعضهم والنقاش حولها ومعرفة ما وصلت إليه الحركة المسرحية الوطنية.
وقد يذهب قائل أن ازدحام الفعاليات وتنوعها واختلاف مواقع إقامتها يحول دون التركيز على بعض الفعاليات كأمر طبيعي، وهذا القول وغيره يتيح لنا التفكير في طرح فكرة إقامة النشاط المسرحي بالجنادرية في وقت غير متزامن مع فعاليات المهرجان مما يتيح بروزه بشكل مناسب ولا يؤثر على المهرجان كحاضن للثقافة بل قد يمنحه بعداً ثقافياً خلاباً نحن في حاجة إليه، ويجعل الجنادرية حاضرة طوال العام وليس في وقتها المتعارف عليه.