سعدت بقراءة ما كتبه أخي ظافر بن محمد المبطي في العدد 248 من المجلة الثقافية معقباً على ما كتبته عن (العبداللات) في العدد 246، وإني إذ أشكره على تفضله بالقراءة والكتابة أود أن أبين ما هو من قبيل الاجتهاد الذي هو سبيل كل هذه المداخلات. جاء في مداخلة الأستاذ ظافر قوله: (وقياساً فهم لم يفرقوا بين التاء المربوطة التي هذا جمعها وبين الهاء في لفظ الجلالة (الله) وهم بلا شك وقعوا في الخطأ من ناحية العبودية، ولكن أنقذهم من تبعات ذلك الخطأ، خطأ لغوي آخر، وهو تحويلهم (آل) إلى (ال) التعريف فأصبح الاسم بهذا التحريف (العبداللات) وهذا أسلوب وصف وليس أسلوب إضافة والعبودية لا تصح إلا بالإضافة). وأحسب أنّ الذين جمعوا بالألف والتاء لم يخلطوا بين تاء مربوطة وهاء لأنهم في الظاهر لا ينطقون الهاء فاللفظ عندهم (عبد اللا) وهذا شائع في لهجات العرب اليوم، والأمر الثاني أن الألف والتاء إنما ألصقتا باللفظ إلصاقاً، بغض الطرف عن نهايته، كما تلصق بعد (رجال) لتصير (رجالات)، وتجدها في مثل (قطارات).
وأما إدخال (ال) في أسماء الأسر فليس من قبيل التحول من (آل) بمعنى (أهل) إلى (ال التعريف)، وليس بينهما سوى هذا التقارب اللفظي. وأما (ال التعريف) هذه فاعتاد الناس إدخالها على الألقاب التي يتلقبون بها مثل (الأصقه أو الصليع أو الشوشان)، ولما جعلت هذه الألقاب أسماء للأسر عمم الاستعمال فأدخلت (ال) على أسماء الأجداد أيضاً حين جعلت أسماء للأسر كأنها ألقاب لهم مثل (صالح وحسين وعلي) فقيل: الصالح والحسين والعلي. ومثلها (عبد القادر، وعبد الخالق، وعبدالله) صارت: العبد القادر والعبد الخالق والعبدالله. وأما قوله (والعبودية لا تصح إلا بالإضافة) فقول غامض غريب فما الذي يقوله في الأسماء (زين الدين، صلاح الدين، أبا حسين) إذا أدخلت (أل): الزين الدين، الصلاح الدين، الأباحسين).
وأما كون الثلاثة الأخيرة في أصلها من قبيل المضاف والمضاف إليه فلا يضير؛ لأنهم استعملوها استعمالاً وظيفيّاً، فأصبحت عندهم مركباً إضافيّاً في قيمة المفرد الواحد فالاسم (عبد الله) وإن يكن من لفظين في الظاهر هو في دلالته لفظ واحد مثل دلالة الاسم (زيد). بل إن بعض أسمائنا عوملت معاملة المركب المزجي وكتبت كالكلمة الواحدة مثل (البنعلي: ابن علي) و(البراشدي: بو راشدي). وأمر عدّ المتضايفين مركبّاً قديم، قال سيبويه (الكتاب،2: 226): (المضاف والمضاف إليه بمنزلة اسم واحد منفرد، والمضاف إليه هو تمام الاسم، ومقتضاه ومن الاسم، ألا ترى أنّك لو قلت: عبداً، أو أميراً، وأنت تريد الإضافة لم يجز ذلك). وقال(الكتاب،2: 96) (وابن عرس يُراد به معنى واحد كما أُريد بأبي الحارث وبزيد معنى واحد). والبحث في هذا واسع أجاده بحثاً ودرساً الدكتور علي المعيوف في رسالته للماجستير (المركب الاسميّ في كتاب سيبويه)، وقد نشرها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية (1428هـ).
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«7987» ثم أرسلها إلى الكود 82244