ذهبت ذات يوم لإحدى المكتبات التجارية المعروفة بمدينة الرياض، وذلك لكي أزيد من دائرة المعرفة المسرحية لدي وتغذية عقلي بالغذاء المناسب له، وكنت أبحث عن كتاب يتحدث عن السينوغرافيا لعمل بحث ذاتي، فما كان مني إلا أن اختصرت الزمن واتجهت إلى أحد موظفي المكتبة لأسأله بكل حماس أن يوفر لي طلبي. ولكن جاء ما لم أكن أتوقعه، ليبادر طلبي بابتسامة ساخرة تحمل في داخلها كماً هائلاً من الازدراء والنظرة الدونية (ليس لشخصي) ولكن لطلبي، ثم هبت عاصفة هوجاء من فاه بجملة تقول (هوه انتو عندكو مسرح).
لا أخفيكم أنني صدمت من جملته التي ألقمتني حجراً ولم أستطع الرد عليه سوى بابتسامة المحبط المنكسر وعدت إدراجي والحيرة تتملكني. لماذا لم أرد عليه؟ مع أني أملك الشجاعة اللفظية والبدنية إن استلزم الأمر.
ولماذا لم أدافع عن عشقي وانهزم بهذه الطريقة؟ ولكنه الواقع في ذلك الوقت ويستمر إلى الآن. وهذا ليس تعزيزاً لكلامه (معاذ الله) ولكن لغياب إعلامنا المستمر عن المسرح. وعدم تقديم رسالته تجاه ابن من أبناء الثقافة بل وأب لفنونها.
وليسمح لي هذا الموظف وغيره من الزملاء المسرحيين العرب الذين ينتقصون من مسرحنا ويرددون مثل هذه العبارة في الكثير من المهرجانات بل وصل الحد بهم بأن حرمونا من بعض المراكز المتقدمة بسبب هذه النظرة الدونية بأن أقول لهم:
نعم لدينا مسرح ... لدينا مسرح نعشقه حتى النخاع ونتفانى من أجله، ونقدم أعمالا بطعم الشهد.
نعم لدينا مسرح .... لدينا مسرحيون قطرة عرق أجسادهم عندما يعملون بصمت في الخفاء دون انتظار الجزاء تساوي مئات الأعمال المسرحية.
نعم أيها المسرحيون العرب ..... لدينا هواة استطاعوا أن يقدموا أعمالاً تفوق ما يقدمه بعض المحترفين، وخير شاهد على ذلك مهرجان المسرح السعودي الرابع.
فما دعوناكم إلا لتروا مسرحنا وتعرفوا مستوى العشق الممتد بلا حدود . وتقرون بإبداع الهواة المحترفين.
نعم لدينا مسرح ........ مع قلة الإمكانات وضعف البنى التحتية وبقائنا لسنوات مشردين بلا جهة تعترف بنا، وآثرنا أن نحفر في الصخر ليفتخر بنا المسرح.
الفرق الذي بيننا وبين الكثير ممن يتناولون المسرح أننا اتخذناه هواية نستمتع بها ونحترمها ونستلذ بما نقدمه. ونعمل بعيداً عن الأضواء منهمكين في حبنا له بكل شموخ وأنفه.
وإذا كان الإعلام منشغلاَ بغيرنا من نجوم التلفزيون والسينما ونجوم الغناء فهذا ليس ذنباً اقترفناه حتى تنظروا لنا بهذه النظرة.
أيها المسرحيون: دمتم بود تتبادلونه مع عالمكم المسرح.
(ما ذكرته آنفاً وجهة نظر محب لا تفسد للمسرح قضية)
nif_123@hotmail.com