** تمر الأيام وفي ذهن صاحبكم عالم الجيولوجيا الذي حاضر لنا عن صعود وصخور القمر، وإذ لم نكن من الكبار لنجد مقعداً فقد ظللنا واقفين على أطراف أقدامنا مصغين بكل حواسنا في فناء النادي العربي بعنيزة علّنا نرى المحاضر أو نفهم المحاضرة.
** وقبله حفظنا: (اطلع المجلس على جدول الأعمال واتخذ حيالها القرارات المناسبة)، ومعه بدأنا نعرف أن لمجلس الوزراء قرارات ومداولات في قضايا الناس اليومية وهمومهم المعاشية.
** وقبله كان الرقيب صارماً، يمنع بلا حدود، ويأذن بقيود، وحين صار وزيراً بدأنا نرى كتباً كانت تدخل خلسة، وتقرأ سراً.
** ويحكى موظفوه في وزارة الإعلام بعضاً من جوانبه الشخصية المشرقة تواضعاً وحلماً وتفهماً وحباً للخير وسعياً بأسبابه.
** ورغم مضي ربع قرن على تركه العمل الوزاري فما يزال حاضراً في المشهد الثقافي والاجتماعي، وتسمع - حين يجيء ذكرهُ - ثناءً جميلاً عليه، ويواجهه نقدٌ متصلف فلا يثُور ولا يجور، وتعرضَ له فئام في المعرض الدوليّ الأول للكتاب ؛ فلم يغضبْ لنفسه، ووجد في حب الناس له أقوى دفاع.
** يحب سيِّدنا وشفيعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ دون أن يميل ويتمايل، ويُطبِّل ويمثِّل، ولم يأبْه بمن غلوا ومن قلوا، وسواء شاءوا أم أبوا فسيبقى ذكر الحبيب وتذكره: فداؤه النفس والمال والولد.
** وهذا الملف قراءةٌ في سيرة هذا الرجل ومسيرته، ولعله مقدمة تحفز أستاذنا ومحبيه لتقديم تجربته الأكاديمية والإدارية والاجتماعية بصورة أتم رغم التحفظات التي يبديها حول هذا المشروع.
***
** (محمد عبده يماني) إنسان نأى بموقِعه وإيقاعه عن الصخب، فعرف بلطفه وعطفه، وحزمه وعزمه، وتجدده وتجديده، ونأيه عن الجهويّة والعنصرية؛ فلم يعد ابن مكة البار، بل ابن الوطن الكبير.
* الانتماء وفاء.