تعتبر المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي وقعت على ميثاق هيئة الأمم المتحدة والذي تم سنّه 1945م وبتمثيل عالٍ من المملكة حيث تم التوقيع عن طريق الملك فيصل -رحمه الله- عندما كان وزيراً للخارجية في عهد والده الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وهو دليل على اهتمام المملكة بهذه المنظمة الدولية لكي تكون أداة لحفظ كرامة الشعوب وصون الأمن والسلم الدوليين وهو الأمر الذي لم يتحقق في كثير من المواقف بسبب الخطأ الذي حصل مع بداية إنشاء هيئة الأمم المتحدة في نظام التصويت داخل مجلس الأمن الدولي عندما أُعطَيت خمس دول حق النقض (الفيتو) من بين أعضاء مجلس الأمن البالغ عددهم خمسة عشر عضواً حيث استعملت هذه الدول الخمس في الغالب هذا الحق لرعاية مصالحها بغض النظر عن مصالح المجتمع الدولي وأكبر دليل على ذلك مواقف الولايات المتحدة حيال القرارات التي عرضت على مجلس الأمن الدولي حول القضية الفلسطينية حيث استعملت الولايات المتحدة حق النقض حيال غالبية هذه القرارات إذا كانت تمس بمصلحة إسرائيل بغض النظر عن مشروعية وسلامة تلك القرارات.
كما أن القرارات التي صدرت من مجلس الأمن الدولي لصالح الشعب الفلسطيني لم تنفذ لعدم قيام مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل تحت الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم المتحدة لتنفيذ هذه القرارات ومنها القراران (242) و(338) اللذان يطالبان إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنه 1967م كما حصل مع العراق بعد احتلاله الكويت وهو احتلال بالطبع غير مشروع، حيث ألزم مجلس الأمن الدولي العراق بالانسحاب وهو الذي لم يحصل إلا بالقوة كما هو معروف.
إذ يلاحظ خلل في المعايير هنا فالمجتمع الدولي يتدخل عسكرياً لإجبار العراق من الانسحاب من الكويت خلال أقل من سنة من احتلاله الكويت في حين لم يفعل ذلك مع إسرائيل التي مضى على احتلالها للأراضي الفلسطينية أكثر من ستين سنة.
من جانب آخر يلاحظ في قضية سوريا أن روسيا وهي إحدى الدول التي مُنحَت حق النقض (الفيتو) عرقلت صدور أي قرار من مجلس الأمن ينهي مأساة الشعب السوري الذي يتعرض للإبادة من نظام بشار الأسد.
وروسيا اتخذت هذا الموقف رعاية لمصالحها إذ تقول تارة: إن سوريا في ظل نظام الأسد تعتبر بوابتها للشرق الأوسط وتارة يقال: إن روسيا تخشى من حكومة الثوار بعد سقوط الأسد من أن تؤثِّر على الوضع الداخلي الروسي باعتبار أن نسبة كبيرة من المسلمين الروس موجودون في جمهوريات القوقاز الروسية وغالبيتهم متعاطفون مع الثورة السورية.
إذاً الولايات المتحدة وروسيا في هذه المواقف راعتا مصالحهما ولم تراعيا مصالح الشعوب وهو أمر يتعارض مع عضويتهما الدائمة في مجلس الأمن الدولي ومع حق النقض الذي منح لهما.
وهو أمر يدل على سلامة موقف المملكة بالاعتذار عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن الدولي وهو الموقف الذي لقي ترحيباً دولياً وشعبياً من كثير من الدول والشعوب.
فالمملكة رشحت لعضوية مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة (176) صوتاً من أصل (193) صوتًا ومع ذلك فضلت الأخذ بالمبادئ على المظاهر وهو الموقف الذي أسس له الملك عبدالله -أيده الله- منذ حوالي سنتين عند استقباله العلماء والأدباء الذين شاركوا في مهرجان الجنادرية عندما انتقد مجلس الأمن الدولي على بعض مواقفه المزدوجة، كما أسس له سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل خلال حضوره لقاء الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً حيث لم يوجه خطاباً من منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة كالمتبع سنوياً بسبب ازدواجية المعايير المعمول بها في مجلس الأمن الدولي.
وفق الله بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لما فيه خير ديننا وشعبنا وأمتنا والسلام العالمي.