تناولت هذه المجلة التي اعتدت على مطالعتها بين الفينة والأخرى يدفعني إليها تنوع قضاياها المطروحة، وبينما كنت أتصفح هذه المجلة شدتني كلمة (البدوي) في أحد العناوين، لأن البداوة تجذبني بكل ما تحمل من معان.
بدأت قراءة المقال فوجدت هنالك اختلافا في الرأي بين الدكتور عبدالمحسن القحطاني وسهام القحطاني.. عندما رأى الدكتور بأن المرأة لا تصلح لرئاسة النادي لأسباب متعددة يراها هو، مما أثار حفيظة الأخت سهام فبدأت مهاجمة إياه تارة ومدافعة عن المرأة بأخرى.
إن من البديهي جداً وما يعرفه الجميع هو أهمية المرأة منذ آدم وحواء.. وكتب الكثير من التنظير حول المرأة وأهميتها وحقوقها ولا أريد الخوض في هذا المضمار لأن الكتب والمقالات الكثيرة تنضح بها.. ولكن ما أود قوله إن المرأة لا تقل أهمية عن الرجل، فكما أن هناك رجلا ذا رأي سديد وحكمة رشيدة وفكر واسع فهناك أيضا امرأة ذات (شور) صائب وسعة في الأفق وحنكة ودهاء (محبب)، وأيضا كما أن هناك صورة سيئة لبعض الرجال في مجتمعنا يقابله أيضا نموذج رديء لبعض النساء في واقعنا.. بعيدا عن الجنس ذكرا كان أم أنثى، فإن الإنسان يقاس بما قدّمه للمجتمع من فائدة.. وحسب ما قرأت هنا لا ما سمعت.. فإنني اتفق مع أختي وأطابقها أيضاً.. أمثالها الرأي في ضرورة البعد عن التمييز ضد المرأة - وأعجبني أنها عابت على الدكتور اعتماده على التعميمات الشخصية التي لا تعتمد على دراسات علمية.. ولكن ما لا أتفق معها فيه أن تحرم على الآخرين شيئا وتحلله لنفسها فأنتِ يا أختي الكريمة تتهمين البداوة بالتخلف والرجعية كما ورد في مقالتك: (البدوي يغلب المثقف) (القحطاني رجل بدوي في المقام الأول.. ومعايير الأمور تنطلق من تلك البداوة) (عجزه عن التخلص من تخلف المرجعية البدوية).
أريد أن أسألك يا أختاه.. علامَ اعتمدتِ في وصفك البداوة بالتخلف.. وما هي المصادر والدراسات التي استندت إليها لاطلاقك تلك الأحكام الشائنة بحق البداوة.
إن من الصعب ومن الخطأ الكبير أن نطبق مقاييس عصر له زمانه ومكانه وعاداته وأعرافه على عصر آخر - وكل ما أعرفه عن البداوة أنها أكرمت المرأة وقالوا عنها: (بنت الرجال ما تستحي من الرجال) وكانوا يتغنون بها وقت الشدائد فيقولون: أنا أخو فلانه (حتى في برنامج طاش ما طاش قال أنا أخو فريال، كما لا شك فيه أن البدوية كانت تشاطر الرجل الرأي والعمل وأنها تقري الضيف في غياب زوجها وهي في خيمتها وحيدة.. وكانت البدوية فارسة وشاعرة ولكنها تتحرك حسب عاداتها وتقاليدها.. أما حالياً فهناك إضافة إلى ما سبق البدويات اللواتي يتقلدن مناصب عليا في الدولة في عدد من البلدان العربية.
وكما أعتقد حسب دراسات علمية إن فكر ابن البادية قد تغيّر بعض الشيء بسبب انتقاله من حياة البادية وما فيها من عادات وأعراف إلى حياة الاستقرار وما فيها من مدخلات متنوعة.
أختي: إذا رأيت أن (البدوي) القحطاني قد أجحف في حق المرأة ومطالب بالاعتذار للنساء فإنكِ تجنيت على البداوة رجالاً ونساءً ومطالبة بل عليكِ الاعتذار لهم جميعاً.
أخيراً.. قد أختلف معكِ في الرأي كما اختلفتي مع الدكتور لكني احترم فكرك وأجل ثقافتك العالية فإن تباعدت وجهات النظر في أمور فقد تلتقي في أمور كثيرة، ولن أنعت تفكيرك بأي تعبير قد يؤذي مشاعرك أو مشاعر أي قارئ وأدعوكِ للابحار أكثر في عالم المرأة في البادية ولكن في ظل زمانها ومكانها وعاداتها ولا ضير في أن نقرأ لكِ أو لغيركِ دراسات علمية متعمقة في هذا المجال..
مع احترامي وتقديري لكِ وللدكتور القحطاني.
د. منيرة محيل المصبحيين
جامعة الملك سعود - كلية مجتمع البنات - غرب الرياض
mo2006mo@maktoob.com