دعا اقتصاديون، إلى استمرار سياسة عدم السماح بوجود عجز في ميزانية المملكة ، بهدف الوصول إلى «الميزانية الصفرية» بحيث لا تتجاوز المصروفات الإيرادات، وقالوا: إن الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1435/1436هـ تحمل في طياتها مؤشرات إيجابية ستنعكس إيجاباً على تطورات الاقتصاد السعودي، وذلك عن طريق ضخ استثمارات جديدة في شريان الاقتصاد الوطني.
وقال الدكتور إحسان بوحليقة لـ«الجزيرة»: يوجد حاليا تخطيط من أجل الوصول إلى «الميزانية الصفرية «، بهدف عدم السماح بوجود عجز، بمعنى أن توازي المصروفات الإيرادات ولا تتجاوزها ، وهذا الأمر اتبع مسبقاً في إدارة الرئيس الأمريكي ريدل.
وأضاف: هذا هو الأسلوب المتبع الآن، وسنشاهد كيف يطبق، وهناك تطلعا أن يكون الحد الأعلى للإنفاق هو ما وضع في الميزانية ، ويقدر بحوالي 855 مليار ريال، ولكن عند مراجعة الإنفاق الفعلي ومقارنته بالإنفاق التقديري عبر السنوات الماضية ، نجد أن هناك تجاوزا ، فدائماً الإنفاق الفعلي يتجاوز التقديري بنحو 15% إلى 20% .
وتابع: نتمنى أن يكون العام 2014 بداية مرحلة جديدة ، وأن يكون سقف الإنفاق هو 855 مليار ريال كما تم إعلانه في الميزانية ، كما نتمنى أن تتجاوز إيرادات عام 2014 مبلغ 855 مليار ريال، معللا ذلك بأن التقديرات المبنية عليها الإيرادات في الميزانية متحفظ عليها كالعادة ، لأسباب مبررة ، نتيجة لتذبذب إيرادات النفظ لاعتبارات كثيرة تتعلق بالسوق العالمية .
واستطرد قائلاً: «من المفترض إتباع مثل هذا النهج مستقبلاً في إعداد الميزانية ، وأن يكون سقف المصروفات هو ما ورد في مرسوم الميزانية ، وأن يذهب أي احتياطي أو فائض يتحقق، إلى الاحتياطي العام للدولة بطبيعة الحال ، وفي حال قصور الإيرادات عن تقوية المصروفات المقرة في الميزانية ، أن تستوفى من الاحتياط العام للدولة وهذا أسلوب سيحقق نقلة نوعية كبيرة».
ويضيف: الآن ، التحدي الكبير هو حجم النمو ، حيث المستهدف أن يتجاوز نسبة الـ5% كما تتطلع الخطة الخمسية التاسعة ، خصوصاً فيما يتعلق بمساهمة القطاع الخاص ، حيث نلاحظ أن هناك تباطؤا عند مقارنة نموه في العام 2013 مقارنة بالعام 2012 . لذا يجب بذل الجهود لتحفيز نمو القطاع الخاص ، والسبب (وفق بو حليقة) هو أن السنوات القادمة من 2014 إلى 2017، من المتوقع أن تمر السوق النفطية ببعض المتغيرات التي قد تؤثر على الإيرادات النفطية بالسلب ، وبالتالي تؤثر على نمو الاقتصاد ككل ، وللتعويض عن هذه الاحتمالية ، لابد من تحفيز نمو القطاع الخاص للتأكيد أن الاقتصاد السعودي يحقق نمواً بوسائل متنوعة ومتصاعدة ، وهذا تحدٍ كبير وليس أمراً سهلاً ، وتجربة المملكة في تعاملها مع الأزمة المالية في عام 2009 بزيادة الإنفاق ودفع النمو بعدة برامج من المحفزات كان له أثر واضح .
وقال الكاتب الاقتصادي فهد الصالح لـ«الجزيرة»: الملاحظ على توقعات ميزانية عام 2014م، أنها متحفظة ومتعقلة في تخطيطها وتوقعاتها الاقتصادية المستقبلية وهذا التحفظ برأيي منطقي ومبرر نظراً للتغيرات والمشاكل الكبيرة على مستوى العالم والظروف الحالية بالمنطقة وما قد يطرأ عنها من متقلبات اقتصادية وسياسية، وهذا يستلزم بطبيعة الحال أن تكون الدولة متحفظة بقدر الإمكان، ومن أبرز تلك التغيرات والمشاكل الأوضاع المتلاحقة والمتغيرة على صعيد الشرق الأوسط والمنطقة العربية والتغير الذي قد يطرأ على القطاع النفطي وهذا يتطلب النظر بعين الحذر للمستقبل القريب.
ومع ذلك يلاحظ استمرار الدولة في ضخ المشاريع التنموية في ميزانية العام 2014م، حيث سيعمل ذلك على تعزيز التنمية المستدامة من خلال التركيز على قطاعات التعليم والصحة والخدمات والمشاريع البلدية والطرق والمياه والدليل على ذلك تخصيص مبالغ مالية تفوق ما تم صرفه خلال العام الماضي على قطاعات التنمية يأتي في مقدمتها قطاعات الخدمات التعليمية والصحية ومن ثم الخدمات البلدية، فقد تم تخصيص210مليار ريال لقطاع التعليم، وأيضاً تخصيص 108 مليار ريال لقطاع الخدمات الصحية، وتخصيص 39 مليار للخدمات البلدية. وتابع الصالح من المهم جداً إتباع مثل هذا النهج مستقبلا عند إعداد الميزانية ، خصوصاً أن الاحتياطي العام قد زاد بحمد الله خلال التسع سنوات الماضية بمعدلات عالية حيث ارتفعت الفوائض من 143 مليار في عام 2004م، إلى 2352 مليار في عام 2013م، وهذا دليل على أن المملكة بحمد الله تعيش مرحلة استثنائية في تاريخها من حيث الوفرة المالية والاقتصادية، وهذا يستلزم أن تأخذ في احتياطها ما قد يطرأ مستقبلاً من أحداث قد تؤدي إلى حصول عجز وبالتالي تستطيع الدولة من هذا الفائض الاحتياطي معالجته. وأضاف: مازال الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية مستمراً ، وبأكثر مما تم خلال السنوات الماضية ، فلو نظرنا لقطاع الخدمات البلدية نجد أن معدل الإنفاق في ميزانية العام القادم تزيد بنسبة 8.33% عن العام الماضي، وفي قطاع التجهيزات الأساسية والنقل زاد معدل الإنفاق بنسبة 2.46% عن العام الماضي، وبهذا نجد أن الدولة في ميزانيتها قد هيأت سبل النمو المضطرد لكافة القطاعات التنموية والحيوية من خلال توفير البنية التحتية الداعمة لكافة الأعمال الاقتصادية.