قبل سنوات بعيدة نشر أحد الرسامين (كاريكاتوراً) معبراً وتحته تعليق مختصر (الإنسان الصفر) تأملت في كاريكاتور الفنان، وهو عبارة عن رأس ضخم وكرش ويدين وقدمين. كل ذلك في بقعة كروية واحدة تمثل إنساناً بلا أبعاد أطلق عليه (الإنسان الصفر).
قلت له يا اخونا يا ابن الحلال هذا تشويه وجناية: فهل هناك مثل هذا الإنسان في الحياة. تبسم كعادته وقام بحركة بهلوانية حلوة وقال: كثير. ستتأكد أنت بعد ذلك أن هناك الإنسان الصفر والإنسان الثعلب والتمساح والحرباء والأفعى. وسوف أتعب لو حاولت الاستمرار في العد. ولكنك سوف تراهم أمامك وفعلاً حصل!
- لقد قالوا: إن الإنسان ليس غيره الذي يتغير من مخلوقات الله.. هل رأيتم نمراً يدلس على مدربه أو فيلاً يغش أو أرنباً يكذب أو خروفاً يعقد اتفاقية مع الذئاب ضد مصلحة بني جلدته؟!.
الإنسان هو المخلوق الوحيد الغامض المتداخل الذي يخرج رأسه أو (يده) أو رجله أو لسانه عند اللزوم وعند المصلحة الذاتية إنه المخلوق الوحيد الذي يحتاج إلى دراسة قبل دراسة أي شيء آخر.. لكن على مين يكذب الذي يدعي أنه هو الإنسان الأمين والكامل!
هذا الإنسان الذي خدعوه بقولهم له إنه ذكي - إنه يحفر مكانته الاجتماعية، بل هي هوة سحيقة سيجد نفسه فيها فيما بعد.. تماماً مثل قصة الذئب والثعلب، يومها سوف يتلفت فلا يجد من ينقذه لأن كل من حوله قد جرح هذا وأصاب هذا وركل هذا عندها فلا هو خارج من حفرته ولا صوته يصل إلى من أوقعه فيما هو فيه!!
وسوف يكون أمره في النهاية في أيدي هؤلاء المكلومين من حوله ينهشونه بأظافرهم وأقلامهم!!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244