قد نختلف كثيراً حول كنه هذه الفكرة التي جعلت من الشعر مجرد مناسبة عابرة.. بل نراها وقد أضحت أمراً طارئاً، وباتت على الطوى على نحو (يوم الشعر العالمي).. فلم يعد الشعر يذكر إلا في هذا اليوم!!
كأن هذا الانتباه في التعاطي مع الشعر يأذن للقطيعة أن تحل بينه وبين مريديه، وكأن الشعر لم يعد ملئ السمع والفؤاد منذ آلاف السنين.
هل أصبح الشعر نسياً منسياً إلى هذه الدرجة التي تجعلنا نضن عليه بيوم عالمي واحد فقط، ألم يعد الشعر أصيلاً صاهلاً فارهاً يعيش كل الأيام ويتنفس في كل الفصول.. يورق فكراً، ويدر لبن الفأل في المواقف العصيبة.
(يوم الشعر العالمي) أو (اليوم العالمي للشعر) رسالة قوية تؤكد أن هذا الفن الرائع في وضع قد لا يحسد عليه.. فإما أن يكون قد طاله شيء من النسيان أو هو بحاجة إلى إحسان ولو بيوم وكأنه عامل كادح، أو أم مكافحة، أو شجرة، أو موقف إنساني باتت تطأه حوافر النسيان وتدمره نوائب الزمان.
الشعر ليس بحاجة إلى من يؤبنه في يوم واحد فأمجاده إن قتل تحتاج إلى أيام وأسابيع من كل عام.. أما وإن كان الشعر متألقاً حاضراً فلماذا التنادي بيوم واحد من كل عام سؤال نريد له جواباً يحدد البعد الحقيقي فإما أن يؤكد غيابه وضرورة التذكير بحضوره، أو ينفي عنه صفة التلاشي ويناوئ هذه الفكرة التي تحجم الشعر وتطيح بمكانته.
لمحمود درويش من فلسطين، ولعبدالرزاق عبدالواحد من العراق، ولسليمان العيسى من سوريا ولأحمد عبدالمعطي حجازي من مصر، ولمحمد الفيتوري من السودان، ولمحمد الثبيتي من السعودية ولشعراء كثر من كل أرجاء الوطن نسوق هذا السؤال فإن كان العالم قد أهمل الشعر، فهل تخلى عنه شعراء العربية؟!
