يعتبر المسرح المدرسي من الدعامات الأساسية التي بإمكانها تكوين شخصية المتعلم، وجعله يكتسب الشجاعة الأدبية اللازمة لاكتساح ميادين الحياة المتعددة.
كما ينمي قدرة الطالب على التعبير عن نفسه، وبالتالي قدرته على التعامل مع المشكلات والمواقف.
ومسرحنا المدرسي في المملكة يعد من أهم الروافد المنتجة لممثل المستقبل والعديد من المسرحيين اليوم انطلقوا من بوابته إلى ما هم عليه الآن.
وحول وضع المسرح المدرسي حالياً، ذكر المعلم بإدارة تعليم الطائف وعضو الجمعية العربية للثقافة والفنون بالطائف الأستاذ مساعد الزهراني أن المسرح المدرسي يمر حالياً بأسوأ حالاته من تخلف مستمر في الأفكار والتنفيذ، وأرجع ذلك إلى عدم تفاعل وزارة التربية والتعليم مع هذا النشاط. وأضاف: (مسرحنا المدرسي لم يأخذ الاعتراف الكامل من الوزارة حيث إنه لا يوجد له مسمى خاص به (نشاط مسرحي) ولكنه يوجد ضمناً باستحياء في داخل نشاط له عدة فروع وهو النشاط الثقافي ولا يعد من الأولويات لدى المشرفين القائمين على النشاط الثقافي فهنالك أنشطة لها أهمية أكبر مثل الإلقاء والتعبير والخطابة وما إلى ذلك. ولكن المسرح يكاد يكون غائباً مع أن المسرح باستطاعته أن يحتوي هذه الأنشطة مجتمعة وكذلك لو شاهدنا القائمين على النشاط المسرحي فهم غير مؤهلين لا بدورات ولا خبرات ولا دراسات وكل ما في الموضوع (فزعة مع المدير أو الإدارة) أو ربما يكون هذا الشخص (عيّار) صاحب نكت وخفة دم. كما أن المدارس وهي القاعدة الأولى والأكبر والأهم لا يوجد بها نشاط مسرحي مقنن إلا من خلال بعض الاجتهادات التي ربما لا تخلو من التكرار في الأسلوب والطريقة والمادة وتقام هذه الأنشطة على مضض من الإدارة المدرسية والمعلمين وبالتالي ينعكس ذلك على الطلاب.
ومن وجهة نظر خاصة أرى أن الموضوع جدير بالاهتمام وخصوصاً أن له فوائد جمة تنعكس على أبنائنا الطلاب وعلى حياتهم وسلوكهم ودرجة وعيهم وقدرتهم على التعامل مع الأشياء من حولهم واكتساب الثقة في النفس، فهنالك خطوات يجب أن تقوم بها الوزارة مشكورة لرفع مستوى المسرح المدرسي وأول وأهم هذه الخطوات الاعتراف بالمسرح المدرسي وأهميته ثم تأتي بعد ذلك الخطوات الأخرى تباعاً للرقي بالمسرح المدرسي).
وأضاف الأستاذ سلطان النوة أحد معلمي إدارة تعليم الأحساء وعضو الجمعية العربية للثقافة والفنون بأن الكثير من المسرحيين القدامى الذين تفوق خبرتهم العشرين والثلاثين عاماً قد تتلمذوا على يد المسرح المدرسي وكان يحتضنهم في أوقات الدراسة وخارجها. ولكنه اليوم مغيب بسبب عدم قدرة المكلفين بالإشراف عليه على تفعيله لعدم وجود إلمام بالمسرح من قبلهم. واهتمامهم بنشاطات أخرى كونه يندرج تحت شعبة النشاط الثقافي ولا يوجد استقلالية خاصة به.
وطرح النوة عدة حلول لتغيير الركود الذي يعيشه المسرح المدرسي منها: تعيين المعلمين الذين لديهم خبرة في المجال المسرحي مع زيادة الوعي بهذا النشاط في المدارس، وإيجاد تعاون بين إدارات التعليم والمؤسسات المسرحية لزيادة الثقافة المسرحية لدى المشرفين التربويين، وإقامة دورات مسرحية مكثفة للمعلمين والطلاب، وإشراك الإعلام بجميع فروعة في زيادة تفعيل هذا النشاط المنسي.
ويقول المخرج المسرحي وأحد معلمي تعليم نجران الأستاذ سلطان الغامدي: (إن ما ينقل للطلاب عن المسرح وأساسياته وأهدافه يعد خطراً أكبر لأن الموكلين بهذا النشاط لا يوجد لديهم الدراية الكافية بالمسرح وتم تعيينهم لسد الحاجة دون النظر إلى المؤهلات والخبرات, ولزيادة الوعي وتطوير النشاط المسرحي لابد من عزله واستقلاليته عن النشاط الثقافي، كما يجب التعاون مع جمعية المسرحيين السعوديين لعمل دورات ومحاضرات تساعد في تقدم المسرح المدرسي. إضافة إلى ضرورة مشاركة إدارات التعليم في المهرجانات الداخلية مثل مهرجان الجنادرية ومهرجان المسرح السعودي، وإدراجه ضمن المناهج المدرسية لأهميته القصوى في المساعدة على زيادة وعي الطالب، وكذلك تكثيف المسابقات المسرحية بين المدارس وكذلك بين إدارات التعليم).
وأرجع الأستاذ فهد الأسمر المعلم بتعليم المدينة المنورة وعضو جمعية الثقافة والفنون بها سبب تهميش المسرح المدرسي إلى عدم اهتمام الوزارة به كنشاط مهم، وغياب الكفاءات من المعلمين لاختيار المواهب من الطلاب وتدريبهم التدريب الصحيح، إضافة إلى غياب القاعات المسرحية في المدارس الحكومية وضعف التحفيز المعنوي والمادي من قبل المسؤولين في التربية والتعليم، ومحاربته من أشخاص لهم أفكار ترى بأن المسرح محرم ولا يجب تفعيله.
ويرى الأسمر أن المسرح المدرسي يجب إعادته وبقوة من خلال القضاء على المسببات التي ذكرها سابقا والتي أدت إلى تخلفه.
ويقول الأستاذ عبدالهادي القرني المشرف التربوي بقسم النشاط في إدارة التربية والتعليم بالقوات المسلحة: (ظُلم المسرح كثيراً والمسرح المدرسي بالخصوص في السنوات السابقة خلال فترة الثمانينيات وما صاحبها، فلم يجد أي اهتمام يُذكر من خلال الجهة المخولة بتنميته، وصادف ذلك تراخ من قبل الجهات الثقافية مما أدى إلى تواجد أزمة مسرح في المملكة فحتى لو حقق المسرح بعض الجوائز خارجيا أو كان مشاركا في المناسبات الخارجية فهذا لا يمنع أن يكون هناك نقص حاد جداً في المفهوم المسرحي الحقيقي.. إن المسرح المدرسي هو اللبنة الأساسية في تواجد المسرح البعيد عن التهريج والذي يقدم رسالة ثقافية للمجتمع. والمسرح المدرسي كفيل بتقديم ممثل مسرحي واع لأهمية المسرح ذي الرسالة الواعية البعيدة عن المفهوم المترسخ في أذهان البعض من أن المسرح هو فقط للتهريج. إن الخطوات التي اتخذت في الآونة الأخيرة التي من أهمها عودة المهرجان المسرحي التعليمي الذي يعد أحد الطُرق التي تعيد للمسرح المدرسي تواجده الفعلي والحقيقي لبناء جيل واع مثقف بأهمية المسرح. ومن الضروري أن يكون هناك حملة توعوية مشتركة بن وزارة التربية والتعليم والهيئات التي تؤمن بأهمية المسرح في توعية الكثيرين من المثقفين والمنفذين في الهيئات الثقافية الذين لا يعون بأهمية المسرح المدرسي وينظرون إليه على أنه مرتبة أقل من أن يكون له نصيب من الاهتمام في النشاط الثقافي المدرسي. يجب أن تكون هناك منهجية واضحة للتعامل مع المسرح المدرسي وأن يكون من الأساسيات في تعليم الطالب، وحتى تكون الصورة واضحة أنا مع التوصيات التي اتخذت في الاجتماع الأخير للمشرفين على المسرح في وزارة التربية والتعليم على أن يكون للمسرح مادة تُدرس ضمن المناهج المدرسية أو على الأقل يكون له تواجد رسمي من ضمن خطة نشاط المدرسة.
إن التطرق والتعمق في مشكلات الماضي وتدني تواجده سيكون مضيعة للوقت، والأهم أن يتم التخطيط للمستقبل بالشكل الجيد للمسرح المدرسي. إننا نحلم بأن يكون للمسرح المدرسي مظلة شرعية تؤمن بأهمية المسرح وتحميه وتدعمه من الذي لا يعي بأهمية هذا المتنفس الثقافي المهم للطالب والذي هو فرد وركن أساسي في المجتمع.
ويضيف الأستاذ أحمد السروي المشرف التربوي بإدارة تعليم أبها وعضو جمعية الثقافة والفنون بها: (المسرح داخل المدرسة باعتباره الفعل التنموي التثقيفي الذي يستطيع تفكيك إشكاليات تربوية من خلال قاعة الدرس باستراتيجيات الدراما في التربية والتعليم من جهة, كمنهج تفاعلي استطاع كسر قواعد التلقين المتبعة في مدارسنا, ومن خلال خشبة المسرح والمشاهد من المجتمع المحيط إذ يعتبر الحلقة الأصعب التي لم تستطع معظم الجهات التربوية إيجاد علاقات متماشية مع ما تراه إدارة النشاط الثقافي بالوزارة ولجان تطوير المسرح المدرسي بضرورة وجود المنجز الذي يحمل الفعل الثقافي الساعي إلى نشر ثقافته عبر بوابة اليوم المفتوح واحتفائية نهاية العام والمؤدية إلى حالة من التراكم المعرفي المهاري، في طل عدم وجود قناعات لدى الكثيرين ممن لا يدركون أهميته التربوية لطالب اليوم المتجاوز بإمكاناته ما تصورناه ذهنيا لسنوات طويلة في عدم قدرته معرفيا وتقنيا في التعاطي مع متطلبات العمل المسرحي داخل المدرسة وهذا يرتبط بشرطية إعطائه المساحة الممكنة للبحث والتجريب والتكيف مع (أبو الفنون), وفتح بوابة التواصل مع المؤسسات الثقافية المعنية فالعمل في نهاية الأمر هو عمل منظومة يتطلب جهداً وتخطيطاً للوصول إلى منتج يحمل القيمة الإبداعية).