ثانياً، ليس المقصود من وضع مادة الفلسفة ضمن مناهجنا سوى حفظ شبابنا وناشئتنا، من خطر تلك الموجات الإلحادية التي تعصف بهم بين حين وآخر ، والتي لا يجدون لتلك الأسئلة التي تأتيهم جواباً، فيصبح شبابنا مع كل أسف محط استغفال واستضعاف من قبل التيارات الفلسفية الإلحادية.
لابد لنا، إذا نحن أردنا أن نحفظ شبابنا وأن نرتقي بعقولهم، من إقرار مادة إسلامية عقلانية تدعى الفلسفة، ولدينا ولله الحمد، علماء أكفاء متخصصون في هذا المجال، أي في الفلسفة الإسلامية، ففي السعودية هناك العلامة راشد المبارك أمد الله في عمره، وكذلك في خارج السعودية هناك العالم الكبير: طه عبدالرحمن، وهو أشهر الذين كرسوا حياتهم من أجل أسلمة هذا العلم.
إننا نعلم بأن هذا الموقف المتزمت الذي يمارس ضدَّ الفلسفة، ليس وليد اللحظة، وإنما هو موقف مُتَّبَعٌ، منذ أن عرف المسلمون الفلسفة، ولكن ومع ذلك لم يكن هذا الموقف محط إجماع، بل اختلفوا فيه مثل اختلافهم في أي قضية أخرى، وهو ما يجعلنا نؤكد بأن تحريم الفلسفة في القرن الثاني من الهجرة النبوية كان بدافع سياسي وليس بدافع ديني شرعي، أي أن الفلسفة عندما دخلت إلى بلاد الإسلام كعلم محض، كان المسلمون هم الأقوى على مستوى العالم ككل، ولم يكونوا بحاجة إليها، وإنما كانوا منشغلين بتأسيس علوم الإسلام، ولذلك فإن الفلسفة كانت مقصورة على خاصة الخاصة آنذاك، ولكننا اليوم أصبحنا أحوج ما نكون إلى تعلمها، بوصفها أحد دعائم النهوض وبوصفها لا تتناقض - بطبيعة الحال - مع الدين.
نشر الجزء الأول في العدد الماضي وسقط هذا الجزء سهوا
Maam1396@hotmail.com