من العجيب أن يطلب أحد التشكيليين أن تكون صفحاتنا ساخنة وحادة نسلط فيها السهام والسياط على الآخرين، وهو الأسلوب الغابر الذي لم يعد له مكان في هذه المرحلة المتسمة بوجود الذائقة الراقية عبر الطرح الجاد المتعقل؛ احتراماً للقارئ المثقف المعاصر الذي أصبح يبحث عن المعلومة الجديدة التي تتيح له المقارنة واختيار الكلمة الصادقة الواعية. أما الأكثر عجباً فهو أن هذا الفنان الذي يطالب بكشف عيوب غيره يعرف أننا غضضنا الطرف عن كثير من أخطائه وسرقاته التي رصدها أحد النقاد.
من المؤسف حقاً أن يبقى في مجتمعنا التشكيلي مَن يستعرض ويتتبع عيوب الآخرين أكثر من تتبع حسناتهم، والنظر إلى الجزء الفارغ من الكوب دون الاهتمام بالمساحة الممتلئة منه.
نعود لنطرح السؤال على الفنان ذاته لعلمنا أنه يتابع الصفحة على رغم انتقاده الحاد لها: هل نبدأ به ونستعرض تاريخه الحافل بالأخطاء، أم نستمر في غضّ الطرف احتراماً للساحة ولمن اقتنوا أعماله؟!
نقول له ولكل من لديه الرغبة في التشفي بعيوب الناس: إننا نعيش عصر الثقافة الراقية والمنافسة الشريفة التي تدفعنا إلى العطاء في هذه المرحلة التي يصفها الكثير بالعصر الذهبي للفن التشكيلي.
نختم رسالتنا بالقول: إن الساحة لا زالت تتقاذفها الأمواج نتيجة ازدواجية التفكير وتدني مستوى الوعي بما يجب أن تكون عليه الساحة، والسفينة التشكيلية تفتقد ربانها، والأمل في الجمعية بات ضئيلاً، ولهذا فإننا عبر الصفحات التشكيلية نستهدف المثقفين والقراء لنصبح من خلالها الخلاصة التي نرى أنها تشرف هذا الفن وتستحق أن يُشار إليها.