مشروع برج مستشفى بريدة الطبي والذي وقّع عقد إنشائه عام 1426، أي قبل ثماني سنوات وانتهى العمل منه قبل عدة أشهر، مثال صارخ لتعثُّر المشروعات والسلحفائية في التنفيذ. ثماني سنوات من توقيع العقد وترسية المشروع والتباطؤ في التنفيذ هو السمة المواكبة لكل مراحله بدءاً من توقيع العقد بقيمة تصل إلى 200 مليون إلى مراحل التنفيذ على مدى طويل قارب الثماني سنوات. في خضم فرحة الناس بالانتهاء من إنجاز البرج أوصدت أبوابه لمبررات تداولها الناس ومنها الانتظار لحين استلام المشروع من الشركة المنفذة، وقيل إن السبب الرئيس عدم تأثيث البرج وتزويده بالأجهزة الطبية، وإن الجهات المسئولة عن التجهيزات في وزارة الصحة هي السبب المباشر في التأخير غير المبرر، إذ كان المفترض أن توقّع عقود التجهيزات والتأثيث أثناء تنفيذ المشروع دون أن يظهر أحد المسئولين ليوضح ملابسات الإغلاق. إقفال البرج كل هذه المدة حرم كثيراً من المرضى من الاستفادة من خدماته، وهو البرج الضخم والذي يُعد بحق معلَماً حضارياً للمدينة بجماليته البادية من الشكل الخارجي، وطاقته الاستيعابية البالغة 400 سرير.
الكثير من سكان المدينة يمنون أنفسهم بأن يكون تشغيله بكفاءة مع تطوير مستشفى الملك فهد التخصصي بداية حقيقية لتحسن الخدمات الصحية في المنطقة بعامة ومدينة بريدة بخاصة، ونهاية فعلية لمعاناة السكان من سوء أداء المستشفيات الحكومية ومن الأخطاء الطبية القاتلة، ومن الإهمال وضعف الإدارة، ومن تدني مستوى الكفاءات الطبية، ووقف للمبررات المستمرة والأسطوانة التي طالما كررها المسئولون بعدم وجود أسرَّة شاغرة، وهي الأسباب التي أدت إلى وفاة أكثر من مريض، وخصوصاً غرف العناية المركزة بقلة أعداد الأسرَّة فيها، وربما وزعت في أوقات دون عدالة بين المرضى دون مراعاة للوضع الصحي. بعض الأسر المقتدرة مالياً تتجه بمرضاها للمستشفيات الأهلية خشية ضياع الوقت، وتدهور حال المريض، لكن ماذا تفعل الأسر غير القادرة؟
لم أكن أعرف شيئاً عن هذا المشروع الكبير، ولا أملك أي معلومات عنه. كنت أتحاشى حتى المرور من الشارع الرئيس قبالة المستشفى المركزي العتيق والمتهالك لأسباب قد تكون حاضرة لدى البعض فقد ودّع الحياة من فوق أسرّته أهلٌ وأقارب وأحباب في فترات متفاوته. يوم أمس تحديداً كنت بصحبة صديق عزيز في سيارته. مررنا مع ذات الشارع تفاجأت بالبرج العملاق سألته ما هذا، أجابني مسهباً في الحديث كونه يعمل في القطاع الصحي الأهلي.. هذا - سلمك الله - مشروع برج مستشفى بريدة الطبي وهو مغلق منذ الانتهاء من تنفيذه قبل ثمانية أشهر بحجة عدم تجهيزه، وجاء تشييده ليكون بديلاً للمبنى القديم لمستشفى بريدة المركزي أقدم مستشفيات المنطقة إذ تم تشييده عام 1375هـ أي قبل ستين عاماً تقريباً، ولأهل بريدة في ذلك الزمان قصة لا تُنسى ففي عام 1376هـ، وهي السنة المسماة بسنة “الهدام” لتهدم البيوت إثر الأمطار الغزيرة والمتواصلة نزح السكان للبحث عن مكان يحميهم من الغرق فتوجهوا للسكنى في غرف وممرات المستشفى حتى يأتي الله بالفرج!
السؤال الموجه لوزارة الصحة إلى متى سيبقى البرج مغلقاً؟.. وهل التأثيث والتجهيز يستدعي هذه المدة الطويلة؟ وأخيراً هل ستعيِّن الوزارة كوادر إدارية مؤهلة لإدارته، وكوادر طبية مميزة لمعالجة المرضى؟.. هذا ما يتمناه الجميع وبأسرع وقت قبل أن تتحول أدوار البرج التسعة لخرائب.