كلما اتسعت دائرة الفوضى في المنطقة العربية ازدادت مساحة نفوذ إيران وأذرعها الطائفية، ولهذا فإن هناك ترابطاً وتنسيقاً بل حتى تعاونٌ بين المؤسسات والدوائر الأمريكية التي عملت وتعمل على تنفيذ وترجمة الرؤية الأمريكية التي نادت بها وزير الخارجية الأمريكية السابقة كونزاليزا والتي اعتمدتها الإدارات الأمريكية كاستراتيجية في المنطقة والتي اصطلح الأمريكيون على تسميتها بـ(الفوضى الخلاقة)، وأنشأت لها مؤسسات ومراكز بحث وأدوات لتنفيذها على الأرض وتعددت الأساليب، فبالإضافة إلى تبني الدوائر الأمريكية لهذه الإستراتيجية ورصد الأموال لها، قامت السفارات ومراكز البحث بتمويل تكوين وإنشاء جماعات شبابية في أكثر من دولة عربية للقيام ببدايات خلق الفوضى الخلاقة، وقد أظهرت التحقيقات التي قامت بها الأجهزة القضائية في مصر تورط أكثر من منظمة شبابية تحت ستار جمعيات حقوق الإنسان والتنمية الديمقراطية، وتم استقدام العديد من الشباب في مصر ودول الخليج وبعض الدول العربية وابتعاثهم إلى دول أوروبية محددة أقيمت على أرضها مراكز تدريب لإعداد هؤلاء الشباب لإشعال الفوضى.
حدث هذا في مصر وفي البحرين وخطط له في الإمارات إلا أن الأجهزة الأمنية كشفت عن أعوانه وأدواته وتبين أن هناك تعاوناً ما بين المراكز الأمريكية وجماعات ما يسمى بالإسلام السياسي من السنة والشيعة معاً، فمن السنة، نسجت الإدارات الأمريكية قنوات اتصال وتعاون مع جماعات الإخوان المسلمين في مصر والأردن والإمارات والكويت وجرى صوغ تفاهم لتدريب عناصر إخوانية شبابية ناشطين سياسيين وحقوقيين لإثارة الاضطرابات لتغيير الأنظمة العربية القائمة، وعبر تفاهم غير معلن جرى التنسيق ما بين الدوائر الاستخباراتية الأمريكية والإيرانية لتهيئة العناصر الإيرانية للقيام بدورها في إملاء الفراغ الذي سيحصل بعد انشغال الدوائر السياسية والأمنية العربية، وهذا بالضبط ما حصل في العراق الذي تم الاستعانة بالإيرانيين وعملائهم في منظمة بدر وحزب الدعوة والمليشيات الطائفية التي دفعت عناصر للدخول إلى العراق في نفس وقت اجتياح القوات الأمريكية والبريطانية، وساعدتها قوات الاحتلال على أن تسيطر على مفاصل الأمن والإدارة والسلطة في العراق.
أما من الشيعة، فمن خلال اتساع دائرة الفوضى في لبنان وسوريا غضت أمريكا النظر عن التمدد وفرض النفوذ الإيراني شرق المتوسط بهدف إشغال القوى الإسلامية بعضها ببعض، ومثلما يتقاتل الشيعة والسنة في العراق يُخطط لإشعال معارك طائفية في لبنان، وساهم تدخل حزب حسن نصر الله في المعارك بين نظام بشار الأسد والثوار السوريين إلى إشعال حرب طائفية أكثر شراسة في سوريا من خلال مشاركة قوات الحرس الثوري الإيراني في المعارك وبهذا امتد النفوذ الإيراني إلى سوريا ولبنان مروراً بالعراق وكان مخططاً له أن يحصل على موضع قدم في مصر والبحرين إلى أن التحرك الاستباقي لقوة درع الجزيرة في البحرين والقوات المسلحة المصرية أحبط المخطط الأمريكي الإيراني المزدوج لإغراق المنطقة العربية في الفوضى الخلاقة.