لَو كانَ يَخلُدُ بِالفَضائِلِ فاضِلٌ
وُصِلَت لَكَ الآجالُ بِالآجالِ
مما لا شك فيه أن رحيل الرجال البارزين الذين خدموا وطنهم بكل جدٍ وتفانٍ له وقع في النفوس وهذه سنة الله في خلقه.
كيف البقاءُ وباب الموت مُنفتحٌ
وليس يغلق حتى ينفد البشرُ
وهذه كحال معالي الأستاذ عبدالله العلي النعيم -رحمه الله- الذي توفي بعد حياة حافلة بالأعمال الجليلة والسمعة المضيئة، وذلك في يوم الأحد 14-6-1446هـ، وتمت الصلاة في جامع الراجحي بعد صلاة عصر يوم الاثنين 15-6-1446هـ، ووُورِيَ جثمانه الطاهر في مقبرة النسيم - شرق الرياض.
ولقد كانت ولادته في مدينة عنيزة عام 1350هـ، وعاش طفولته بين أحضان والديه، وبعد بلوغه السادسة من عمره ألحقه والده بالمدرسة العزيزية بعنيزة وهي من أوائل المدارس التي أمر الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بافتتاحها عام 1356هـ، حيث درس بها إلى الصف الخامس، ثم بعد ذلك درس عند عدد من المشايخ في عنيزة منهم الشيخ عبدالرحمن السعدي والشيخ عبدالرحمن بن عودان والشيخ محمد المطوع والشيخ عبدالرزاق عفيفي -رحمهم الله جميعاً- وذلك لمدة سنتين تقريباً؛ مما كون لديه مخزوناً من العلم الشرعي واللغوي، وبعد ذلك اعتمد على نفسه في طلب الرزق متوكلاً على الله.
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها
من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على (أَحدِ)
بدأ حياته العملية في الصرافة ثم افتتح دكاناً وذلك لمدة سنتين، بعدها سافر إلى الظهران كبقية الشباب آنذاك لطلب الرزق وكان عمره 18 سنة حيث عمل في محطة بنزين في بقيق، وبعد ذلك عمل في خط الأنابيب فترة من الزمن، ثم عاد إلى عنيزة فعمل مدرساً ثم وكيلاً لثانوية عنيزة لمدة ثلاث سنوات، وانتقل إلى جدة وكيلاً للثانوية النموذجية لمدة سنة، ثم عاد إلى الرياض مديراً لمعهد المعلمين بعد افتتاحه وذلك عام 1377هـ.
في عام 1380هـ تم ترشيحه ليكون مديراً عاماً للتعليم في منطقة الرياض واستمر إلى عام 1385هـ، بعد ذلك عُين أميناً مساعداً لجامعة الرياض آنذاك (جامعة الملك سعود حالياً)، وفي عام 1396هـ تم تعيينه أميناً لمدينة الرياض واستمر فيها إلى عام 1411هـ، وكان طيلة عمله مثالاً للجد والاجتهاد والإنتاج. وقد ترأس عدداً من الجمعيات والمؤسسات العلمية مثل رئاسة مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية، ومركز الملك سلمان الاجتماعي بالرياض. كما أنه مؤسس ورئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الصالحية بعنيزة، وكذلك رئيس مجلس إدارة شركة الغاز والتصنيع الوطنية وعضوها المنتدب وذلك لمدة أربعين عاماً، وعضو في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ورئيس مجلس أمناء المعهد العربي لإنماء المدن.
وقد حصل على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة وكرم من قبل عدد من الدول العربية والأجنبية، وله عدة مشاركات في كثير من المؤتمرات والمحافل المحلية والدولية، بالإضافة الى ذلك فهو متحدث متمكن وله اهتمامات بالكتابة والتأليف فقد صدر عنه عدة كتب تحدث فيها عن الإدارة والعمل التطوعي وعن سيرته الذاتية.
ولي مع أبي علي - رحمه الله - ذكريات جميلة، حيث كان أول لقائي به بعد أن تم تعييني مديراً لمعهد المعلمين بحريملاء وذلك عام 1379هـ ذهبت له حينما كان مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، واستفدت من بعض التوجيهات في إدارة المعهد والأنظمة ومتابعة المعلمين والطلاب وكل ما يخص مهام عمل المدير، فاستقبلني بصدر رحب، وكانت له زيارات توجيهية لنا في معهد المعلمين بحريملاء وكذلك للمدرسة الابتدائية التي كنت مديراً لهما مستفيداً من توجيهاته. واستمرت علاقتي بالفقيد طوال السنوات الماضية مع تبادل الإهداءات من الكتب فيما بيننا، آخرها إهداؤه لنا كتابه «بتوقيعي: حكايات من بقايا السيرة» الذي أصدره عام 1442هـ.
تغمد الله أبا علي بواسع رحمته وألهم أخاه الفاضل الدكتور عبدالعزيز وابنه المهندس علي وبناته وكافة أسرة النعيم ومحبيه الصبر والسلوان.
تولّى وأبقى بيننا طيب ذكره
كباقي ضياء الشّمس حين تغيبُ
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف