أول مرة ألتقي فيها الدكتور محمد عبده يماني كان عام 1392هـ بالدمام إذ حضر بتوجيه من الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ليلقي محاضرة ثقافية وكان وقتها يوعز ويشجع على إقامة أنشطة ثقافية في الأندية الرياضية.. وكما أذكر أن المحاضرة كانت عن العلوم وتطورها وقد أقيمت في صالة الغرفة التجارية المتواضعة، وحتى عدد الحاضرين كان متواضعاً، وأعتقد أن أغلبهم كان من منسوبي إدارة التعليم إذ إن الرجل كان يعمل وقتها وكيلاً لوزارة المعارف للشؤون الفنية..
انتقل بعدها كوكيل فمدير لجامعة الملك عبد العزيز بجدة.. وحقق عملين اشتهر بهما؛ الأول هو (مؤتمر الأدباء الأول) بمكة عام 1394هـ والثاني الأسبوع الثقافي اليمني بجدة في العالم التالي.. وسريعاً ما انتقل للرياض في أول تشكيل وزاري في عهد الملك خالد - رحمه الله-. وعرفنا في عهده ماذا كان يجري في اجتماعات مجلس الوزراء من مناقشات وما يتخذ من قرارات، إذ كان في السابق يكتفي بعبارة (إنه تم دراسة ما أدرج على جدول الأعمال واتخذ القرارات اللازمة) فقط.
قبل تسع سنوات وأثناء إقامة حفل اختيار الرياض كعاصمة للثقافة العربية.. كان محمد عبده يماني هو المتحدث نيابة عن أدباء المملكة في الحفل الافتتاحي الكبير.. وفي اليوم التالي يأتي أستاذي عبد الكريم الجهيمان إلى مصر ليلحق بي أثناء معرض الكتاب الدولي بالقاهرة 1999م وكان فرحاً مسروراً وممتناً من تصرف الدكتور اليماني.. إذ بعد نهاية إلقاء كلمته تخطى الصف الأول للصف التالي حيث يجلس الجهيمان فسلم عليه بالتحديد، وبعد عودتنا للرياض، وكنا كالعادة نلتقي بين وقت وآخر في منزل الجهيمان هاتفت اليماني وشكرته على موقفه وأعطيت الهاتف للجهيمان الذي كرر كلمات الثناء والامتنان.. فرد علينا بأن هذا واجب عليه فتقدير الرجال واجب وطني.. فكرر دعوة صديقه عبد المقصود خوجة ليستضيفه باثنينيته المعروفة بجدة.. وسبق أن وجه الدعوة للجهيمان فاعتذر منه.. ولكنه بعد إلحاح الدكتور اليماني وافق وكانت المناسبة في بداية عام 1421هـ، واستقبلنا وكنت طلبت منه أن يعطيني فرصة لتسجيل لقاء معه ضمن برنامج (التاريخ الشفهي للمملكة) الذي تنفذه مكتبة الملك فهد الوطنية فاشترط أن يحضر معي للمنزل الأستاذ الجهيمان وسيدعو بعض الوجوه الثقافية في الحجاز على حفل يليق بمقامه.. وفعلاً تم اللقاء وتم التسجيل وحضر التكريم في الإثنينية وألقى كلمة بليغة استعرض فيها ما قدمه الجهيمان للمجتمع من جهود تربوية وإعلامية وغيرها..
قلت إنني معجب بالدكتور محمد عبده وأتابع جهوده وما ينشره فهو متعدد المواهب فالرجل من أوائل من تخصص في العلوم رغم أنه يزاول عمله التربوي والإعلامي وأخيراً التخصص والكتابة عن الثقافة الإسلامية خاصةً والقضايا الاجتماعية عامةً.. بحكم هوايتي المتواضعة.. وبحثي في صحفنا القديمة عن أول مقال وقصيدة كتبها روادنا وكنت أنوي جمعها لتصدر بكتاب قد أسميه (بداياتهم مع الكتابة).. ومن بينهم من أتحدث عنه.. لقد وجدت أن أول مشاركة له في الصحافة وهو طالب بمدرسة الفلاح الثانوية بمكة المكرمة. وجدت صفحة (حصاد الطلبة) التي يشرف عليها عبد الكريم نيازي، ففي عددها الثالث لسنتها الأولى من صحيفة الأضواء (العدد التاسع الصادر يوم الثلاثاء 10 محرم 1377ه الموافق 16 أغسطس 1957م) نجد وضمن (بريد الأسبوع) (الأخ محمد عبده يماني - مدرسة الفلاح بمكة: كلمتك عن نهضة الصحافة لا بأس بها.. إلا أن هذا الموضوع طرق كثيراً وقتله كثيرٌ من الأدباء بحثاً.. لذلك نعتذر عن نشرها.. ونأمل أن تبعث إلينا بغيرها).
ونجد في العدد التالي من (حصاد الطلبة) مقالاً لينشر له بعنوان (إلى الأمام دائماً) وقد أصبح من يشرف على الصفحة الأستاذ عبد الله عبد الرحمن جفري والذي علق في نهاية المقال بقوله : الحصاد : نحن نؤيد الكاتب فيما قاله.. ويكفينا أننا اتخذنا لأنفسنا أملاً يحدونا.. ومبدأ يقوي من عزائمنا. ومن سار على الدرب وصل).
ونجد طموحه يتنامى ويزداد، إذ نشر في العدد الثامن من الصفحة - حصاد الطلبة- في 24 جمادى الثانية 1377هـ قصة (من أجلك يا بديع) ويكتب عليها القصة الفائزة بالجائزة الثانية.
وتكون هذه القصة هي المدخل لعالمه القصصي والروائي.. إذ عرفنا إلى جانب أعماله الأخرى.
- اليد السفلى، مشرد بلا خطيئة (قصص) الرياض 1399هـ - 1979م.
- فتاة من حائل (رواية) جدة، تهامة 1400هـ - 1980م.
- جراح البحر (قصص) الرياض، تهامة 1402هـ - 1982م.
ويجب الإشارة إلى أن مشاركاته في (حصاد الطلبة) ليست هي البداية فقد وجدت له في صحيفة (البلاد السعودية) (العدد 2280 وتاريخ 18/ربيع الأول/1376هـ الموافق 24 أكتوبر 1956م) مقالا في صفحة (من أدب الجيل الجديد) تحت عنوان (المعركة تبدأ).
تحية تقدير وإعجاب لمن تخطى السبعين من عمره وما زال شاباً عاملاً فاعلاً باقتدار.