قلت ذا ت يوم إن الإعلان يشكل العمود الفقري للصحيفة الناشرة.. فهي تبحث عنه في كل مكان وتعطي عمولات مجزية لجالبيه، وتقدم حسومات تشجيعية للمعلن المتعامل معها.. والمعلن يقصد غالباً الصحيفة المقروءة والأوسع انشاراً لضمان وصوله إلى قلب المستهلك.. لا أريد التحدث عن تفاصل المردود المادي للصحيفة بزخرفة الإعلان وتشويقه بالألوان الزاهية المستدعية للقارئ، ولا أريد التحدث عن المعلن ومدى مكاسبه، ولا سوف أتطرق عن مكاسب الصحيفة من الإعلان الذي لولاه لجفت منابع الصحيفة وتراجعت عن النشر.. فالدنيا أرزاق، طالما المسألة تحكمها أطر واتفاقات تجارية محكمة بين الطرفين.
كلما أردت قوله عن الفوائد المرجوة من الإعلان ومدى انعكاساته على المستهلك والسلعة المعروضة حينما يكون العرض أكثر من الطلب.. فضلاً عن التلاعب ما قبل وما بعد الإعلان من قبل المعلن المسوق لبضاعته، فهذه الإعلانات هي بمثابة فخ لاصطياد الزبون في الوقت الذي فيه يعرف مكسبه وخسارته فيوهم بذكاء ودهاء تجاري بحت المستهلك بتنزيلات كبرى، بينما هو تحايل للوصول إلى المستهلك بأي ثمن.. وكمثال نورده هنا بأن سعر هذه السلعة مائة وستون ريالاً قبل الخصم، وبعد الخصم أصبح سعرها مئة وعشرين ريالاً، إذن أضحى مكسبه يقع في منطقة ضبابية. ومستحيل أن يكون خسراناً، ولكنه تنازل بطيب خاطر لأجل عيون المستهلك وكسب زبائن والذين هم لا أقول مغفلين، ولكنه التأثير الإعلاني على من يتهافتون على هذه التخفيضات الدعائية.. التي لا أريد حصرها لطول شرحها.. اللهم لا حسد للطرفين الناشر والمعلن.
الشيء الملاحظ تصاعد وتيرة «الإعلان» في السنوات الأخيرة، ما بين الصحافة والتلفزيون، وإن كان الأخير الأكبر في مداخيل الرساميل الإعلانية. وهذا ليس بموضوعنا، بقدر ما موضوعنا هو الإعلان التجاري المبوب بالصحيفة وما يصدر من ملاحق عنه، بإعداده وإخراجه بامتياز، حتى أن الصحف تعتني عناية فائقة بالإعلان وتبني علاقات جيدة مع المعلن، وتحرص على استرضائه بسرعة نشر إعلانه، وهو يا يخلق الكثير من المشكلات داخل المؤسسة الصحفية ما بين إدارة الإعلان وإدارة والتحرير بالصحيفة. علماً أن إدارة التحرير تتفهم جيداً مدى أهمية الإعلان بالنسبة للصحيفة، وأن أتى ذلك على الكثير من موادها التحريرية.. حينما يعطل الالتزام مع المعلن مواد تحريرية كثيرة. ولكن هناك تعاون على مضض بين الإدارتين بحيث لا يموت الذئب ولا تفني الغنم.. بمعنى آخر لا تفقد الصحيفة الإعلان ولا تتأخر المواد التحريرية.
آه يا هذا الإعلان كم مرة أردت أن أعلن احتجاجي عليك ككاتب عطلت الكثير من مادة ومقالة صحفية من المفترض نزولها وقت الحدث، فكم أنت من عدو وصديق في آن، عندما أتذكر تجربتي معك، تلجمني الدراهم التي هي وسيلة مراهم، لتلين تروس مكنة الطباعة وترطب الأجواء في كمية المنشور الذي يعقبه الدر المنثور من مكافآت مجزئة عمت بنفعها الكثير ممن ينضوون تحت مظلة واحدة متوحدة إدارة وتحريراً.. فيا سيدي المعلن..طالما أنت الخصم والحكم.. هنيئاً لك تأجيل الكثير من المواد الصحفية، طالما تعطر الأجواء بأريج الفلوس فتصمت النفوس..!!