حينما يتخلى المرء عن الانتماء الوطني الحق، ويقبل أن يتحول إلى أداة تتلاعب بها أيادي أعداء الوطن، فلا يستغرب من ذلك الشخص أن يدوس على القيم الدينية والإنسانية والسلوكية، وأولها معاداة الدولة التي ابتعثته للخارج وصرفت عليه في الداخل لإكسابه مهارات علمية وتدريبية، وبدلاً من أن يرد الدين للوطن والمجتمع ينخرط في تنظيمات وشبكات إرهابية تُدار من الخارج من نظام عُرف بعدائه لبلده ولكل أبناء جنسه من العرب، مورطاً أتباع مذهب بكامله، وهو الذي جعل من هؤلاء الأتباع فِرقاً للدفاع عن نظام مهترئ لا يعمل إلا من أجل بقائه على حساب انتماء أبناء المذهب وارتباطاتهم الوطنية والقومية ومصالحهم الشخصية.
ولقد نجح جهاز الأمن الوطني البحريني في منتصف الشهر الماضي في تفكيك شبكة تنظيمية سرية وإحباط مخططاتها الإرهابية التي تستهدف المساس بالأمن الوطني البحريني والإضرار باستقرار مملكة البحرين وتقويض الوحدة الوطنية والإساءة إلى النسيج الاجتماعي بكل مواريثه الحضارية والتسامح الذي عُرف به أهل البحرين، والعمل على ديمومة العنف واستهداف الأبرياء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.
وقد لاحظ المتابعون لهذا الإنجاز الأمني الرائع لجهاز الأمن الوطني البحريني أن عناصر هذه الشبكة الإرهابية، الذين قبلوا التآمر على وطنهم وأهلهم وتدمير مكتسباته الوطنية، يجمعهم للأسف الشديد الانتماء لطائفة معينة، وقبلوا ترجمة وتنفيذ تعليمات نظام عُرف بعدائه الشديد للبحرين بوصفها كياناً وطنياً ومملكة مستقلة، وسعيه الدائم للتفريق بين أهل البلاد.
شبكة الإرهاب والتخريب التي كشفتها الأجهزة الأمنية البحرينية، التي ضمت عناصر من الداخل والخارج، جميعهم لم تقصر مملكة البحرين معهم ولا مع المحيط الاجتماعي والمذهبي الذي ينتمون إليه؛ فجميعهم تكفلت الدولة بتوفير بعثات دراسية وتعليم جامعي لهم على حساب الدولة، ومنهم من حصل على منح دراسية حكومية داخل البلاد ومساعدات مالية وقروض إسكانية.
مثل هؤلاء المخدوعين الذين يعملون لتنفيذ مخططات أعداء بلادهم متوهمون أنهم يخدمون انتماءاتهم المذهبية، رغم أن كل المراجع الصادقة تؤكد أن الانتماء للوطن مقدَّم على المصلحة الخاصة المرتبطة بالطائفة، فالوطن مقدَّم على كل ما عداه، أما من يدعي خدمة أتباع المذهب ويورطهم في أعمال إرهابية ضد الوطن وضد أهل الوطن فهذا لا يقبله الدين ولا العقل ولا المنطق.
***