كان الزميل القدير عبدالله السمطي قد نشر في عدد سابق قراءة أثار فيها قضية (اقتباس أو تناص أو سرقة) الروائي المعروف يوسف المحيميد في روايته (القارورة) ما كان قد طرحه الروائي الرائد إبراهيم الناصر الحميدان قبله بعقود في روايته (دم البراءة) حيث جاء طرحه منهجياً علمياً خالياً من الانطباعات الشخصية والتحليلات الانفعالية..موردا نص ما جاء في الرواتين.. وتاركاً للقارئ الحكم والقرار الأخير بعد أن يقف بنفسه على القضية المطروحة.
بطبيعة الحال.. تفاعل الوسط الثقافي (إلكترونياً) حول القضية بين قائلٍ بمشروعية أن يتناول أي مبدع ما قد سبقه إليه آخر دون أن يحسب هذا تناص أو اقتباس فضلاً عن ان يستحيل إلى سرقة أو سطو..؟!
بينما رأى آخرون أن هذه القضية لابد أن تؤطر ضمن أطر معرفية وثقافية واضحة تحدد المسوغات المنطقية والموضوعية لمثل هذه القضايا.. واعتبروا ان ما حصل سرقة صريحة وسطو واضح لا يحتمل غير هذا التفسير.
(الثقافية) سألت المعني بالأمر الأستاذ يوسف المحيميد واكتفى بالقول (لا تعليق) ونحن بدورنا لن نعلق..!! أما الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان فكان مجمل حديثه يدور حول المطالبة بأن يطرح النقاد رأيهم في هذه القضية وان يقولوا كلمتهم.. لأنه لم يقرأ رواية المحيميد أصلاً (القاروة)؟؟!!
مؤكداً على أهمية الابتعاد عن (شماعة) توارد الأفكار.. ومتسائلاً عن الحقوق الإبداعية والأدبية وكيف يمكن حفظها لأصحابها..؟!
وهنا كان لزاماً علينا أن نلتقي أحد النقاد الأكاديميين فكان صديق المشهد الثقافي السعودي د. حسين المناصرة.. والذي يرعى وبقوة أن المسألة لا ترقى لان تكون قضية.. إنها أمر متاح طبيعي للغاية.. ولو قلنا بما يطرحه السمطي وما يعتبره سرقة وسطوا من قبل المحيميد على الناصر.. فسنلغي معظم إن لم يكن جُل المنتج الروائي العربي والعالمي.. فكل عمل أدبي أو روائي ينهض على عمل آخر دون أن يحسب هذا على أنه سرقة.. هو باختصار تكامل.. هو نتاج طبيعي جداً فالأحداث ليست حكراً لأحد والحكايات تروى وتوصف بِنَفس يتميز ويختلف عن نَفَس آخر وهكذا.
أما الناقد عبدالله الغذامي فقال: يا بني القضية لا تحتمل الجدل هي محسومة سلفاً.. فإن كان الحدث الذي يقول الأستاذ عبدالله السمطي أن الأستاذ يوسف المحيميد (سرقة) من الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان.. أقول إن كان هذا الحدث قد وقع فهو ليس بسرقة، ومن حق أي شخص أن يرويه بالطريقة التي يراها..
أما إن كان هذا الحدث من بنات أفكار إبراهيم الناصر ثم جاء يوسف المحيميد وأعاد روايته فالقضية حتماً (سرقة)..!!
وحول عامل (الزمن) الذي يقول عنه البعض أنه يلعب دوراً محورياً في تحديد مثل هذه القضية قال الناقد الغذامي.. ليس لعامل الزمن أدنى علاقة في تحديد هذه القضية سرقة أم غير سرقة.. فالحدث متى ما وقع سواء بالأمس أو قبل ألف سنة فهو حق متاح ومشروع للجميع كل يرويه على طريقته وكيفما شاء.. المسألة فقط يحددها وقوعها على أرض الواقع من عدمه.. فإن حدثت فهي ملك للجميع وإن لم تحدث فهي ملك لمن أبدعها وكتبها..
** هذه أبرز ملامح قضية التناص والاقتباس أو قضية (السرقة) ويبدو أن الرؤية أصبحت أكثر وضوحاً.. شكراً جزيلاً للجميع.