من أكثر ما يميز الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري أصالته التي لم تهزها عواتي عواصف الحضارة الحديثة، وارتباطه بجذوره التي ما أفلح زخم الماديات وإغراءاتها أن تقلعه عنها، فجذوره ضاربة في أعماق ثوابت أمته وتاريخها الأصيل، منها يستمد توجهاته الروحية، ومنها تشرّب سمو خلقه، ورفيع صفاته.
ويظهر هذا الارتباط الوثيق بالأصول في شخصية الشيخ التويجري في أفعاله كما تظهر في أقواله، فكل من عرفه لمس فيه حسن الخلق، ولين الجانب والصدق وعفة اللسان واليد، والحلم والكرم، وباختصار هو يجمع كل الصفات الحميدة التي يشرف بها الإنسان وترتفع بها مكانته.
وحسن الخلق إنما يكون منعه وحارسه التقوى ومراعاة الله تعالى، وهي أي - حسن الخلق - من أكثر ما يحبب الناس في شخص ما، مثلما هي أكبر ما يقرب الإنسان من الله تعالى ومن رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهي التي تجعل الرجل من خيار الناس بمقياس الدين الحنيف، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول (إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً) متفق عليه.
وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً) الحديث.
ولعل الحلم من أكثر ما يزين شخصية الإنسان والشيخ التويجري يملك من هذا الخلق النبيل النصيب الأوفى، وهي خصلة يحبها الله تعالى، كما يحبها خلقه؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لاشح عبدالقيس (إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، ومالا يعطي على سواه).
ومن الصفات التي يتصف بها الشيخ التويجري صدق الحديث فهو يتحرى الصدق وإذا عاهد أوفى وإذا تعهد نفذ والصدق من صفات المؤمن التي دعا لها الله ورسوله. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى اللجنة، ومايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً) الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: (تحروا الصدق وإن رأيتم أن الهلكة فيه فإن فيه النجاة).
ولاشك أن الرجل الصادق الأمين يكون دائماً موضع الثقة ومحل الأمانة؛ لأن الصادق لا يكون خائناً ولا مخادعاً ولا غشاشاً ولا نماماً، وربما كانت هذه الصفة مع صفات أُخر شبيهات لها هي سبب ثقة أولي الأمر في الشيخ التويجري وتقليده أعلى المناصب التي تحتاج للأمانة والصدق والعفاف.
ومن الصفات التي تزين شخصية الشيخ التويجري التواضع، وقد صدق عليه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (وما تواضع أحد لله إلا رفعه)، فبقدر تواضعه رفعه الله في المناصب، كما رفع مكانته في قلوب الناس، ورفع ذكره فسارت بحسن سيرته الركبان وتحدثت به المجالس وسطرته الأقلام.
فالشيخ التويجري اجتمعت فيه صفات الإنسان المؤمن: مكارم الأخلاق والصدق والتواضع والعلم الغزير والعقل الرزين، أحكمته تجاربه وخبراته الواسعة في ميادين الإدارة والثقافة والأدب والتاريخ والسياسة، فزادته حكمة وبعد نظر، وتروياً في كل الأمور والقرارات، فهو يسكته الحلم وينطقه العلم والفكر النير السديد، لا ينطق لسانه إلا بالخير، كما يقول الشاعر:
عود لسانك قول الخير تنجُ به
إن اللسان لما عودت يعتاد